عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
الكراهية والإرهاب
1 نوفمبر 2020
رأى الأهرام


مازال حادث نيس الإرهابى فى جنوب شرقى فرنسا، الذى وقع منذ أيام، يثير العديد من الاستنتاجات المهمة. ورغم ما يبدو من أن الحادث يمثل عملية إرهابية صغيرة بالنظر إلى محدودية عدد الضحايا، فإن خطورة مثل هذه العمليات أنها تثير دلالات شديدة الأهمية بالنظر الى عاملين:



الأول، هو توقيت تنفيذ العملية، حيث جاءت عقب تصريحات مثيرة من جانب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون. ورغم محاولات وضع هذه التصريحات فى سياقها الصحيح بعيدا عن أى إساءات ضد الدين الإسلامي، فإن الأمر يعتمد فى التحليل الأخير على طريقة إدراك المسلمين لهذه التصريحات وربطها بخبرات سلبية تاريخية بين العالم الإسلامى والقوى الأوروبية.



الثاني، يتعلق بالتأثير التراكمى لمثل هذه العمليات؛ إذ لا يجب تقييم مثل هذه العمليات بعدد الضحايا أو عدد منفذى العملية، لكن يجب الأخذ فى الاعتبار تأثيراتها النفسية على المكونات الثقافية والحضارية. الآثار والتكاليف الحقيقية لمثل هذه العمليات تتجاوز أعداد ضحاياها بشكل كبير، إذ يكمن تأثيرها الأكبر والأكثر عمقا فى تعميق حالة الكراهية المتبادلة بين الأوروبيين والمسلمين المقيمين داخل أوروبا أو الأوروبيين من أصول شرق أوسطية بشكل خاص، وهى كراهية ستتجاوز الحدود الأوروبية بالتأكيد.



وتزداد خطورة مثل هذه العمليات فى ضوء سهولة تنفيذها وعدم حاجة منفذيها إلى أدوات معقدة، بل وعدم حاجتها إلى أساس أيديولوجي، إذ يكفيه فقط قدر كاف من مشاعر الكراهية والفهم المغلوط حول الآخر.



إن مواجهة حقيقية لهذا النمط من الإرهاب، ولقطع الطريق على تكريس الكراهية وتحولها إلى وقود سهل للإرهاب والتنظيمات الإرهابية، تتطلب الاحترام المتبادل للمعتقدات والرموز الدينية، والابتعاد عن أى تناول سلبى لهذه الرموز، فكما سبق القول، فإن الأمر لا يتعلق فقط بالمفردات أو النوايا التى تقف وراء هذا التناول بقدر ما يتعلق بالإدراك والخبرات التاريخية، ومحاولات أطراف عدة استحضار هذه الخبرات.