عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
مشكلات تطبيق قانون التصالح فى مخالفات المبانى
10 مارس 2021
د. صفوت قابل


تعد مشكلة مخالفات البناء من المشكلات التى لم تجد لها الحكومات المتعاقبة حلا، فكل قانون يحاول ان ينهى المشكلة يكون سببا فى تفاقم المشكلة والمزيد من التحايل على القوانين، ومع تزايد البناء دون ترخيص ومخالفات الشروط والبناء على الأرض الزراعية، حاولت الحكومة وضع حد لهذه المخالفات ولعدم القدرة على إزالتها وذلك من خلال إصدار قانون التصالح فى بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها وذلك فى أبريل 2019 ولمدة ستة أشهر من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية للقانون، ثم فى يناير 2020 تم تعديل هذا القانون للمزيد من التسهيلات، ولكن بعد شهور وفى يوليو 2020 قررت الحكومة تحصيل ما سمته جدية التصالح، ثم أخذت الحكومة فى مد فترة تلقى طلبات التصالح شهريا حتى مارس 2021، وهو ما يعنى ان القانون المؤقت فى التنفيذ أصبح له عامان ولم يغلق بابه، وفى بيان لوزيرالتنمية المحلية أمام مجلس النواب فى يناير 2021 أعلن أن عدد الذين تقدموا بطلبات التصالح فى بعض مخالفات البناء بلغ 2.7 مليون مواطن والحصيلة المالية بلغت 16.8 مليار جنيه، وكانت التقديرات ان إجمالى عدد المخالفات نحو ثلاثة ملايين مخالفة، مما يعنى ان استمرار تلقى الطلبات لن يأتى بحصيلة أكبر. ويمكن تحديد بعض مشكلات تنفيذ هذا القانون فيما يلى:



أولا: من المستندات المطلوبة للتصالح إثبات ان المخالفة كانت قبل القانون (قبل ابريل 2019) ويتطلب ذلك صورة ملتقطة من القمر الصناعى وهى غالبا لا يستطيع المخالف الحصول عليها، أو تقرير يثبت تاريخ المخالفة من إحدى كليات الهندسة، ونظرا لهذا الكم الكبير من المخالفات فيصعب الحصول على هذه الشهادة من خلال الفحص على الطبيعة، مما يخلق شكلا من الصورية والتحايل للحصول على هذه الشهادة، فلماذا لا تتعامل الحكومة مع المخالفات الموجودة فعليا وتتصالح معها وتغلق هذا الباب منعا للمزيد من التحايل واستمرار المخالفات.



ثانيا: من المعروف ان غالبية المخالفات فى القرى هى البناء خارج الحيز العمراني، لذلك على الحكومة ان تعلن للكافة الحيز العمرانى لكل القرى ليعرف كل مخالف هل هو أصبح داخل الحيز العمرانى الجديد وفق آخر تصوير جوى فى 2017 وعليه دفع قيمة التصالح أم انه خارج هذا الحيز العمرانى وعلى الحكومة ان تعلن قرارها فى ماذا ستفعل وهل ستزيل كل المخالفات خارج الحيز العمراني.



ثالثا: من المفترض وفقا للقانون تشكيل لجنة فى كل محافظة للبت فى طلبات التصالح، ثم رأت غالبية المحافظات ان تكون هناك لجنة خاصة بفحص طلبات التصالح فى البناء على الأرض الزراعية، وهو ما لم يتم غالبا حتى الآن، ونظرا لأن هذه المخالفات هى الأكثر فلم يحدث تقدم فى تنفيذ القانون، وهو ما يتطلب سرعة تشكيل مثل هذه اللجان أو زيادة العدد لتستطيع اتخاذ قرارها فى هذا الكم الكبير من المخالفات وإلا فسيستمر تطبيق القانون لسنوات طويلة.



رابعا: من السياسة السليمة ان يبدأ البت فى المخالفات بالمساحات الكبيرة لأنها تعطى انطباعا للكافة بان الحكومة جادة فى تنفيذ القانون على الجميع وأولهم ذوو النفوذ، ومن ذلك مثلا المخالفات على طريق القاهرة – الإسكندرية الزراعي، فمن يسير على هذا الطريق ولو كل فترة يعرف ان هذا الطريق لم يعد زراعيا فى أغلبه وتحول إلى منشآت تجارية، فعادة تبدأ المخالفة بتبوير الأرض وبالطبع لن يجد صاحب الأرض مسئولا يردعه، ثم يتم وضع بعض السيارات المتهالكة فى الأرض ثم يتحول المكان إلى معرض للسيارات أو الموتسيكلات أو أنواع النشاط المختلفة، فلماذا لا تعوض الحكومة أصحاب هذه المشروعات بقطع مماثلة فى مناطق صناعية وتعيد هذه الأراضى للزراعة، فنكسب استعادة أرض زراعية وتقليل السير بسيارات النقل على هذا الطريق المزدحم دائما.



خامسا: إذا كانت الحكومة تعاقب وتزيل ما يتم من بناء على الأرض الزراعية، فعليها هى ان تتوقف عن ذلك، فهناك مئات الأفدنة التى حولتها الحكومة إلى مشروعات تجارية تحت بند المنفعة العامة، أليست المنفعة العامة أيضا فى استمرار الأرض زراعية؟ وهى بصدد مشروع جديد بأن تخصص لبعض رجال الأعمال مساحات لإنشاء مشروعات صغيرة عليها حتى يجد العاطل عن العمل عملا فى قريته، وهو تفكير سقيم يؤدى إلى استمرار التكدس البشرى فى الريف وليس خلخلة هذا التكدس بتحويل جزء من العمالة إلى المدن الجديدة.



سادسا: المعارضون لقرارات الإزالة لما تم من بناء على الأرض الزراعية، يبررون ذلك بعدم صلاحية الأرض للعودة إلى الزراعة، وهذا تبرير غير سليم فمن الممكن إعادة الأرض للزراعة من خلال وضع تربة صالحة للزراعة فى العمق البسيط الذى تم تجريفه للبناء، ولدينا كميات كبيرة من ذلك نتيجة لعمليات تطهير الترع والمصارف.



سابعا: يطالب ملاك العقارات الذين التزموا بالشروط البنائية بعدم استكمال البناء على الأسطح (فيما يسمى الروف) بان يتم السماح لهم بذلك مثلما تصالح المخالفون بدلا من تحولهم إلى مخالفين هم أيضا، ومنطقيا لم يعد هناك مجال لبناء حجرات خدمات للغسل مثلا على الأسطح، فقد كان هذا مطلوبا فى زمن مضى أما الآن فلماذا يتكلف المالك مبالغ ليست قليلة لبناء ما يسمى حجرات الخدمات التى لا يستطيع الاستفادة منها، مما يجعل الأغلبية تخالف وتستكمل بناء المسطح، لذلك على الحكومة فى وضعها لشروط البناء الجديدة ان تتوقف عن السماح ببناء غرف الخدمات هذه وتحدد الارتفاع المطلوب لكل منطقة وتسمح ببناء كامل المسطح على قدر الارتفاع الذى تسمح به. هذه بعض مشكلات تنفيذ هذا القانون، وعلى الحكومة أن تسرع بتنفيذ إجراءات التصالح لتنتهى من هذه المشكلة وتمنع تزايدها وتحصل على قيمة المخالفات وليس جدية التصالح فقط.



> عميد تجارة السادات سابقا