عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
كلها رأسمالية
5 سبتمبر 2020
د. وحيد عبدالمجيد


سيئات النظام الرأسمالى الحُر أو اقتصاد السوق أكثر من حسناته. ويتطلب الحد من سيئاته سياسات وإجراءات اجتماعية لا تتوافر دائمًا، ولا يوجد ما يضمن استمرارها حال تطبيقها. غير أنه يبقى أحسن من غيره، أو أقل سوءًا، حسب زاوية النظر وطريقة التفكير ومنهجه.



ولكن هل يوجد نظام غير رأسمالى فى العالم الآن؟ يتعين علينا أولا التمييز بين رأسمالية السوق، ورأسمالية سلطة الدولة. وإذا قصدنا الرأسمالية بوجه عام، أى بمنأى عن هذا التمييز، يكون الجواب بالنفى. لا يوجد نظام غير رأسمالى فى عالمنا، مادمنا نقصد رأسمالية السوق، ورأسمالية سلطة الدولة، فى آن معًا.



ولكن من يذهبون بعيدًا فى نقد النظام الرأسمالى، والإفاضة فى شروره التى لا ينكرها عاقل أو مُنصف، ينسون أن البديل الذى يرجونه فى سياق هذا النقد هو رأسمالى أيضًا. بديل مختلف عن رأسمالية السوق فى شكله وبعض آلياته، ولكن ليس فى محتواه، ولا فى شروره التى تزيد فى هذا البديل حين نقارنه برأسمالية السوق. فنصيب الفرد من الحرية فى المجالين الخاص والعام يقل فى رأسمالية الدولة عنه فى رأسمالية السوق. وإذا كان نظام رأسمالية الدولة يتضمن سياسات وإجراءات اجتماعية تزيد، فى بعض الحالات، عن نظام رأسمالية السوق، فهذه ميزة مؤقتة لا تلبث أن تنحسر سواء عاجلا فى غضون سنوات، كما حدث فى مصر الناصرية وبلدان أخرى، أو آجلا خلال عقود كما حدث فى الاتحاد السوفييتى السابق ومنظومته.



فى رأسمالية السوق يقف أصحاب المال والأعمال، إلى جانب المديرين التنفيذيين فى الشركات والمصارف والمؤسسات المالية الكبرى فى الوقت الراهن، فى أعلى الهرم الاجتماعى، ويشكلون طبقة مميزة يمتد نفوذها إلى نظام الحكم، بما تملكه من إمكانات وقدرات كبيرة. وفى رأسمالية سلطة الدولة، يعتلى كبار الموظفين فى المؤسسات العامة وبيروقراطيتها قمة الهرم الاجتماعى، وتتضخم ثروات بعضهم على حساب المال العام بمقدار ما يزداد نفوذهم السياسى والإدارى. وفى كل من الرأسماليتين تفاوت اجتماعى يؤدى إلى ازدحام المجتمع فى أسفل هرمه الطبقى بالفقراء والمهمشين بدرجات متفاوتة من حالة إلى أخرى.