حل عام 2020 وحل معه الفيروس اللعين وقد تمنى الكثيرون لو لم يحسب هذا العام بين السنين ولا تسطر اشهره وايامه بين صفحات الزمان، وناجوا انفسهم ياليت هذا العام توارى فى الهاوية ولم يظهر فى النور، لما تركه من بصمات لاتمحى على صفحات التاريخ والايام، وما اكثر البشر المتفائلين بنهاية هذا العام وقد ترك خلفه دموع الحزانى وآهات الموجوعين والمتألمين حيث وباء كورونا الذى حمل الموت الى العالم وقد جال وصال فى كل بقاع الأرض واصبح الشغل الشاغل لكل وسائل الاعلام العالمية المرئية منها والمقروءة. وكنت اتأمل كيف استطاع هذا الفيروس الذى لايرى بالعين المجردة ان يرهب الملوك والرؤساء الاغنياء والفقراء الاقوياء والضعفاء وبرغم صغر حجمه الا انه، حجر العالم فقد اغلق المطارات والمدن والمحافظات، بل ابطال العالم اغلقوا على انفسهم ابوابهم صارخين ياليتك انسان فصارعتك، أو حيوان فقتلتك ياليتك كنت ظاهرا فقهرتك، لكنك ماكر وخفى تستتر بين كفي، وتقتحم مأكلى ومشربى وملبسى ومقلتى وعلى فراشى تبيت، فرقت الاحباء وعزلتهم، صارعت الاقوياء وهزمتهم، لم ينج منك عالم او طبيب قوى او ضعيف، اسلحتك ليست مادية، لاتهزمك الاسلحة التقليدية نووية كانت ام ذرية. لاتفرق بين دول عظمى او دول نامية. جعلت العالم كقفر، وبرغم انك اصغر الفيروسات لكنك صارعت اقوى المخلوقات، انتصرت وارعبت العظماء نشرت رائحة الموت، زرعت الخوف فى قلوب البشر فى طول الارض وعرضها.
ولكونى لاحول لى ولا قوة، فقد نعت هذا المرض بعام 2020 وناجيت نفسى متى يرحل هذا الوباء وبينما تراودنى افكارى هل يرحل هذا الوباء مع رحيل عام 2020 واذا أغمضت اجفانى ورحت فى غفلة، ورأيت شبحا لم أكن أعرفه، رأسه مغطى بالشيب ويسند قامته المنحنية عكاز . ووجهه مليء بالتجاعيد، فسألته فى حيرتى من تكون؟ من أنت؟ قال لى والرعب يملأ اوصالي، انا عام2020 انا من نعتونى بالقبح والامراض انا من لطختم اسمى وأشهرى وبنات ايامي. كنت اود ان أتوج على كل السنين ويذكر اسمى بين الخالدين، ولكننى سوف ارحل وانا من النادمين، سوف ارحل وتبقى أيامى يذكر فيها فيروس لعين، لست اعلم من شوه الآخر انا ام انتم يابنى البشر. هلم نعيد حسابتنا انا لم ألطخ تاريخكم، بل انتم من لوثتم تاريخى وايامي، شاءت الأقدار ان يحل فى ايامى هذا الفيروس، لكن هل نسيت يا انسان انك أنت من تصنع الوباء والأخطار، بتعديك على الطبيعة ومقدراتها. ألا تعلم ايها الانسان ان سواد القلب اقسى ظلما من سواد الليل، وتلوث الضمير والفكر اقوى من فتك الفيروسات، ألا تعلم ان روح التعصب وعدم قبول الآخر، اخطر من الوباء، ورائحة الأحقاد أبشع من رائحة الموت. لقد تقاتلتم فى حروب عدة دمرتم الأخضر واليابس وملأتم العالم بالصراعات والمفرقعات، وأسلحة الدمار الشامل، ثم تلومون السنين وتلعنون الايام والظروف، عليك ان تعلم ايها الإنسان انك انت من تصنع الظروف، انت من تصنع التاريخ، انت من تصنع الامراض، انت من تصنع المشاكل وانت من تصنع الحلول. وسط هذا الكلمات، وقفت خجولا عاجزا وحالى هو الحيرة والترقب، صرت مذهولا ..اهذا هو انا!، تلعثمت الكلمات داخلى ومن شدة كلماته استيقظت من غفلتي، ألوم نفسى ولا ألوم زمانى تذكرت بيت الشعر القائل: نعيب زماننا والعيب فينا.. وما لزماننا عيب سوانا، وما كان لى سوى ان صرخت لربى داعيا باكيا صارخا قائلا: ايها الاله العظيم رب السماء والارض
يامن قاس السماوات بالشبر! ويا من كال بالكيل تراب ورمال الارض! يامن وزن الجبال بالقبان. والاكام بالميزان. ياملك الكون ورب الارباب طمئن قلوب شعبك وخليقتك ارسل سلامك وشفاءك. وحول ظلامنا الى نور، وعسرنا الى يسر، لكى تعلم جميع اطراف الارض من مشرق الشمس الى مغربها انه ليس غيرك خالقا مصور النور وصانع السلام. أعطنا البصيرة والمعرفة فقلوبنا تتوجع، وعيوننا تتوجه اليك، ليس لنا ملجأ سواك، خلص عبادك من هذا الوباء.
> راعى الكنيسة المعمدانية بالقاهرة