عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
الطلقة الأخيرة
27 نوفمبر 2020
000;


أنا سيدة فى الأربعين من عمرى، وقد أصبت منذ عامين ونصف العام بسرطان الثدى، وبعد استئصاله دخلت فى دوامة العلاج الكيماوى والإشعاع، وخلال تلك الفترة زادت علاقات زوجى النسائية، وكنت قد أقنعت نفسى بأن ما حدث لى سيغير طبعه، ولم يحدث ذلك، فساءت حالتى النفسية، وحاولت احتواءه بلا جدوى، وكلما توسلت إليه أن يبتعد عن هذا الطريق يرد علىّ بأن علاقاته بهن لا تتعدى المكالمات أو المحادثات، وهذا ما أقنعت نفسى به، وبمرور الوقت لم أستطع التوافق مع أفعاله، وحدثت مشكلات عديدة، وخلال فترة علاجى الهرمونى أجريت لى جراحة لزرع ثدى عند طريق أخذ جزء من البطن، لكنها لم تنجح، ودخلت العناية المركزة لمدة أسبوعين، وكان كلما جاءنى فى المستشفى للزيارة يقول لى: «زهقت عايز أمشى» برغم وجود أخى وزوجة خالى معه، وهما من كانا يواسيانى ويسألان عنى باستمرار، وخرجت من هذه الجراحة، وأنا بعيدة كل البعد عنه وهو كذلك، وكنا فى فترة حظر التجوال بسبب فيروس «كورونا»، وأخذت أبنائى وأقمت فى بيت أسرتى، وتولت أمى رعايتى، وتحجج بأسباب واهية لكى لا يزورنا مما دمرنى نفسيا، علاوة على نظرته المدمرة لى ولشكلى، وبعده عنى فى «العلاقة الخاصة» بعد عودتى إلى بيتى، متعللا بمرضى.



ورحل أبى عن الحياة، فأقمت عند والدتى لأنها لا تستطيع الحركة، واتفقت معه على أن نقيم معها، ووجدها فرصة، وتمادى فيما هو فيه، فطلبت الطلاق أكثر من مرة لكنه لم يستجب، ثم وقعت مشكلة بيننا لأن سيدة راسلت بناتى على حساباتهن على «الفيس بوك»، ودخلت على حسابها من هاتف زوجى، وشاهدت صورته لديها، وعندما سألته عنها أنكر معرفته بها، وترك المنزل شهرا كاملا، وعرفت أنه لم يدخل منزلنا، وكان يبيت فى الخارج، واتصل به أخى، وحضر معه، وجلسنا معا، فإذا بالفجوة بيننا قد زادت وصارت أكثر اتساعا.



وبعدها اتصلت بى سيدة تدّعى أنها تعرف بزواجه من أخرى، وأبلغتنى بكل مواعيده عندها، وفى الميعاد الذى حددته لزيارته المقبلة لها، اتصلت بى، وقالت إنه عندها، فذهبت إلى منزلنا فلم أجده، فسارعت إلى عنوان المنزل الذى أعطته لى، فوجدت سيارته هناك، ولم أستطع الصعود لأن الوقت كان مبكرا، ولا أعرف الدور الذى به الشقة، وظللت أمشى فى الطرقات من السادسة صباحا إلى الواحدة ظهرا، ورجعت منزل والدتى أجر أذيال الخيبة، وقررت ألا أتحدث فى الأمر حتى ننتقل لمنزل آخر حيث إننا نملك شقة أخرى غير بيت الزوجية القائم بمنزل أخوته، لكن ظروفى الصحية، وترددى على المستشفى والأطباء حالا دون تنفيذ فكرة الانتقال إلى مسكن آخر، وتعرضت لانهيار نفسى، وبعثت له أخي، وأبلغه بأننى عرفت أنه متزوج بأخرى، وأطلب الطلاق، فبرر زواجه بمرضى وعدم حصوله على حقه الشرعي، وأنه لم يبلغنى بالزيجة الثانية لكى لا يجرحني، متجاهلا أن هذا الكلام فى حد ذاته جرح عميق فى نفسى.



