يتمتع المواطن اليابانى أيا كان عمله ــ بروح عالية من المسئولية تجاه هذا العمل والمؤسسة التى يعمل بها، وكثيرا ما نسمع أو نعرف أن وزيرا أو مسئولا كبيرا قد انتحر ليس بالضرورة لأنه شخصيا ارتكب خطأ ما أو تورط فى فضيحة ما، ولكن الوزير أو المسئول فى اليابان قد ينتحر لأن أحد موظفيه ــ أو وزارته ــ ارتكب خطأ ما، وعلى سبيل المثال، فإن رئيس هيئة السكك الحديدية فى اليابان قد ينتحر لأن حادث قطار قد وقع لأى سبب فنى أو بشري، لأنه يشعر بكامل المسئولية عن هذا الحادث، ولا يقول أبدا سوف نعاقب المتسبب فى الحادث لأن ذلك سوف يحدث بشكل تلقائى بعد التحقيقات!
المدهش فى اليابان أن إحساس المواطن العادى بالمسئولية تجاه وظيفته ومؤسسته أعلى بمراحل من تلك التى يتحلى بها الوزراء والمسئولون!!
وفى هذا الإطار من المسئولية الأخلاقية لليابانيين عموما جاءت استقالة رئيس الوزراء شينزو آبى منذ أيام، التى قال فيها إنها لأسباب صحية بالرغم من أن العالم كله شاهد المؤتمر الصحفى للرجل، وبدا فى حالة صحية جيدة بالنظر إلى عمره البالغ 65 عاما، وهى سن يقولون فى اليابان «إنه مازال فى عز شبابه» بما أن متوسط الأعمار 86 عاما، وعدد المسنين الذين تجاوزوا الـ 100 عام بلغ العام الماضى أكثر من 70 ألف شخص!
لكن آبى يشعر بأن حالته الصحية تتدهور منذ عام 2007 حينما بدأ يعانى التهابا فى القولون. وتعد المدة التى أمضاها شينزو آبى فى الحكم بشكل متواصل وهى نحو 9 سنوات الأطول فى تاريخ اليابان متجاوزا عمه رئيس الوزراء الأسبق ايساكو ساتو الذى بقى فى منصبه فى الفترة من 1964 حتى 1972.
وتقدم استقالة آبى واعتذاره لشعبه عن أنه لم يحقق كل ما وعد به، درسا بليغا لكثير من المسئولين فى مصر والدول العربية خاصة هؤلاء الذين يعانون أمراضا مزمنة منذ سنوات طويلة ويصرون على الاستمرار وتحمل المسئولية، ولدينا فى مصر بعض المسئولين الذين يصرون على البقاء فى مقعد القيادة بالرغم من عدم قدرتهم البدنية ناهيك عن لياقتهم النفسية. المفروض أن يتحلى المسئول بروح الشجاعة ويعتذر عن عدم الاستمرار فى منصبه مادام غير قادر صحيا عن القيام بمهام عمله كما فعل شينزو آبى!