عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
إردوغان.. والبحث عن انتصارات «وهمية»!
21 نوفمبر 2020
شريف سمير
الأكراد لم يسلموا من وحشية إردوغان فى الشمال السورى


حينما صعد أحمد داود أوغلو إلى دور «الرجل الثانى» فى النظام التركى بتقلده منصب رئيس الوزراء فى ذروة صيف ٢٠١٤، ظن أنه يستطيع تغيير بوصلة السياسة الخارجية ويحقق الهدف الذهبى بـ«تصفير المشكلات» وإنهاء الخلافات مع دول الجوار وحلفاء المستقبل، معتمدا على قربه وعلاقته الوثيقة بالرئيس رجب طيب إردوغان .. ولكنه لم يعلم أن طموحه له حدود وسقف معلوم يتحدد بإشارة من «إصبع» إردوغان!.



 



واضطر أوغلو للانسحاب من المشهد برمته، واستقال من رئاسة الوزراء وانضم إلى صفوف المعارضة التركية بعد أن تمرد على الرئيس «المزاجى»، الذى يرسم السياسة الخارجية والعلاقات مع الدول والقوى الكبرى وفقا لـ «أهوائه وحالته النفسية»، على حد تعبيره .. ومنذ ٢٠١٥ ويتبنى أردوغان عقيدة ثابتة أساسها القوة العسكرية لتأمين مصالح أنقرة والتحرك بشكل أحادى حين يقتضى الأمر. فتنغمس تركيا فى حروب وصراعات مسلحة داخل دول مزقتها ثورات «الربيع العربى» . وطوال السنوات الست الصعبة، تتعدد الجبهات المفتوحة بـ «فرمانات» أردوغان، إلا أن شبكة «سى.إن.إن» الإخبارية الأمريكية أكدت أن سياسة الرئيس التركى الخارجية أوشكت على الوصول إلى طريق مسدود، على ضوء استمرار تدهور الاقتصاد التركى واتساع رقعة العزلة الدولية الناجمة عن تهور بطل «العدالة والتنمية»!.وكشف التقرير أن رهانات أردوغان الخاسرة أسفرت عن موقف دولى شبه موحد ضد مخططاته فى الأوساط العربية والإسلامية والأوروبية. وبدأت تركيا بالتوغل عسكريا فى الشمال السورى عبر دعم مجموعات مسلحة منها ما ينتمى إلى تنظيم القاعدة الإرهابى كجبهة النصرة، وصولا إلى إقامة علاقات مالية واستخباراتية مع تنظيم «داعش» الإرهابى لزرع عناصر التخريب والدمار فى المنطقة والاستيلاء على ثرواتها ومواردها بأذرع المرتزقة وعملاء الحروب بالوكالة. وحشدت تركيا قوات عسكرية لاجتياح مزيد من المناطق التى تقطنها أغلبية كردية بذريعة مواجهة مجموعات مسلحة لها علاقات بحزب العمال الكردستانى المحظور. وامتدت شهوة الجشع بأردوغان نحو ليبيا عبر تسليح الميليشيات المتطرفة، لمواجهة عملية عسكرية بدأها الجيش الليبى لتحرير العاصمة طرابلس من «القاعدة» و «الإخوان»، ووضع أردوغان يده فى يد فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطنى لتقويض سيناريو المشير خليفة حفتر لإعادة الاستقرار إلى ليبيا وضبط الأمور أمام الأطماع الخارجية فى المنشآت النفطية والمواقع الاستراتيجية. وما كانت ليبيا إلا نقطة ارتكاز اتخذها أردوغان لتوقيع اتفاق مشترك لترسيم الحدود البحرية فى نوفمبر ٢٠١٩ فى مناورة خبيثة لفتح الدفاتر القديمة مع قبرص واليونان، وتجديد المعركة مع خصوم الماضى بـ «تحرشات بحرية» فى شرق المتوسط والتهديد بالتنقيب عن مصادر الطاقة والغاز الطبيعى، ليتصاعد الصراع وينذر باندلاع مواجهات مستمرة بين أنقرة وأثينا، تستفز الاتحاد الأوروبى بصورة أكبر لمنع التدخل التركى السافر وتغليظ العقوبات الاقتصادية على نظام أردوغان لإقصائه عن المزيد من المغامرات المزعجة!. وحتى هذه اللحظة، لم تفلح سياسة تركيا العدوانية فى سوريا وليبيا وشرق المتوسط فى إحراز نتائج ملموسة وفقا لأجندة أردوغان، فلم يتمكن من إخلاء حدود بلاده مع سوريا بالكامل من المسلحين الأكراد، ولم تسفر اتفاقية أنقرة البحرية مع ليبيا أو تصرفاتها فى شرق المتوسط عن تغيير الوضع القائم بالنسبة لتركيا. نحن نتعامل مع رئيس لايفرط فى «لذة» السير على حبل مشدود فوق براكين مشتعلة، لايتوقع المراقب للأحداث تراجعا منه فى منتصف الطريق. ولايزال أردوغان باحثا بشغف عن انتصارات خارجية يعالج بها «ثقوب الداخل» المتمثلة فى اقتصاد ينهار، واختناق سياسى يحتدم، وبخار مكتوم جاثم على صدور القضاء والإعلام ومؤسسات الدولة التركية .. وتظل هذه هى أكبر «مشكلات أردوغان» بعد أن قضى «سلطان المغامرات» وباقتدار على حلم «صفر المشكلات» مع الخارج.!.