عن الحقائق الغائبة .. وتمويل الصندوق
عندما يتوقف مشروع مهم قام بوضع إستراتيجية قوميه لمكافحة الأورام في جميع مراكز علاجها وبمختلف أنواعها عام 2018 وكان قد تم وضعه عام 2011 أليس من حق من وضع من أجلهم هذا المشروع القومي أن يعرفوا أسباب توقفه وما وراء ما ظهر حديثا من بروتوكولات عالية التكلفة وتتجاوز إمكانات ما خصصته الدولة لعلاج الأورام ويضاعف صعوبات فرص العلاج وتكاليفه خاصة علي الملايين تحت خطوط الفقر ومن لحق بهم من الطبقة المتوسطة، وقد كانت اقتصاديات العلاج وسلامته في مقدمة اهتمامات المشروع القومي الذي توقف.
> توافقت معاناة الكثيرين مع ما كتبته الأسبوع الماضي عن المشروع القومي، وانتظروا معي ردا من الجهات المسئولة وهو ما لم يحدث حتي كتابة هذه السطور وبما يجعلني أعيد التذكير بأهم ما جاء في الإستراتيجية القومية لمكافحة جميع أنواع الأورام التي وضعت عام 2011 والتي تضمنت دعم السجل القومي لأعداد المرضي ووضع إرشادات علاجية قومية تدعمها الدولة وتلتزم بها معاهد وأقسام ومراكز علاج الأورام ومن خلال هذه الإستراتيجية قامت اللجنة بتحديث إرشادات وبروتوكولات العلاج أعوام 2014 و2016 و2018 وأعلن من خلالها أول تعداد موثق لمعرفة حجم المشكلة عام 2014 ومنذ عام 2018 توقف دعم وتطبيق هذه الإستراتيجية القومية رغم توقعات منظمة الصحة العالمية واعتمادا علي السجل القومي للأورام في مصر تضاعف أعداد المرضي ثلاث مرات بحلول عام 2050 حتي مع النجاح في القضاء علي جميع مسببات الأورام وذلك بسبب الزيادة السكانية وارتفاع متوسط أعمار المصريين.
لا يستطيع أحد أن يشكك في حجم وأهمية المشروعات التي يتابعها الرئيس السيسى والتي نري بعيوننا كيف تسابق وتسبق الزمن مع أهمية وضرورة ترتيب الأولويات ومع اكتمال انتخابات مجلس النواب وحلف أعضائه اليمين سيكون علي الوزارة أن تقدم استقالتها ويبدو أن هذا يقف وراء تصريحات بعض الوزراء والمسئولين والذين لا يدركون ان هذا الإسراف الدعائي والاعلامي يؤدي إلي عكس ما يهدف اليه وبما يفرض وجود مراجعات لهذه التصريحات وحجم ما نفذ منها بالفعل وما لم ينفذ وأسبابه ومحاسبة المسئولين عن التقصير.
> الأمثلة كثيرة علي التصريحات المبهرة التي إذا تحققت تعني انتقال الاقتصاد الريعي إلي الاقتصاد الانتاجي بكل ما يعنيه من نقلة مصيرية للدخل القومي وتراكمات الديون وتكاليفها وانخفاض نسب البطالة وتقليل الآثار الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية للوباء الذي يجتاح العالم.
والتساؤل عن أسباب غياب المشروع القومي لمكافحة الأورام يستدعي مراجعة لأهم مسببات المرض وفي مقدمتها سلامة الغذاء بعد أن تعددت التشريعات وغابت الرقابة رغم وجود 12 جهة رقابية وعشرات القوانين منذ عام 1941 واعتبار فساد الأغذية مجرد جنحة رغم أنها تعتبر جناية في الخارج والنسب المخيفة حتي الآن للأغذية التي تصنع فيما يطلق عليه بمصانع بير السلم وماذا حققت هيئة سلامة الغذاء التي سبق أن طالبت بها لجنة وطنية مدنية برئاسة وزير الصحة الأسبق الراحل الكبير محمود محفوظ وإذا كان توافر الغذاء الصحي في مقدمة عوامل مقاومة وباء كورونا فهل يتحقق هذا في المستويات الغذائية المتواضعة التي يستطيع الحصول عليها الملايين وسط ظروفهم الاقتصادية الصعبة وهل عدم توفر الشروط الصحية في الغذاء يفسر تزايد أعداد الأطفال المصابين بقصر القامة والتي وصلت إلي نسب مخيفه تتجاوز 27% وكذلك ارتفاع نسب السمنة؟!
