عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
حتى لا ينزلق اليمن أكثر !
17 نوفمبر 2020
عز الدين سعيد الأصبحى


المشهد فى اليمن يسير نحو تعقيدات أصعب من أى وقت مضي، ويحتاج إلى وقفة وطنية أكثر جدية من جميع أطراف العمل الوطنى، وأول ذلك وقف التشظى وانهاء الانقلاب. فالتدخلات الإقليمية الدولية تتزايد ويدفع بها لأن تكون جزءا من أى حل قادم وهى لن تكون إلا جزءا جديدا فى مشكلة قديمة وما يلفت النظر تزايد حضور إيران وستعقبها بطبيعة الحال تركيا ودول أخري، لأن توازنات التدخلات الإقليمية الكبيرة فى المنطقة محكومة بتقاطع المصالح والسيطرة على أماكن النفوذ. وسنجد، إذا ما استمر الأمر على حاله من التدهور، تطورات مؤلمة تدفع بتشارك الإشراف على الملف اليمنى من قبل أطراف عدة جديدة وكل ذلك لا يزيد الأمر إلا تعقيدا.



وتعزيزا لهذا المشهد أذكر هنا كيف خرجت إيران مؤخرا بأكبر خطوات تحديها للمجتمع الدولى وقراراته بخصوص اليمن حيث أرسلت أحد أبرز قاداتها فى الحرس الثورى الايرانى إلى صنعاء وقالت إنه سفيرها لدى الميليشيات المتمردة. وقدم الرجل المعروف كخبير فى أسلحة مضادات الطيران أوراقه وسمى سفيرا فى ميليشيا تتقمص دور حكومة وتختطف مؤسسات الدولة وعاصمتها وذهب أبعد من ذلك وقام بالإشراف على احتفالات المولد النبوى فى قلب صنعاء متصدرا الحشود ومتابعا للتجهيزات لتظهر إيران بمشهد أقرب للقطات السينما بأنها الراعى الرسمى لهذا المهرجان المسيء للنبى الكريم وكرامة اليمنيين وتعلن ماسبق وما كررته بأنها تسيطر على العاصمة اليمنية من خلال ما يسمى مجلس الحوثى المنقلب على السلطة الشرعية فى اليمن، والآن عبر مندوب عالى المستوى للحرس الثورى الإيرانى. وبطبيعة الحال ذلك يدخل جماعة الحوثى قائمة الإرهاب الدولى حتما، ولكنه يظهر اختطافا، جديدا للملف اليمنى يراد به الذهاب بعيدا عن أى حل فى محيطه العربى وما لم يتم حسم إنهاء الانقلاب ووضع خطة السلام بناء على قرارات الشرعية الدولية، وفى مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم 2216 ومخرجات الحوار الوطنى الشامل فإننا نخشى انزلاقا أكبر لليمن تصعب العودة منه ورويدا رويدا, سنجد أنفسنا فى مشهد أكثر تعقيدا من المشهد السورى ! وتعدد لاعبيه.



ومن يتابع مقترحات الأمم المتحدة الأخيرة أو تحليلات ما يطلق عليهم خبراء دوليون يدرك مدى المقاربة البعيدة التى يضعونها ويروجون لها، وأنها أشبه بأوهام حالمة وليس قراءة معمقة لواقع معقد تهرب من مناقشة جذر المشكلة وتريد الكل أن يرضخ لقوة الانقلاب بحجة أن المجتمع الدولى ملَّ من متابعة هذه الحرب التى لا يفهمها كثيرا. ومع ذلك يجد هؤلاء الخبراء آذاننا تصغى لهم فى مراكز القرار الدولية من واشنطن إلى لندن وبرلين، بل للاسف وفى دول عربية أيضا.



