عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
سفير مصر فى بودابست لـ «الأهرام»: مصر تعود لصدارة خريطة السياحة المجرية ونسعى لتأمين وصول صفقة القطارات
24 أغسطس 2020
بودابست د. سامى عمارة


فرضت الأجواء الناجمة عن المحنة العامة التى نجمت عن »فيروس كورونا« متغيرات جديدة على مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الدولية، ودفعت الأوساط الدبلوماسية الى البحث عن سبل وآليات استثنائية غير نمطية، لمواجهة التحديات والتهديدات الجديدة. ولم تكن السفارة المصرية ومعها »رابطة الجالية المصرية« فى بودابست بمنأى عن هذه التحديات، التى فرضت علينا إجراء هذا الحوار »أون لاين« واستهله السفير أشرف موافى سفير مصر فى المجر بقوله:   



يقوم العمل الدبلوماسى فى شقه السياسى والقنصلى على التفاعل والتواصل المباشر بشكل كبير. إلا أن جائحة كورونا مثلت تحديا غير مسبوق للجمع، ففى ظل الإجراءات والقيود الاحترازية والتباعد الاجتماعى الذى فرضته الجائحة على الجميع كان من الضرورى اتخاذ خطوات سرعة لضمان استمرار العمل فى هذه الأوقات الصعبة خاصة فما تعلق بالخدمات القنصلية للمواطنين المصريين بالمجر، وفى هذا الإطار أود الإشارة إلى أن السفارة كانت سباقة فى اتخاذ قرار بتقسيم أعضائها إلى فريقين يتناوبان الحضور فى أيام مختلفة ولا يلتقيان لضمان خفض احتمالات العدوى بن الأعضاء ولتفادى أن يضطر طاقم السفارة بأكمله إلى أن يوضع تحت العزل فى حالة إصابة أحد أعضائه وضمان سير العمل طوال فترة الأزمة. كما صاحب ذلك قيام السفارة بإتاحة عدة وسائل تواصل مباشرة لتلقى استفسارات وطلبات المساعدة من المواطنين المصريين الموجودين بالمجر سواء من خلال تخصيص خط ساخن على مدى 24 ساعة أو من خلال صفحة السفارة على موقع فيسبوك، وهو الأمر الذى أتاح قنوات اتصال مباشرة مع المواطنين المصريين بمختلف فئاتهم حيث تدخلنا فى هذا الإطار لتوفير الرعاية الصحية لعدد من المواطنين من ذوى الحالات الصحية المزمنة وكذا متابعة حالة المواطنين العالقين بالمجر وتسهيل إجراءات الإقامة الخاصة بهم بالتنسيق مع السلطات المجرية.  



وماذا عن تواصلكم مع المصريين فى المهجر المجري، وتقديركم لما تابعناه من مختلف اشكال النشاط والتعاون بين أعضاء السفارة المصرية فى بودابست و ممثلى التجمعات المصرية، وما نجم عنه من تخفيف حدة الأزمة واحتواء الكثير من جوانب المأساة التى واجهتها جموع المصريين فى المجر؟   



شرعنا ومنذ بداية الأزمة فى التواصل مع مختلف الفاعلين ضمن أوساط الجالية المصرية بالمجر على رأسهم رابطة الجالية المصرية والكنيسة القبطية بالمجر وتجمعات الطلبة المصريين الدارسين بمختلف المدن المجرية للاطمئنان على أحوالهم وتقديم الدعم المعنوى لهم فى ظل حالة الإغلاق التام التى سادت هذه الفترة، بالإضافة إلى التعامل فى اتجاهان بالتوازى مع المواطنين الذين يواجهون ظروفا صعبة، فمن ناحية نجحنا فى تنظيم سفر عدد منهم عبر إحدى الرحلات الاستثنائية من بلجراد بصربيا وهو الأمر الذى تطلب جهدا معقدا لتذليل صعوبات إجراءات السفر خاصة فى ظل إغلاق الحدود من جانبى الحدود بن المجر وصربيا وضرورة الحصول على التصريحات اللازمة، بل صعوبة حتى إيجاد وسيلة مواصلات تقل الفوج من بودابست إلى بلجراد نظرا لتوقف معظم شركات النقل عن العمل وعزوف آخرين خشية اضطرار السائقين للخضوع للحجر المنزلى لمدة 14 يوما عند العودة. ومن ناحية أخرى مواصلة العمل على تقديم جميع أشكال الدعم والمعاونة الممكنة لمن لم يستطيعوا السفر منهم.  



نذكر ان «الأهرام» تابعت ما صاحب كل هذه الجهود من ابتكار وسائل جديدة تميزتم بها فى المجر لتحقيق التواصل بين السفارة وجموع المصريين فى المجر وهو ما أطلقتم عليه فى بودابست «شاى أون لاين». هل لكم أن تحدثونا عن هذه التجربة وما أسفرت عنه من نتائج؟