> من يراجع لضمان حماية مشروعات قومية كمواجهة ومكافحة الأورام وتحقيق سائر المؤسسات والهيئات الأهداف التي أنشئت من أجلها؟ ان المراجعة ومعرفة الحقائق ومصداقية التصريحات والتوقف عن المبهر والبراق لبعض الوزراء والمسئولين حق أصيل للمواطن لتضييق المسافات بين ما يسمع وما يعيشه بالفعل بالإضافة إلي التنفيذ الجاد والفعلي لدعم المشروعات والانجازات التي تقوم بها الدولة.
> الأمثلة كثيرة لما تجب مراجعته من تصريحات وزراء ومسئولين والتي تزايدت باقتراب اكتمال تشكيل مجلس النواب واستقالة الحكومة وسأؤجل مواصلة عرضها لتناول خبر مهم أعلنه رئيس الوزراء الأسبوع الماضي عن إنشاء صندوق للتمويل المستدام لمشروع تكافل وكرامة وكلف وزير المالية بالتنسيق مع وزيرة التضامن لتحديد آليات ومصادر تمويل الصندوق .
> أعترف بالدهشة التي أصابتني رغم أهمية وإنسانية الخبر ... انني ومنذ العام الماضي أتناول الأرقام الضخمة بين أيدي وزارة الأوقاف من أموال وأملاك وأراض وسبقت وكتبت عن ضرورة ترشيد استثمارها وإنفاقها خاصة بعد التسارع غير المبرر في الشهور الأخيرة في تشييد المساجد رغم انه لا يوجد بلد في الدنيا يحتضن مثل هذا العدد منهاتمثل بلدنا في نفس الوقت نفتقر الي تمويل مشروعات إنسانية وصحية وتعليمية وبنيةأساسية ومياه للشرب تغطي جميع قرانا وصعيدنا ... وفي اكثر من لقاء طلب الرئيس من وزير الأوقاف هيكلة أموال الأوقاف وترشيد إنفاقها ـ وفي الشهر الماضي أعلنت الوزارة بنفسها أن اجمالي إيرادات وارباح الربع الأول من العام المالي الحالي بلغ أكثر من 315 مليون جنيه بزيادة عن العام السابق بنحو 90 مليون جنيه. ما شاء الله .. ألا يجب ان تكون هذه الأموال وهذا المبلغ وهذا الريع في مقدمة مصادر تمويل صندوق التمويل المستدام الذي دعا إليه رئيس الوزراء لمشروع تكافل وكرامة وللتوسع في أعداد المستفيدين منه مع بذل محاولات لربط الاستفادة بأمواله بمشروعات للعمل والانتاج لمن يستطيع ولمحو أمية جميع المستفيدين منه.
> ملحوظة: في أكثر من مقال حول ترشيد وحسن استثمار الأملاك والأموال التي تحت يد وزارة الاوقاف أشرت الي ما كتب حول تسجيل الوزارة لممتلكاتها في 92 مجلدا!! أليس صندوق تكافل وكرامة وتوسيع قاعدته ومثله من المشروعات الإنسانية التي تخفف معاناة الملايين يمثل نموذجا لما يجب الإنفاق فيه مما تحت يد الأوقاف من أملاك ومليارات وأراض وقصور وأحياء بأكملها في القاهرة واملاك في جزر اليونان؟!.