لقد تزوجنا منذ سبعة عشر عاما، وحدثت خلال هذه الفترة مشكلات كثيرة بسبب كلامه الجارح عنى، واتهامه لى بالبرود وقلة النظافة الشخصية، ويعلم الله أنى كنت معه كما يريد، ولكنه يقلل من شأني، ويتهمنى بالتكبر بسبب فرق التعليم، وهو من أقارب أمي، ولكن طباعهم مختلفة عن طباعنا، وكان أبى وأمى قد انفصلا عندما كانت حاملا فىّ، وتزوج بأخرى، ولم يسأل عنى، وتزوجت أمي، وعشت معها، وعندما كان أحد الشباب يطرق بابنا لخطبتى يتساءل: مع من نتحدث.. مع أبيها ولا زوج أمها؟.. ولذلك وافقت على زوجى رغم الفوارق العديدة بيننا لمعرفته بأحوالي، وخلال فترة الخطبة لاحظت الطمع والطلبات المبالغ فيها، ولكنى تغاضيت عن ذلك، ورفضت آخرين حاولوا خطبتى، «وأنا مخطوبة»، وطلبوا أن أفسخها فرفضت لأننى لا أعرف الغدر.



إننى أعيش عذابا لا يطاق بسبب غدر زوجى بى، وتمّ طلاقنا مرتين، ويقلق من حولى الآن أننى فى انتظار «الطلقة الأخيرة»، لكنى لا أستطيع الحياة معه على الوضع الذى نحن عليه الآن، فبماذا تشير علىّ؟



 



ولكاتبة هذه الرسالة أقول:



 



من حقك أن تدافعى عن حياتك الزوجية، وأن يحتويك الرجل الذى اخترته من بين من تقدموا لك، كما أن قرابته لك تضاعف مسئوليته تجاهك، وبالطبع فإن انخراطه فى علاقات نسائية أمر غير مقبول، لكن زواجه بأخرى حق له خصوصا فى ظل الظروف المرضية التى تعانينها، وعليه أن يعدل بينكما، وتختلف ظروف كل زوج عن آخر، وليس هناك حكم واحد ينطبق على الجميع؛ فالزواج بأخرى الأصل فيه الإباحة شرعاً، ولكنه أحيانا يكون محرماً إذا لم يحقق الزوج العدل بين زوجتيه، وعليه قبل الإقدام على الزواج الثانى أن يدرس حاله جيدا ومستقبله ومستقبل أبنائه من الأولى، ذلك أن الزمن قد تغير، ونساء اليوم لسن كنساء الأمس، فمجرد زواج الرجل بثانية يعنى نهاية العلاقة بالأولى حتى ولو عدل بينهما، فتبدأ المشكلات ولا تنتهى إلا بواحد من اثنين إما الطلاق، أو الفراق والأزمات، ويكون الضحية هم الأبناء، وإذا مرضت الزوجة وجد الزوج من يشجعه على الطلاق وعلى التعدد ويبرر له الإهمال واللامبالاة، أما إن مرض الزوج فلا بأس أن تنصح الزوجة بمواساته والسهر على راحته وخدمته وكأنما ينتمى هو لعالم البشر أما هى فمن حجر!



وعلى جانب آخر هناك أيضا زوجات لا يتحملن الوضع الصحى لأزواجهن، ويطلبن الطلاق، وعليه فتحمل مرض الشريك يتطلب الوعى بقيمة العلاقة الزوجية وليس حصرها فى الرغبة الجنسية،



إن الواجب على زوجك أن يراعى مشاعرك ولا يصدمك بعزوفه عنك، بل ويسهر على راحتك كما يحب أن تفعلى أنت إذا كانت العلة فيه، وليعلم أن الصبر مع الوفاء أعظم أجرا، ولن يحول زواجه بأخرى دون العناية بك، فأرجو أن تتفهمى الوضع، وإن لم تستطيعى ذلك، فلا حرج عليك فى طلب الطلاق، وليغن الله كلا من سعته، وهو على شئ قدير.