بالفعل صاحب هذه المجهودات تنسیق وثیق مع «رابطة الجالیة المصریة» بالمجر، حیث شهدت هذه الفترة اتصالات مستمرة للوقوف على تفاصیل أحوال الجالیة واحتیاجاتها وسبل تلبیتها، وهو ما تجلى فى الحرص على استمرار اللقاءات الدوریة بینى وأعضاء السفارة، وبین مجلس إدارة الرابطة حتى فى ظل الأزمة، حیث تم عقد لقاء عبر الفيديو كونفرانس تم خلاله تقییم أوضاع الجالية وتبادل وجهات النظر المختلفة تجاه عدد من الموضوعات التى تهم المواطنين المصریین بالمجر. ویهمنى أن أسجل أننى لمست فى الجالية المصرية بالمجر مستوى من التعاون والترابط یبعث على الارتیاح بل الفخر بوجود مثل هذه العناصر الطيبة تظللها روح إيجابية تجمع بین مجمل أعضائها. ولا یفوتنى فى هذا السیاق أن أحیى الرابطة على جهودها الدءوب لمساعدة المصریین خلال هذه الأوقات الصعبة خاصة مبادرتها بتدشین صندوق لمساعدة المصریین من ذوى الظروف الصعبة سواء من العالقين أو ممن فقدوا عملهم. ويجدر التنويه فى هذا الصدد إلى أن جميع أعضاء السفارة بلا استثناء قد تحمسوا للتبرع للصندوق فور طرح الأمر علیهم.



ولم تكن أصداء ما تبذله الأوساط الرسمية المصرية فى الداخل للعودة الى سابق المواقع المصرية فى الخارج، لتكون بعيدة عن بودابست، سواء فيما يتعلق باستعادة مصر لمواقعها المتميزة على خريطة السياحة العالمية، أو استئناف الطيران بين العاصمتين المصرية والمجرية، وكذلك مع المنتجعات السياحية على شواطئ البحرين الأبيض والاحمر.



حول هذه القضايا قال السفير الموافى :    



عقب انتهاء فترة ذروة انتشار الفيروس وبدء مرحلة التعايش معه ولدى استئناف مصر حركة الطیران كانت المجر ضمن المجموعة الأولى من البلدان التى استعادت شركة مصر للطيران رحلاتها معها. فى هذا الصدد قمنا باتصالات مكثفة لتذليل بعض العقبات وإزالة اللبس حول مدى حاجة السائح المجرى العائد من مصر للخضوع إلى العزل المنزلى لمدة أسبوعین، وانتهینا إلى عدم حاجته للمكوث فى الحجر الصحي، وهو ما ساهم فى فتح حركة السياحة إلى المحافظات الساحلية الثلاث فى تسییر رحلات شارتر تقل سياحا من المجر إلى البحر الأحمر، إلا أن بدء تصاعد أعداد حالات الإصابة من جديد فى عدد من الدول ومن بینها دول محيطة بالمجر دفع السلطات المجرية إلى اتخاذ قرار سريع بتقسيم دول العالم لثلاث مجموعات، فتم وضع كل الدول الإفريقية واللاتينية والآسيوية (باستثناء اليابان والصین وكوريا) فى قائمة باللون الأحمر، ودول أوروبية وأمريكا الشمالية معظمها باللون الأصفر، وعدد محدود من الدول فى قائمة باللون الأخضر وأمام ما مثله هذا القرار من عائق جديد فى سبيل تسییر السياحة المجرية إلى مصر، فقد بادرنا بالتحرك فى اتجاهین متوازيين: الأول نحو إعادة تصنيف الوضع فى مصر خارج القائمة الحمراء، والثانى وبصفة عاجلة نحو وضع المحافظات السياحية الثلاث (البحر الأحمر وجنوب سيناء ومرسى مطروح) فى القائمة الخضراء فى ظل أن هذه المحافظات شهدت نسبة إصابات محدودة وضئيلة للغاية وكذا فى إطار الإجراءات الاحترازية التى اتخذتها الحكومة المصرية لضمان أمان السياح الوافدين إلیها.



وعما تحقق على صعيد تطوير العلاقات الثنائية بين مصر والمجر، رغم كل الصعوبات التى فرضتها الازمة الناجمة عن «فيروس كورونا» قال سفير مصر فى المجر:    



أمام التحديات التى صاحبت فترة ذروة انتشار الفيروس خاصة فى ظل توقف معظم أوجه الأنشطة فقد ظل العمل على دعم العلاقات الثنائية قائما على قدم وساق، ومن ذلك تأمين ومتابعة وصول الدفعات الأولى من صفقة القطارات إلى مصر وبدء تشغيلها، وذلك فى إطار الصفقة التى فاز بها التحالف المجرى الروسى لتوريد 1300 عربة قطارات إلى هیئة سكك حديد مصر وهى الصفقة الأكبر فى تاريخ العلاقات بين البلدين والتى تتعدى أهميتها كونها شكلا من أشكال التعاون الاقتصادى الثنائي، إلى أنها تمس الحياة اليومية للمواطن المصرى فى مرفق حيوى تستخدمه ملايين المصریین ويرتبط بتحسين جودة وأمان انتقالهم، وصاحب ذلك أيضا العمل على الإعداد للجنة الاقتصادية المشتركة المقرر انعقادها فى بداية الخريف القادم لبحث التعاون الثنائى فى المجالات الاقتصادية والاستثمارية التى لها فائدة متبادلة بين الجانبين وتأتى فى إطار آليات التعاون والتشاور السياسى والاقتصادى المتعددة التى تجمع البلدين. وفى الإجمال فإنه على الرغم من الآثار السلبية لأزمة فيروس كورونا، فإنها أظهرت الروح الإيجابية التى جمعت المصریین بالمجر خلال فترة الأزمة، وعلى المستوى السياسى انعكست العلاقات الجيدة بين مصر والمجر فى رغبتهما المشتركة فى تعزيز هذا التعاون ودفعه قدما بالرغم من ظروف الجائحة.