عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
مدرسة أثينا
2 سبتمبر 2020
د. وحيد عبدالمجيد


لم أدرك مغزى احتفاء الأوساط الثقافية فى البلدان التى يرتفع فيها مستوى الذائقة الفنية بالفنان الإيطالى رفائيل دى أوربينو إلا بعد أن قرأت ما كتبه عنه الراحل الكبير د. ثروت عكاشة فى أهم موسوعة عن الفن باللغة العربية. خصص عكاشة مساحة معتبرة للفنان رفائيل، الذى تحل المئوية الخامسة لوفاته (1520) هذا العام، فى الجزء الأول من موسوعة تاريخ الفن المعنون «فنون عصر النهضة - الرينيسانس» التى نشرت الهيئة المصرية العامة للكتاب طبعتها الثالثة عام 2011 قبيل رحيل مؤلفها. تبدو أعمال رفائيل أقل من لوحات وجداريات غيره من رواد الفنون فى عصر النهضة. وهذا ما قصده عكاشة حين كتب أن مايكل أنجلو يعد أفضل منه فى رؤيته الفنية وأشد تأثيرًا فى المتلقى، وأن ليوناردو دافنشى أكثر منه عمقًا وأرهف رقة فى تحليل ما يرسمه. ولكن عكاشة ينبهنا، فى الوقت نفسه، إلى أن قيمة رفائيل الفنية المعتبرة تكمن فى تصوير ما ينطبع فى مخيلته عن الأشياء والبشر والأحداث. ويرفعه إلى مرتبة عالية عندما يقول لنا عنه: (وما نظن أن أحدًا باراه فى مخيلته العظيمة). وتميز رفائيل، فضلاً عن ذلك، بمزج الكلاسيكيات الإغريقية والقصص الدينية فى العهدين القديم والجديد: (نشعر حين نتطلع إلى رسومه كأننا نقرأ التوراة والإنجيل سابحين فى خيال يونانى). وفى موسوعة د. عكاشة صور عالية الجودة لمعظم لوحات رافائيل. وعندما نتأمل لوحة مدرسة أثينا الأكثر من رائعة، نشعر أن رفائيل لم يبرع فى التعبير عما دار فى مخيلته قط، بل فى حث متأملى هذه اللوحة على تخيل أسماء الشخوص المرسومة فيها. وبكثير من التأمل، وشىء من الخيال, يمكن أن نعرف أن الشخصين المحوريين فى اللوحة هما الفيلسوفان أفلاطون وأرسطو يتجادلان، بينما الفيلسوف ديوجين مستلقيًا زاهدًا، فى الوقت الذى يشرح اقليدس أو أرشميدس شكلًا هندسيًا وهو يمسك البرجل أو الفرجار. كما يمكن أن نخمن شخصيات أخرى فى مدرسة أثينا وما قبلها مثل سقراط، وإبيقور، وزينون الروائى، وأفلوطين، وآخرين ليسوا منها مثل ابن رشد ربما لأنه علق فى بعض كتاباته على أفكار أرسطو.