عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
‎منحة جورجيا.. وشبح أخطاء كلينتون وأوباما
9 يناير 2021
‎‎رشا عبدالوهاب


‎ «مجرد أغنية قديمة حلوة تبقى جورجيا فى ذهني».. على وقع نغمات أسطورة موسيقى الجاز الأمريكى راى تشارلز، احتفل ستينى هوير زعيم الأغلبية الديمقراطية فى مجلس النواب بانتصارات حزبه وبطى صفحة رئاسة دونالد ترامب. لم تكن جورجيا الواقعة فى عمق الجنوب الأمريكي، وإحدى ولايات «حزام الشمس» الحاسمة فى سباق الانتخابات الأمريكية، سوى الحصان الأسود الرابح للحزب الديمقراطى الذى حسم كفة ميزان القوى لصالحه ومنحه دفة القيادة التنفيذية والتشريعية.



فجورجيا ولاية جمهورية، ولم تنتخب أى ديمقراطى منذ 20 عاما، إلا أنها فى 2020 مالت لصالح الديمقراطيين، فانتخبت الرئيس جو بايدن، ووجهت صفعة أخرى للجمهوريين بانتخاب الديمقراطيين القس رافاييل وارنوك – 51 عاما- ليصبح أول سيناتور أسود عن الولاية، والمنتج الشاب جون أوسوف – 33 عاما- لمجلس النواب. هذا الفوز منح الديمقراطيين الغلبة فى النواب والشيوخ، حيث توزعت مقاعد «الغرفة العليا» بالتساوى بين الحزبين 50 إلى 50، وسيعود إلى كامالا هاريس نائبة الرئيس ترجيح كفة التصويت كرئيسة للمجلس، وبهذا سيطر الحزب الديمقراطى على كل من البيت الأبيض والكونجرس 117 بمجلسيه، النواب والشيوخ. وسعت نانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب إلى تأكيد أهمية هذا الفوز، وأشارت إلى ضرورة تمرير قانون «حقوق التصويت» للنائب الراحل جون لويس، أيقونة الحقوق المدنية ورفيق درب مارتن لوثر كينج كأولوية للديمقراطية. ومن المتوقع أن يسارع الديمقراطيون إلى تمرير حزمة الإنقاذ من تأثيرات كورونا، بما فى ذلك منح إعانات بطالة للعائلات الأمريكية بقيمة 2000 دولار شهريا. ووعدت بيلوسى بأن الحزب الديمقراطى الموحد سوف يحقق تقدما وصفته بالاستثنائى خلال الأشهر المقبلة. كما تعهدت بإطلاق خطة «إعادة البناء بشكل أفضل» مدعومة بنمو اقتصادى عادل. وهكذا، فإن امتلاك اليد العليا فى مجلس الشيوخ يمنح الديمقراطيين والرئيس جو بايدن القدرة على تمرير تشريعات كان ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية فى «الشيوخ» سيقف عائقا أمام تمريرها. وتضمن هذه السيطرة الديمقراطية بداية مريحة لرئاسة بايدن سواء فى المصادقة على اختياراته للمناصب المختلفة فى إدارته أو فى تمرير تشريعات وقوانين مهمة، حيث يتطلب تمرير أى إجراء حاسم من قبل الحكومة الفيدرالية أغلبية الثلثين أو أغلبية ساحقة فى غرفتى الكونجرس، بما فى ذلك التعديلات على الدستور. ورغم الانتصار الديمقراطى إلا أن هناك العراقيل التى وضعها الجناح المعتدل بالحزب ضد أحلام بعض الراديكاليين، حيث يسعى بعض الشباب من النواب إلى المطالبة بإلغاء ما يسمى بـ «حق التعطيل» أو المنع، وهو تكتيك يستخدمه بعض أعضاء مجلس الشيوخ لمنع تمرير بعض التشريعات حتى لو كانت من حزبهم. كما أن شبح التجديد النصفى للكونجرس فى نوفمبر 2022 يشكل تحديا للديمقراطيين، فإنهم سيكونون عرضة للخطر فى حالة تمرير قوانين لا ترضى هوى وطموح الناخب الأمريكى فى لحظة حرجة من تاريخ الولايات المتحدة حيث تقاوم وباء كورونا واستقطابات سياسية غير مسبوقة. وهذا الشبح الذى يواجه الديمقراطيين بعد أقل من عامين يعود إلى احتفاظهم بأغلبية «ضيئلة» فى مجلس النواب خلال انتخابات نوفمبر 2020 حيث خسروا 11 مقعدا أمام الجمهوريين. وتاريخيا، لم يكن أداء حزب الأغلبية جيدا خلال أول انتخابات تجديد نصفى مع تولى إدارة جديدة، وهو ما حدث بعد تولى بيل كلينتون منصبه عام 1993، حيث تمتع بأغلبية ديمقراطية فى غرفتى الكونجرس. وفى انتخابات التجديد النصفى لعام 1994، تعرض الديمقراطيون لهزيمة ساحقة فى مجلسى الكونجرس، مما أدى إلى ما أطلق عليه «الثورة الجمهورية». نفس السيناريو تكرر مع الرئيس الأسبق باراك أوباما، حيث دخل البيت الأبيض مسيطرا على الكونجرس، إلا أن تمرير القوانين ذات النكهة اليسارية كلفت الديمقراطيين انتخابات 2010. إن صراعات الأجنحة داخل الحزب الديمقراطى بين المحافظين والوسط واليسار والراديكاليين، تهدد أجندة بايدن نفسه، حيث سيميل إلى إمساك العصا من المنتصف لإرضاء الجميع. كما أن الأغلبية الديمقراطية الضئيلة فى «النواب» ستجعل مهمة بيلوسى فى السيطرة على المجلس أكثر صعوبة.