منذ وصوله أمس الأول، ومحافظة الإسماعيلية تشهد انقساما ما بين مؤيد ومعارض لاستقرار «ديليسبس « بمقر المتحف العالمى لقناة السويس.
وحتى من وافق على استضافة التمثال المطارد وهبوطه على المتحف الكائن بشارع محمد على فى الإسماعيلية، اشترط أن يعرض التمثال مصحوبا باستعراض تاريخى يذكر دوره فى تشغيل المصريين بـ «السخرة»، والظروف المأساوية التى واكبت عملية حفر قناة السويس، مما أدى إلى وفاة آلاف المصريين أثناء مراحل تنفيذ المشروع، الذى استغرق نحو 10 أعوام. ووصل الأمر ببعض الآراء السلبية فى حق وصول الضيف الجديد، إلى وصف ديليسبس بأنه مقامر وسمسار أكثر منه مهندسا.
يقول مسعد على، أحد مواطنى الإسماعيلية: «مشروع حفر قناة السويس ترجع لعهد الفراعنة، وليست وليدة أفكار ديليسبس، الذى استغل علاقته الوثيقة بوالى مصر محمد سعيد باشا، لينال امتياز حفر القناة، كما أن عملية الحفر تمت بالسخرة وباستخدام أدوات بدائية، مما تسبب فى وفاة آلاف المصريين». ويضيف على: «كان يتم مطاردة الفلاحين داخل أراضيهم والقبض عليهم وإرسالهم إلى مواقع الحفر بالقوة».
ويرى على أن ديليسبس لا يستحق هذه الحفاوة أو التكريم لأنه رمز «للمستغل .. السمسار»، الذى عمل لمصلحته أولا، ثم لمصلحة بلاده فرنسا. وأضاف: «لكن أنا لست ضد استضافة متحف قناة السويس للتمثال باعتباره جزءا من تاريخ منطقة القناة ومصر، لكن يجب أن يتم عرضه مصحوبا برواية تاريخية كاملة وواضحة» .
بينما جاءت كلمات عبد الغنى الجندى، المستشار الإعلامى الأسبق لمحافظة الإسماعيلية، مؤلمة فى انتقاده لترحيب البعض باستقبال ديليسبس فى المحافظة، ووصف صاحب التمثال بأنه «رمز للسخرة التى التهمت الفلاح المصرى». ويذكر الجندى باللحظة التاريخية التى اختار فيها الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر استخدام اسم «ديليسبس» كإشارة لإعلان ساعة الصفر فى عملية تأميم قناة السويس، مشيرا إلى رمزية هذا الاستخدام. وطالب بأن « يتم إرساء تمثالا لعبد الناصر فى مدخل متحف قناة السويس، فهو الذى بدأ معه تاريخ مصر المعاصر، فيما أن تاريخ ديليسبس يرتبط بالاحتيال والسخرة»، وفقا إلى تعبيره.
ومن جانبه، أكد الكاتب الصحفى محمد فوزى بجريدة القناة المحلية الصادرة عن محافظة الإسماعيلية، أن الجدل الكبير حول ديليسبس فى الإسماعيلية، يشكل أصداء للجدل الذى طال أمده فى بورسعيد بهذا الشأن، قائلا: «لن ينتهى الجدل حول ديليسبس، فهناك من سيواصل اعتباره مستعمرا بغيضا، وهناك من يراه أحد صناع النهضة فى مصر ... منها لله المكرونة الإسباجيتى»، فى إشارة إلى الرواية الدارجة حول إقناع ديليسبس الوالى محمد سعيد بمشروع حفر القناة، خلال تقديمه وجبة «مكرونة إسباجيتى» والتى يقال ان سعيد باشا كان يعشقها.
جدل الشارع بلغ مواقع التواصل بالإسماعيلية، فعكست تدوينات مواطنى المحافظة أراء مثل أن نقل التمثال يتعلق بإنجاز المتحف الجديد، وهو «أمر لا يفرح ولا يحزن، بل مجرد إضافة جديدة للمتحف»، وفقا لما أكده أحد رواد الـ «سوشيال ميديا».ورأى البعض أنه لا معنى لوجود تمثال ديليسبس بالإسماعيلية، فالتاريخ فقط هو الذى يحدد مكانه، وكان من الأفضل أن يكون على قاعدته ببورسعيد، «وغير ذلك طمس وتزييف لا مبرر له».
وجاء تعليق عمر الوراورى، رئيس تحرير أحد المواقع الإخبارية والمتخصص فى أخبار محافظة الإسماعيلية، موضحا: «قاعدة تمثال ديليسبس فى بورسعيد تتضمن رسالة سلام منقوشة باليونانية ومضمونها (الأرض مفتوحة للجميع) ، وأن تلك الرسالة يتوجب استحضارها حاليا. وأضاف: «نرفض الاستعمار ورموزه، ولكننا نرحب بالتاريخ والفن والجمال، وتمثال ديليسبس ومتحف قناة السويس العالمى، يعتبران خطوة كبرى بالنسبة للإسماعيلية على خريطة السياحة، أما تاريخ ديليسبس بخيره وشره فلن ينسى وسنحكيه لأبنائنا وأحفادنا».
وكان جورج صفوت، المتحدث الرسمى باسم هيئة قناة السويس، قد أكد أن عملية نقل التمثال تأتى فى إطار الأعمال الجارية لاستكمال المقتنيات الخاصة بالمتحف الجديد، والذى يعتبر التمثال أحد مكوناته التاريخية المهمة. وكشف صفوت عن أنه يتبقى 44 يوما على انتهاء الأعمال الإنشائية الخاصة بالمتحف العالمى لقناة السويس، معربا عن تفهمه لغضب البعض إزاء التمثال. ولكنه أوضح أن الجدل لا يجب أن يغفل عنصر التاريخ، وأن ديليسبس يشكل أحد المكونات الرئيسية لتاريخ منطقة القناة.