عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
بايدن ورهانات جماعات الفوضى الخاسرة
24 نوفمبر 2020
أشرف العشرى


مع اقتراب اليقين الكامل بفوز الرئيس المنتخب جو بايدن بالانتخابات الأمريكية واستعداده للإقامة والحكم فى البيت الأبيض طيلة السنوات الاربع المقبلة .وفى المقابل الإقرار التدريجى من قبل الرئيس الحالى ترامب بالهزيمة وكتابة المشهد الأخير فى ولاية حكمه. فى ظل هذه التطورات الناشئة تتداعى دعوات خاطئة ومغلوطة من قبل بعض اصحاب الصوت العالى من مصريين وعرب من أصحاب الإقامات الطويلة فى انقرة والدوحة ولندن. وخاصة من عرف عنهم أنهم أصحاب مقومات نضال الفنادق والساخطون على دولهم وشعوبهم. بعد ان اختاروا الطريق الخطأ وتلاقوا فكريا وعقائديا مع مجاميع من أصحاب الفكر الخاطئ والمنحرف الذى يسعى دوما لتوفير حاضنة وغطاء لأعمال التخريب والهدم وتغيير خرائط بلدانهم والإقليم بالدم عبر الإرهاب والفوضي.



ومن أسف هناك فريق وهو قليل لايذكر فى الداخل سواء فى مصر او عواصم عربية يتماهى وينسجم مع فكر هؤلاء المنفلتين من كل عقال. حيث باتت مهمتهم الآن ومنذ التأكد بفوز بايدن التبشير بسنوات عجاف فى مصر والخليج والمنطقة. حيث الاخير سيلجأ لسياسات متعارضة ومختلفة عن نهج سلفه ترامب .ويروجون لأفكار وبرامج ومناهج مغلوطة وكاذبة عن حزم من العقوبات ولوائح من الضغوط ستمارس تجاه معظم دول المنطقة خاصة الكبرى فى العالم العربى .ولحبكة تسويق تلك الترهات يركزون جل دعاواهم تلك على ملفات حقوق الإنسان ومشاريع الديمقراطية.



فى تقديرى ان كل تلك التحليلات التى تنقصها الرصانة والموضوعية ماهى إلا أمنيات خادعة ورغبات لاتلامس الواقع .حيث إن الواقع القادم مع حكم الرئيس المنتخب بايدن سيكون مغايرا تماما لنهج وممارسات أوباما الذى يتخوف البعض فى المنطقة من ان يكون صورة من عهده او نسخة ممجوجة منه .خاصة ان الأخير اعترف بنفسه فى مذكراته الحالية المعروفة باسم الارض الموعودة بارتكاب أخطاء رفض الاعتراف بانها جسيمة بحق دول الإقليم والتعاطى معه دون دراية واحترافية.



وان سياساته فى المنطقة ربما بايدن وغيره من الفريق المتعاون مع اوباما فى ذلك الوقت بات على قناعة تلامس اليقين بأنها كانت كارثية بحق دول وشعوب المنطقة .ويكفى فقط التوقف عند هذا المنحدر الاوبامى فى دعم جماعات الإسلام السياسى والرهان الكارثى على جماعة الإخوان المسلمين وتعبيد الطرق فى مصر لوصولها إلى الحكم ..فماذا كانت النتيجة ؟ وبالتالى فمن الصعب او المستحيل على ساكن البيت الأبيض ان يلجأ الى تكرار تلك السياسات الكارثية الخاطئة.



أضف الى ذلك وهذا هو الأهم ان دول الإقليم الكبرى خاصة مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومعها البحرين والاردن وغيرها من دول الاعتدال العربى فى هذا الزمن وهذا العهد ليست كما كانت فى عهد اوباما اوقبله حتى .بل على العكس تلك الدول شهدت تغييرات جوهرية واصبحت تمتلك من مقومات القوة والنجاح والتموضع الإقليمى بقوة مايمكنها ان تفرض على ساكن البيت الابيض القادم رؤيتها وسياستها ومقومات الحفاظ على امنها القومى ضد اى شطط امريكى او جنوح من قبل دول الفوضى والفتن والمؤامرات الإقليمية كإيران وتركيا تحديدا .وسعيهم الدائم للتخريب وتصدير الفتن والتهديدات فهذا زمان قد ولى حيث الحقائق الجيوسياسية والعسكرية .خاصة لدى فريق الاعتدال العربي، قد تغيرت تماما وأصبحت هناك حقائق على الارض وفى المنطقة لايمكن إنكارها او القفز فوقها .



فعلى سبيل المثال لا الحصر نموذج الدولة المصرية حاليا فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. هل هى كما كانت فى عهد مبارك .. بالطبع لا. فى السابق كانت دولة متعبة مثخنة بالازمات والمشاكل وقيادة عجوز .



أما الآن فنحن أمام دولة فتية بازغة النجاح عائدة للإقليم بقوة النجاحات الاقتصادية وتشغيل محركات التنمية بشتى دروبها وتحقيق معجزات حقيقية تسد عين شمس ظهيرة اغسطس. جعلت هذا الوطن ورشة عمل ونجاح كبرى تغطى كل سمائه واقاليمه .ناهيك عن امتلاك مقومات ومؤهلات التفوق العسكرى الذى يستطيع ان يرسم خطوطا حمراء دوما وخطا فاصلا على رمال الصحراء فى مناطق التوتر والنزاعات. او جيوب البحار والمضايق الاستراتيجية وهذا باعتراف المجتمع الدولى نفسه وليس بشهادة دول الاقليم فقط .



وبالتالى ستصبح كل فرص ورهانات البعض على اجندات بايدن فى الإقليم خاسرة إن لم تكن هى والعدم سواء .



اولا لأن الرجل سيسعى للتعاون الاستراتيجى مع تلك الدول الكبرى فى الإقليم .ومنها بالطبع مصر والسعودية والإمارات التى تشهد هى الاخرى فصولا من النهضة البازغة بكثير من الاحترام والتقدير. ومن واقع الحال الجديد باعتبارهم حلفاء استراتجيين من الصعب إن لم يكن من المستحيل الاستغناء عنهم اوتعويض بعضهم بآخرين .وإذا كان هناك تباين بشأن قضايا محددة تتعلق ببرامج حقوق الإنسان والحريات فهى تعالج ضمن الحوار الاستراتيجى القائم بين امريكا وهذه الدول الكبرى فى الإقليم .



ويجب ألا يفوت عن البعض أن الحديث عن اى تدخلات وحراك امريكى فى المنطقة فى عهد بايدن فى الحال هو اقرب الى الوهم وضرب من الخيال المسبق .لأن الرجل يحتاج الى عامين على اقل تقدير ايلاء واهتماما بالوضع فى الداخل الامريكى. وتبقى كلمة ان هناك فرصة امام الدول الكبرى العربية فى الإقليم لإعداد إستراتيجية تعاون وتحرك وعمل شبه موحدة للتعاون مع إدارة بايدن. تصب باتجاه تغيير معادلات العهدين السابقين فى واشنطن سواء اوباما او ترامب بشأن متغيرات المنطقة .ناهيك عن خطط حراك اخرى فى الداخل الامريكى بإدارته ومؤسساته ومراكز القوى والقرار واللوبيات بداخله لتغيير الصورة العربية. وفى الوقت نفسه توفير حاضنة امريكية للمواقف والحقوق والسياسات العربية الجديدة فى الإقليم .وخلق شبكات متوازنة من المصالح والعلاقات المتجذرة مع الولايات المتحدة بدءا من بايدن ومن سيأتى بعده للإقامة فى البيت الأبيض.