عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
يشهد التاريخ
19 سبتمبر 2020
د. عزة رضوان صدقى


التاريخ شاهد على حضارات مصر القديمة وشاهد أيضا على الإنجازات التى تمت فى عصور عدة، وبالتأكيد سوف يشيد التاريخ بيومنا هذا، لأنه حقبة زمنية استثنائية لم يسبق لها مثيل فى تاريخ مصر الحديث.



بينما كان المصريون يشيدون الأهرامات كان العالم لم يعِ بعد معنى الحضارة. بنى المصريون المعابد تكريمًا لآلهتهم وسجلوا على جدرانها إنجازات عصرهم. الملوك والملكات تحتمس الثالث ورمسيس الثانى وإخناتون ونفرتيتى وحتشبسوت يشهدون على أن العهود السابقة فريدة فيما قد أُنجز فيها.



على الرغم من الاحتلال الفرنسى والاحتلال الإنجليزى والسيادة العثمانية، فإن التاريخ الحديث شاهد على استمرار نهضة مصر حتى ولو تعثرت فى بعض الأوقات بعض الشيء. انفتحت مصر على أوروبا تجاريا وعلميا وأنشأت جامعة الأزهر ثم الجامعة المصرية (جامعة القاهرة)، وأنشأت السكك الحديدية ودار الأوبرا وجيش مصر الحديث وأنشأت قناة السويس وافتُتحت للملاحة الدولية لتصل البحر الأحمر بالمتوسط وتؤثر على العالم أجمع.



ثم جاء الرئيس جمال عبد الناصر ليقود حركة القومية العربية وينشئ السد العالى ويخلق للعالم العربى مكانة وعزوة. ثم جاء الرئيس السادات ليستعيد سيناء بالكامل موقِّعا معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ويسود السلام فى مصر بعد نزاعات وحروب مع إسرائيل استمرت أكثر من أربعة عقود. سوف يتذكر التاريخ تلك الأحداث التى تركت بصمات مذهلة على مصر.



قبل الخوض فى إنجازات اليوم بمزيد من التفصيل أود أن أحيطكم بأننى لست منافقة تأمل فى الحصول على مكافأة ما أو ترضية شفوية أو مالية، وأننى لا أنطق بلسان أحد. غير مهامى كأستاذة جامعية خارج البلاد لم أشغل منصبًا سياسيا أو منصبا مؤثرا، وليس لدىّ أى مصلحة فى دعم أى شخص قيادى على وجه الخصوص. ومع ذلك فقد رأيت تغييرًا لا لبس فيه ولم يسبق له مثيل فى عصرنا هذا، وقد وجب الاعتراف بالفضل والجميل.



التحدى فى هذا الموضوع هو أن تكون عادلًا وتدرج وتستشهد بجميع النجاحات والمشروعات التى تمت مؤخرا، وسيصعب ذلك بسبب حدود المقال والكم الهائل للإنجازات فى جميع المجالات، لذلك بدلاً من إدراج كل مشروع على حدة سيتم التركيز على المجالات التى تمت بها المشروعات.



كان التيار الكهربائى ينقطع دائما وأبدا لتقليل نزيف الاستهلاك، واليوم مع بناء عديد من شبكات الكهرباء قد تُصدِّر مصر الطاقة الكهربائية إلى أوروبا وإفريقيا، وتعمل مصر على أن تكون 42 فى المائة من الطاقة الكهربائية طاقة متجددة بحلول 2035، ومع اكتشاف العديد من حقول الغاز سوف تستخدم مصر الغاز الطبيعى كوقود بديل. وتعمل مصر حاليا على اقامة عشرات محطات تحلية المياه على البحر المتوسط وعلى البحر الأحمر.



حدّثت مصر منظومة الرى فى آلاف الأفدنة المصرية وأنشأت آلاف الوحدات السكنية لذوى الدخل المحدود وأنشأت شبكة طرق حديثة تتضمن آلاف الكيلومترات، واقامت مئات الكبارى العلوية والعديد من الأنفاق مثل التى مُدت تحت القناة لربط سيناء بالوادى،وشيّدت محاور مرورية عديدة مثل محور روض الفرج ومحور ترعة المريوطية، وتم بناء عشرات المدن الجديدة لاحتواء ملايين المصريين الذين ضاقت بهم المدن القديمة. كما تحاول الدولة جاهدة تطوير المناطق التاريخية مثل القاهرة الخديوية وترعة المريوطية التى كانت مكتظة بالقمامة. كل هذه المشروعات خلقت ملايين من فرص العمل.



أما بالنسبة للصحة فأهم حدث هو احتفال مصر بخلوها من فيروس «سى» بعد وجود أعلى نسبة فيروس «سى» فى العالم فى مصر مع إصابة نحو10ملايين مصرى به. كما أنشأت عشرات المستشفيات النموذجية الحديثة، وتم البدء فى منظومة التأمين الصحى الشامل لتشمل مصر بأكملها فى القريب، وبالنسبة للتعليم، فمصر بصدد تحديث وتطوير للتعليم من مناهج وامتحانات وتقنية وأسلوب التدريس وتأسيس مدارس وجامعات على مستوى عالمى.



من أهم التطورات هو التصدى للفساد واسترداد أراضى الدولة المنهوبة وهى معادلة صعبة للغاية لأن هذا أسلوب جديد يعدُّ تغييرا جذريا لما تعوّد عليه المصريون من قبل، وقد يغضب الكثيرون.



الضغوط شديدة على الدولة، فقد عانت مصر من جائحة كورونا التى تفشت فى العالم أجمع وعانت من الأعمال الإرهابية الشرسة على حدودها وداخلها، وعانت من شائعات الإخوان، وعانت ضغوطا خارجية عديدة مثل مشكلة سد النهضة، إلا أنه بغض النظر عن كل هذه الأعباء لم تشهد مصر مثل هذا القدر من التطور والمحاولات المستميتة للتغلب على الصعاب مع التطوير المستمر. إن هذا القدر من المجهود أدى إلى انخفاض معدل البطالة مع تثبيت العملة المصرية وانخفاض التضخم، وبالتالى إنقاص آثار الوباء الاقتصادية.



ربما لا تغمض لقادة البلاد أعين، ويستمرون فى التفكير فيما قد ينفذونه وينجزونه بعد، حتى تُنقل مصر إلى حقبة زمنية جديرة بثناء التاريخ مرة أخرى.