تلك التحليلات التى تعتمد على معلومات لا تزيد على معلومات سائح شغوف باليمن أو طالب جيد فى أحسن تقدير صار يراها البعض رؤى عميقة واستراتيجية ستعمل على حل القضية اليمنية. وصدمنى أن أجد باحثات وباحثين يمنيين يستمعون إلى أطروحات أجانب يسمون أنفسهم مختصين باليمن ويسوقون لهم الوهم أنهم علماء بما لايعرفه أهل البلد الاصليون ونسينا أن أهل مكة أدرى بشعابها وأنا أدرك أن معظم اليمنيين الذين يستمعون لذلك يسخرون من الطرح اللامعقول ولكن بطبع اليمنيين)، يستمعون إلى درجة يظن الحاكى أنه أقنعهم ولا يدرى بصمت الجبال الذى يعنى غير ما بدا له وعكس ما حسبه فى ظنه تماما.



وما يحزن أكثر أن البعض من اليمنيين الحاضرين نساء ورجالا يفوق كل الخبراء الدوليين علما وحضورا وقدرة على التحليل واقتراح الحلول، ولكن للسطوة الدولية والإقليمية قوانينها بإلغاء الصوت المحلى المدرك لتعقيدات المشكلة وأخذ الجميع بجريرة الحرب، وأن من فى صدارة المشهد السياسى اليمنى أو معظمهم مجرد مقاتلين أغبياء يدمرون بلدهم ولا يدركون ما يفعلون. وساهمت حملات إعلامية مدمرة من كل الأطراف فى إظهار الجميع حمقى وفاسدين. إن الأمر فى اليمن معقد ولن يحل إلا برؤية يمنية ولا يعنى غلبة صوت من حمل السلاح أنه الأحق والأكثر قبولا عند اليمنيين لا فالأمر مختلف تماما. فصنعاء التى تخرج مهللة بالمولد النبوى لا تطيق هذا العبث الحوثى المدعى النبوة وإجبار الناس على التصفيق بعد ست سنوات من الجوع, وتعاظم خيبة الأمل يصير أمرا مبررا ومع ذلك ينسى هؤلاء المأخوذون بسطوة الميليشيا وقمعها أن معظم سكان اليمن هم من يحاربون الانقلاب ويقفون ضده متحملين كل صنوف القهر من تعنت دولى وعدم تفهم عربى للوضع، والناس تفضل أن تقاتل بأبسط ما تملك على أن ترسخ أى قوى حضور ميليشيا الحوثى وإيران على اليمن.



لهذا فإن أى مقاربة للحل تريد أن تقول لليمنيين اقبلوا بالانقلاب ومكنوا إيران بأن تبقى متحكمة تجد هذا الرفض الواسع من اليمنيين وطرح كهذا فقط يزيد من حنق الشعب وعدم ثقته بكل صوت دولى يدعى أنه مع السلام. فالسلام يقوم على ركيزة أساسية هى عودة مؤسسات الدولة الشرعية واحترام رأى الأغلبية الكاسحة التى تمثلت بمخرجات حوار وطنى شامل شمل كل أطياف المجتمع اليمنى وقواه السياسية، وعدم الرضوخ لمنطق القوة والغلبة.



على ضوء ذلك نحن بحاجة إلى إعادة النداء لكل القوى السياسية والمجتمعية فى اليمن بضرورة استعادة القرار، وإنهاء اختطاف الدولة، وأن ذلك سيبقى قرارا يمنيا شجاعا يتطلب منا جميعا العمل عليه, وأن أى أصوات دولية لن تكون الأقدر على اكتشاف تعرجات المسالك الصعبة فى جغرافيا اليمن المعقدة سياسيا واجتماعيا اكثر من تعقيدات الجبال ومسالكها الوعرة بل حد هذه الأصوات الدولية أن تكون داعمة للمسار اليمنى الذى يجب أن يضعه اليمنيون أنفسهم. ولدينا أسس تنطلق منها الرؤية مدماكها مخرجات الحوار الوطنى والتى أجمع عليها الجميع وقرارات المجتمع الدولى وخبرة الناس وحكمة بلد الإيمان.



> سفير اليمن لدى المملكة المغربية