فى مئوية ميلادها زينب محمد على.. مزيج بين الإبداع المصرى واللبنانى
تحتفل مصر اليوم بمئوية ميلاد فنانة تشكيلية رائدة صاحبة بصمة واضحة على الواقع الثقافى والفنى المصرى، وإن عز ما شاع عن سيرتها ومسيرتها الكبيرة التى امتدت من (1921- 2015).
مشاهد من الطبيعة بجمالها وتنوعها بين القطرين المصرى واللبنانى، شكلت قلب إبداع الفنانة زينب محمد على، والتى لا يعرفها الكثيرون من متذوقى الفن ومتابعيه وممارسيه. فهى فنانة رائدة تنتمى إلى فترة الأربعينيات من القرن الماضى، إذ كانت إحدى ركائز النهضة الفنية الثقافية فى تلك الفترة. فقد تبنت الفنانة الكبيرة مشروع حرية الفنان فى نقل المشاعر إلى اللوحة بالأسلوب التعبيرى الذاتى، بعيدا عن السائد آنذاك من أساليب النقل والتقليد للأعمال المنتجة سابقا. وتلك كانت ركائز رسالتها فى تعليم الطالبات أسس الابتكار والتعبير الحر بتقنيات الرسم الحديث.
وجاء انتدابها من قِبل وزارة المعارف المصرية (التربية والتعليم حاليا) للتدريس فى بيروت، وتحديدا بكلية المقاصد الإسلامية للبنات، ليضيف بعدا جديدا لمسيرتها الإنسانية ومشروعها الفنى. فقد ساهمت زينب محمد على فى تدعيم حلقة الوصل الفنى بين البلدين من خلال تنظيمها معارض لطلابها فى القاهرة وبيروت فى الفترة بين عامى 1946 و1954.
وشهد عام 1951 تحديدا المعرض الأول لطالباتها اللبنانيات فى قاعة المتحف المصرى الحديث بشارع قصر النيل بالقاهرة. وذلك العام ذاته الذى شهد أيضا إقامة معرض لأعمال الطلاب المصريين فى بيروت، بقاعة مكتبة كلية المقاصد الإسلامية، وافتتحه رئيس وزراء لبنان مع سفير مصر، حينذاك، وجيه رستم.
أما عن السمات الأساسية لأعمالها، فقد تنوعت الموضوعات السائدة فى أعمالها ما بين المشاهد الطبيعية فى مصر كصور من الحياة الريفية المصرية، وجماليات نهر النيل، وكذلك تفاصيل حياة وأعمال أصحاب الحرف والفئات المختلفة لـ «الصنايعية».
وحول الشق اللبنانى من أعمالها، فقد قدمت أعمالا تعكس جمال الطبيعة فى البلد الذى احتضنها إنسانيا وفنيا وأثر عليها لعدة سنوات، فضلا عن تصويرها بعض تداعيات نزوح اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضى اللبنانية عقب وقوع النكبة 1948. وجاءت لوحاتها مزيجا ما بين خامات الألوان الزيتية، والمائية، والجواش.
وحصلت الفنانة التى انشغلت بتنظيم المعارض لطلابها دون أن تنظم لنفسها معرضا واحدا فى حياتها، عدة جوائز من الدولة المصرية. وكان أبرز هذه الجوائز، جائزة أحمد محمد حسنين باشا، رئيس الديوان الملكى. وكان ذلك فيما كانت زينب مازالت فى مرحلة التعليم الثانوى، وإثر مشاركتها فى مسابقة على مستوى القطر المصرى، وظهر عملها الفائز ضمن معرض أقامه اتحاد أساتذة الرسم لأول مرة فى تاريخ مصر، بمتحف الشمع بشارع قصر العينى آنذاك، ورسمت زينب محمد على «المولد» و«الصيف فى الريف» و«من النيل وللنيل».
ولدت زينب فى الأول من مارس عام 1921، وتخرجت فى المعهد العالى للتربية الفنية للمعلمات عام 1946، وتدرجت فى المناصب، حتى تقلدت منصب موجهة عامة للتربية الفنية بالإدارة العامة لدور المعلمين والمعلمات بوزارة التربية والتعليم.وبعد انتهاء انتدابها للبنان، اختيرت عضوة فى لجنة تأليف «كتاب التذوق الفنى» لدور المعلمين والمعلمات، وذلك بالمشاركة مع الأستاذين الكبيرين محمود الشال، ومحمد حلمى شاكر. وبعد بلوغها سن المعاش، أعدت الفنانة الكبيرة بعض الكتب، أبرزها: «حصاد السنين من الطفولة الى الستين»، و«التربية الفنية فى 50 عاما من 1930 حتى 1980»، و«شخصيات لها بصمات على التربية الفنية من 1930 الى 1980».
ومن المفارقات أن أول معرض شامل لأعمال الفنانة الرائدة تمت إقامته بعد وفاتها بخمسة أعوام تقريبا، وذلك فى نهايات العام الماضى 2020، وبتنظيم من قطاع الفنون التشكيلية المصرى، حيث تم عرض أكثر من 70 لوحة من أعمال الرائدة الراحلة فى ظهور نادر لهذه الأعمال.