عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
«رسالة» نيتانياهو.. و«مكالمة» بايدن
20 فبراير 2021
شريف سمير


«الرئيس بايدن، تسود بيننا صداقة شخصية دافئة منذ عشرات السنين،أتطلع للعمل معكم لتعزيز التحالف الإسرائيلي-الأمريكي، والاستمرار فى توسيع دائرة السلام بين إسرائيل والعالم العربي، والتعامل مع التحديات المشتركة، وفى مقدمتها التهديد الإيراني. أتمنى لكم النجاح. بارك الله الولايات المتحدة الأمريكية.وإسرائيل» .. رسالة أنيقة هادئة من صديق حميم أو سياسى وديع، ولا يصدق أبدا من يقرأ كلماتها أنها صادرة عن لسان «صقر سياسي» متطرف فى مشاعره وأفكاره- ضد الحلفاء قبل الخصوم- كرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو، ليتخلى مؤقتا عن صلفه ونبرة العنف ويتحلى بأسلوب الخطاب المهذب لتهنئة الرئيس الديمقراطى ببدء رحلته الجديدة فى البيت الأبيض. اضطر نيتانياهو إلى المبادرة برسالته «الناعمة» إلى بايدن، كسرا للحاجز الذى وضعه الرئيس الأمريكى بينه وبين «الصديق الإسرائيلي» المدلل بتأخره فى الاتصال به هاتفيا.



وأثار تلكؤ بايدن الجدل فى الأوساط السياسية داخل إسرائيل، واستفز النخبة المقربة من نيتانياهو ليستشعروا من تصرف الرئيس الأمريكى حالة من الفتور والجفاء قد تصيب العلاقات بين واشنطن وتل أبيب. وسرعان ما انطلقت وسائل الإعلام والصحف الإسرائيلية نحو تحليل وتفنيد المشهد، لتتوقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن عهد بايدن لن يخدم خطط نيتانياهو للبقاء فى السلطة مثلما كانت الفرصة سانحة فى ظل وجود سلفه الجمهورى دونالد ترامب خصوصا مع اقتراب انتخابات الكنيست المقرّرة فى 23 مارس المقبل. واستشهدت الصحيفة بتصريحات جيرمى بن عامى رئيس المنظمة الأمريكية اليهودية «جى ستريت» التى أشار فيها إلى أن فريق بايدن الرئاسى هو نفسه الذى كان يتولى زمام الأمور منذ عام 2009 حتى 2017، فى إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، حيث عاشت إسرائيل أكثر فترات علاقتها توترا مع أمريكا. وتصطدم أطماع إسرائيل أيضا برؤية بايدن حول مستقبل القضية الفلسطينية، إذ يتبنى الرئيس الأمريكى خيار التفاهم عبر التفاوض وحل الدولتين وتجميد سياسة التوسع الاستيطانى فى الأراضى المحتلة لحين تسوية الصراع بصيغة أكثر اعتدالا. وهكذا يسير بايدن على درب أوباما، لتحذر «يديعوت أحرونوت» من إعادة القضية الفلسطينية إلى جدول الأعمال الأمريكي، وبما يعرقل الخطة الإسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن. وبقدر ما تزعج رهانات وأولويات« بايدن، مع أوروبا وإيران والفلسطينيين، حكومة نيتانياهو، يمكن للصقر المتشدد أن يستثمر مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة لصالح معركته الانتخابية. وذلك من واقع قراءة الكاتب الأمريكى جوناثان إس توبين فى مقال نشرته صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية، حيث رجح أن يتحول نيتانياهو إلى بطل شعبى يقاوم «التنمر» الأمريكى ويتحدى أسلوب بايدن ورجاله لحرمان الإسرائيليين من امتيازات فازوا بها من الرؤساء السابقين فى الولايات المتحدة. وأوضح توبين أن محاولات إحياء إدارة بايدن لسياسات أوباما ستمنح نيتانياهو الذخيرة القوية والمناسبة لإطالة فترة ولايته فى منصبه ومغازلة الشارع الإسرائيلى بعد أن أصبح مستقبله السياسى على المحك تحت وطأة فضائح الفساد.



والآن..بعد أن انقطع «الخط الساخن» الذى كان مفتوحا دائما مع ترامب، تأتى المكالمة «المتأخرة»من بايدن لتكشف عن صفحة جديدة، أكثر سخونة وتوترا، من العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية.