عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
بايدن وأوهام عودة الفوضى فى الشرق الأوسط
10 نوفمبر 2020
أشرف العشرى


لاشك أن ساعات الايام الخمسة لماراثون الانتخابات الامريكية كانت طويلةحقا قاسية مثيرة للدهشة والانتظار والترقب لم يكن يتوقع حتى الغالبية من الامريكيين حتى فى أسوأ الكوابيس انهم سيمرون ويواجهون تلك السيناريوهات والازمات الضاغطة, وانهم سيظلون لأوقات عصيبة مشدوهين مستنفرين دون ان يبلغهم اليقين بالاعلان شبه الرسمى عن اسم سيد وساكن البيت الابيض الجديد بسبب تعقيدات الفرز ومفاجآتها الغامضة بين الفينة والاخرى وألغاز الولايات المتأرجحة التى اصابتهم بالملل واليأس فى بعض الاحيان. كانت ظاهرة مريبة ربما لم تتكرر فى سباق الانتخابات الامريكية منذ قرن كامل. احداث الايام الاخيرة فاقت التوقعات وتجاوزت قياسات استطلاعات الرأى العام التى تفشل للمرة الثانية وتمنى بهزيمة قياسية واهتزت مصداقيتها بشدة خاصة انها التى توقعت انتصارا كاسحا لجوبايدن وموجة زرقاء كبرى لمصلحة الديمقراطيين وهزيمة قياسية فى الساعات الاولى للرئيس ترامب بنحو فارق اصوات كبير.



ربما يكون قد انتهى السباق وتجاوز الرئيس المنتخب بايدن المتر الاخير لماراثون وصوله الى البيت الابيض بامتياز بعد ان احدث مفاجآت اللحظة الاخيرة بتراكم اصوات الولايات الاربع المتأرجحة وفاق رصيده اكثر من 290صوتا حتى الآن لأصحاب المجمع الانتخابى الا انه يقينا يجب ان يضع فى الحسبان انه من الآن وحتى الساعة الحادية عشرة من صباح يوم العشرين من يناير موعد تسلمه الحكم وصعوده الى غرفة المكتب البيضاوى لن يكون مفروشا بالورد, بل بالمناكفات والدعاوى القضائية والكيدية من عدوه اللدود ترامب الذى سيظل يماطل ويرفض تسليم القرار والادارة والحقيبة النووية لبايدن وسيخلق ويصنع له ازمات وتلاحق دوامات عبث تصدير المشاكل. وفى نهاية المطاف سيقبل ترامب بالتسليم بالنتائج دون ان يقر بالواقع الأليم بخسارته الماراثون بل سيظل يردد وهو يغادر البيت الابيض وربما لن يحضر حفل تنصيب بايدن ان الاخير غير شرعى ووصل الى عتبات الرئاسة الامريكية عبر التزوير والتزييف, ولكن فى المقابل هذا الحديث المرسل من رجل راكم المتناقضات فى امريكا وكان ظاهرة رئاسية استثنائية سلبية لن تتكرر مرة ثانية هو حديث غير صحيح بالمرة. بمقاييس التقييم الموضوعى نقر بأن للرجل ترامب حسنات وشطحات على اقلها هنا فى منطقتنا وعالمنا العربي, افضلها أنه ساعد الدول والحكومات على الاستقرار عبر وقف نزيف التدخلات الامريكية فى الشئون الداخلية لدولنا ورفض صفقات المناورة بالتعاون او القبول بجماعات الاسلام السياسى بل ايد وحفز دول الاقليم على التخلص من تلك الجماعات وكتابة الفصل الاخير فى مسيرتها الدموية, وأبغض قراراته تلك التى انحاز فيها وخرج عن صف الالتزام الامريكى لكل ساكنى البيت الابيض بالتأييد الأعمى لاسرائيل والاعتراف لها بالقدس والهيمنة على هضبة الجولان وراكم الظلم ضد الفلسطينيين وحاصرهم وضيق الخناق عليهم لتركيعهم. لكن بالتأكيد السيد بايدن لن يكرر تلك المآسى فى جانبها السيئ للفلسطينيين والعرب وليس صحيحا انه سيسعى لتأزيم الأوضاع مع دول الشرق الاوسط وخلق توترات لاحاجة له اليها او سيعيد خيبات الرئيس الاسبق الآفل نجمه من سنوات باراك اوباما بعقد الصفقات مع أصحاب جرائم الاسلام السياسى بل على العكس الرهان على كل تلك الخرافات هو ضرب من الوهم بل المتوقع والمنتظر ان الرجل ستكون له عقيدة سياسية خاصة به تختلف كليا عن نهج اوباما حيث وقتها كان بايدن نائبه وكليا عن عقيدة ومغامرات الرئيس ترامب وتجنب منزلقات حافة الهاوية التى كان ترامب يهواها ويجيدها.



وإدراكا للحقيقة والامانة الصحفية التى تقتضى القول ان اول من توقع فى منطقتنا حدوث سيناريوهات ازمة الانتخابات الامريكية ونجاح بايدن وتطورات الشرق الاوسط المتوقعة كان الامين العام للجامعة العربية السيد احمد ابو الغيط. واتذكر جيدا انه منذ شهر مارس الماضى ولديه تقدير موقف سياسى مسبق بسقوط وخروج الرئيس ترامب من المشهد والبيت الابيض وكنت فى كل مرة ألتقيه او عبر اتصالاتنا المتواصلة كان دائم الجزم السياسى بأن آفة كورونا وتداعياتها قد انهت مسيرة ومهمة ترامب سريعا فى البيت الابيض وان بايدن الرئيس القادم وكان يقدم الحجج والبراهين والمعطيات السياسية والاقتصادية اليقينية وكان حسه وفطنته السياسية حاضرين ومرجحين بقوة خاصة بعد ان طال وضرب الكساد الاقتصاد الامريكى وفقد اكثر من 35 مليون امريكى وظائفهم واصبحوا عاطلين عن العمل, ناهيك عن مفاجآت التصويت عبر البريد لأكثر من 65 مليون امريكى وكان يشدد على انه الاقتصاد الذى لن يرحم ترامب والجمهوريين وهذا ماحدث بالفعل ولم لا وابو الغيط هو من مكث وعمل فى نيويورك فى بعثة مصر بالامم المتحدة ثم رئيس وفدها الدائم اكثر 14 عاما ويخبر عقلية وحس ونمط تفكير المواطن الامريكى جليا. وعندما سألته بعد فوز بايدن عن مخاوف وهواجس دولنا والشرق الاوسط من العودة لسياسات اوباما اجاب بعقلية الدبلوماسى الذكى المحنك لا يوجد محل لمثل هذه المخاوف لأن الاوضاع تغيرت والاحوال فى الاقليم تبدلت. وعلى سبيل المثال الاوضاع اكثر نجاحا واستقرارا فى مصر والرئيس السيسى لديه نجاحات فى التنمية وبناء الدولة المصرية الحديثة تؤهل مصر للتعامل بقوة وحضور طاغ مع الرئيس القادم فى امريكا كما ان خيبات فشل جماعة الاخوان واخواتها الارهابية وجرائمهم الوحشية والكوارث التى احدثوها فى بعض دول الاقليم والأثمان والفواتير التى نسددها نحن وعديد دول العالم جراء تلك الجرائم ستجعل بايدن الذى عرفته والتقيته مطولا عام 2010 لايكرر المواقف الامريكية الكارثية السابقة. وسيكون هناك تعاط مصرى - عربى - امريكى اكثر عقلانية ورشادة سياسية وقادم الايام سينبئ بأمور جيدة عكس كل الرهانات والتحليلات غير الموضوعية لأطراف بعينها تصب فى خانة الأمنيات الكاذبة لديهم كما سبقوا وفعلوا فى احداث عام 2011 التى ولت الى غير رجعة.