بعد كلمته التى ألقاها سيادة الرئيس السيسى، وفضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب فى ميلاد خير الأنام, صلى الله عليه وسلم، والتناغم الواضح فى الكلمتين, اللتين تقطران حبا ، وشوقا، وصدقا تجاه الحبيب المصطفى، ورفض سيادة الرئيس التجاوزات المتطرفة تجاه نبينا، وكل الأنبياء والأديان, ظهر للعالم أن مصر قيادة، ومؤسسات بخير، وأنها دائما تُنادى بالخطاب العقلاني، وعلى هذا ستكون على الدوام بعد أن أوصى بها، وبأهلها سيد الأنام وستكون مصر حائط صد ضد أى تجاوزات تجاه ديننا، ونبينا، وضح ذلك فى تصريح سيادة الرئيس برفض أى ربط بين أعمال العنف والدين وعدم المساس بالرموز الدينية .. واستمع العالم أجمع للكلمات المصرية العاقلة والقوية، وأرسلت الرسالة عبر الأثير وعلى جناح السرعة جاءت زيارة وزير خارجية فرنسا لودريان إلى مصر، والأزهر وقابل فضيلة الإمام الأكبر، واستمع الإمام لما قال فى مكتبه ، ثم كانت كلمات فضيلته التالية: إذا كنتم تعتبرون أن الإساءة لنبينا محمد حرية تعبير فنحن نرفضها شكلا، ومضمونا. سوف نتتبع من يسىء لنبينا الأكرم فى المحافل الدولية، حتى وإن قضينا عمرنا كله نفعل ذلك الامر فقط. حديثى بعيد عن الدبلوماسية حينما يأتى الحديث عن الدين الإسلامى ونبيه. أوروبا مدينة لنبينا محمد، ولديننا لما أدخله هذا الدين من نور للبشرية جمعاء.. نرفض وصف الإرهاب بالإسلامي، وليس لدينا وقت، ولا رفاهية الدخول فى مصطلحات، لا شأن لنا بها .. وعلى الجميع وقف هذا المصطلح فورا لأنه يجرح مشاعر المسلمين فى العالم، وهو مصطلح ينافى الحقيقة التى يعلمها الجميع ....) انتهى. وعقب هذه الكلمات الواضحة من شيخ الأزهر الإمام الأكبر والذى يمثل صوت أكثر من مليارين من المسلمين فى العالم, رجع وزير الخارجية الفرنسى إلى بلاده ليحمل من مصر والأزهر رسالة مضمونها أن المسلمين الذين تحدث بلسانهم فضيلة الإمام مع الوزير لمدة لا تقل عن ساعة ونصف الساعة لن يفرطوا لحظة فى دينهم ونبيهم، وأن الدبلوماسية المعهودة فى التعامل مع المواقف، لا مكان لها، حينما يكون الحديث غير لا ئق عن النبي، الأكرم، أما إلصاق مصطلح الإرهاب بالإسلام فلا مكان له الآن فى دنيا الحقائق وعلى الجميع فى أوروبا إيقاف اتهام المسلمين بالإرهاب... ويبدو أن وزير الخارجية الذى استمع جيدا للإمام الأكبر قد وضحت أمامه معالم الطريق بالفعل، فنقل الرسالة من أكبر عمامة أزهرية إسلامية كانت بالأمس تحمل الورود فى ساحة (باتكلان) لتعلن رفضها للإرهاب نقلها إلى قادة بلاده، ورأينا بالأمس القريب مؤتمرا لمكافحة التطرف، والإرهاب فى قلب باريس يحضره المستشار النمساوي، مع الرئيس الفرنسى ماكرون، والمستشارة الألمانية ميركل عبر أون لاين، وفى اللقاء الذى استمر ما يقرب من الساعة لم يُذكر مصطلح الإرهاب مصحوبا بلفظ الإسلام، كما هو معتاد خاصة من ماكرون، وهذا يعنى أن رسالة شيخ الأزهر قد وصلت للجميع، وأن الأزهر يتعاون مع الجميع ضد التطرف والإرهاب، ولكن لا يليق أن ُينسب للإسلام مصطلح هو منه براء، وإذا كان هناك البعض من المسلمين يرتكبون إجراما فى حق الأبرياء فالإسلام غير مسئول عن إرهاب هؤلاء، كما أن المسيحية غير مسئولة عن إرهاب الأفراد فيها، وما حادثة نيوزيلندا ببعيدة ، وفيها أريقت دماء المسلمين فى ساحة المسجد، وهم يصلون، ولم يقل مسلم إن هذا إرهاب مسيحى لأن القاتل مسيحي، وهذا ما نعلمه لأبنائنا فى كل مكان، فالأديان ما جاءت بالقتل إنما بالسماحة والأمن ... ومعلوم أن الأزهر قديما وحديثا يواجه الإرهاب فكرا، وتعليما، ووضعا للمقررات التى تبين للجميع أن الإرهابيين مجرمون وأن الإسلام برىء من تصرفاتهم على حد تعبير فضيلة الإمام الأكبر. وصدق فضيلته، ووفق فى وضع هذه القاعدة الذهبية التى يجب أن يضعها كل من تسول له نفسه: وصف الإسلام بالإرهاب، فالإسلام دين سماحة ويسر وليس دين تطرف وقتل وإرهاب... بل من حقنا أن نسأل من يصمون المسلمين دائما بهذا المصطلح الكريه: من الذى قام بالحربين العالميتين الأولى، والثانية هل هم مسلمون؟ ومن الذى ألقى بقنبلتين على نجازاكى وهيروشيما باليابان هل هم مسلمون؟ من الذى قام بالحرب فى فيتنام وقتل الآلاف هل هم مسلمون؟ من الذى أباد الأطفال والنساء والشجر فى صربيا هل هم مسلمون، ثم أخيرا من فتح سجن أبو غريب، وقتل الآلاف من الأطفال فى العراق وغيرها؟. إن المسلمين دائما هم الذين يُعتدى عليهم فيجب إذن ألا نستقبل مصطلحات غير حقيقية تُنسب لديننا بل واجب احترام مشاعر المسلمين فى دينهم، ونبيهم ورموزهم وأهل الأديان جميعا... واحترام الأديان والرموز أمر لا مفر منه، وهو صوت العقل والذى يجب أن يسود الآن كما وجه سيادة الرئيس وفضيلة الإمام. > أستاذ العقيدة والفلسفة ــ جامعة الأزهر