عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
«غيوم داكنة».. أوجاع ما بعد الحرب السورية
19 نوفمبر 2020
سيد محمود سلام


فى تجربته السينمائية الثانية «غيوم داكنة» رسم الفنان والمخرج أيمن زيدان لوحة مؤلمة لما خلفته الحرب السورية على أهالى القرى والمدن التى طالتها الحرب،إذ حرص على أن يلون كل الشخصيات بألوان الغيوم المثقلة، التى تمر على البيوت المتهدمة من جراء الحرب غير القادرة على أن تهطل مطرا .



الفيلم الذى فاز فى الدورة الـ 36 لمهرجان الإسكندرية السينمائى لدول البحر المتوسط بجائزة أفضل إنجاز، يأتى بعد تجربة المخرج الأولى «أمينة»،لكنه فى الثانى كان حريصا على أن يفتش فى أوجاع المثقلين ممن أصابتهم الحرب على المستويين النفسى والبدنى، من خلال شخوص تبعثرت مشاعرهم، أصابهم المرض والوهن، إذ اختار شخصية عائدة بعد الحرب هو الدكتور أحمد الذى اكتشف أنه اصيب بمرض السرطان بعد سنوات عاشها مغتربا،فقرر أن يموت فى قريته.



لخص لنا «زيدان» فيلمه فى عبارة موجعة يقولها على لسان البطل» نعود دائما إلى بلادنا لنعيش ما تبقى لنا من العمر فيها بقدر ما نعود لنموت فيها»، تلك هى الرسالة التى أراد أن يبعث بها لكل من تركوا البلاد بسبب الحرب، من خلال فيلمه وهى العودة حتى وإن كانت ليصبح الإنسان رقما بين مقابر أهلها، وهى أن يموت الإنسان ويدفن حيث ولد كذلك.



يعود الدكتور أحمد وهو طبيب، ليكتشف أن كل شىء لم يعد ملكا لصاحبه، البيت الذى عاد اليه احتله أناس آخرون، الحبيبة التى تركها تزوجت بآخر، ولم تحتفظ له سوى بالرسائل، زوجة الأخ الذى يقاتل فى الحرب تزوجها شقيقه،قصص مؤلمة تمثل نماذج لكثير من الحالات التى خلفتها الحرب .



كاميرا «زيدان» دارت فى حيز ضيق، لم يقدم لنا الرصاص، والدبابات،بل ارتكز فى حيز مكانى ضيق، هو شريحة من قلب وطن ممزق،كل شخوصه تئن من الألم، وأبدع فى اختيار بطل الحكاية الممثل وائل رمضان وهو مخرج محترف،لكنه جسد شخصية الدكتور ببراعة، وشاركه التمثيل: لينا حورانة، رامز عطالله، حازم زيدان،محمد حداقى، ومحمد زرزور،ونور على.



الصورة التى التقطتها عدسات مدير التصوير فرانسوا كوبيه ، مثلت عنصرا مهما فى احتفاظ الفيلم بدكانته، إن جاز التعبير، فلم تشرق شمس، أو يطلع قمر، بل غيوم طول الوقت، حتى النجوم كانت «غائبة فى السماء» كلمة قالتها إحدى ممثلات الفيلم، وهو ما أعطى صدقا للأحداث .