عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
مخاوف من ارتدادات أمنية على خلفية مذهبية
19 أغسطس 2020
العزب الطيب الطاهر


ثمة ارتدادات متوقعة لحكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان فى قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى الأسبق رفيق الحريرى على المشهد الداخلى اللبناني، الذى سيضفى عليها المزيد من التعقيد، لاسيما فى ضوء التداعيات الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت المروع فى الرابع من أغسطس الحالي، وتتجلى المخاوف فى إمكانية وقوع هزات أمنية على خلفية مذهبية، اتكاء إلى أن الأحكام صدرت ضد متهمين من «حزب الله» الشيعى باغتيال رفيق الحريري، الذى ينتمى الى المذهب السني، الأمر الذى من شأنه أن يوفر بيئة مواتية لاشتعال طائفي، يتخوف منه الكثيرون سواء داخل لبنان أو خارجه.



وهو ما تنبه إليه سعد الحريرى رئيس تيار المستقبل ورئيس الوزراء السابق ونجل رفيق الحريري، قبيل توجهه إلى لاهاى لحضور وقائع إصدار حكم المحكمة، حيث عقد سلسلة من اللقاءات مع قائد الجيش العماد جوزيف عون، بحضور مدير المخابرات العميد طونى منصور، والمدير العام لقوى الأمن الداخلى اللواء عماد عثمان، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، جرى خلالها التشاور فى مرحلة ما بعد النطق بالحكم وما يليها ، وكيفية ضبط الوضع الأمنى فى البلاد والتحوّط لأى ردات فعل محتملة، كما عقد اجتماعات مع كوادر تياره، شدد فيها على ضرورة عدم الانجرار إلى ردات فعل غير محسوبة، قد تؤدى إلى توترات مذهبية فى المناطق .



ولاشك أن ذلك يعكس منظورا يتسم بالذكاء السياسى خاصة أنه أى سعد - مرشح بقوة لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، ويحظى بقبول داخلي، فضلا عن درجة عالية من الرضا من قبل أطراف إقليمية ودولية عديدة، فى مقدمتها مصر والسعودية والولايات المتحدة وفرنسا، وإن نجح فى احتواء تداعيات أو ارتدادات ما بعد النطق بالحكم، على نحو يحول دون قيام أنصاره بأى محاولة للإخلال بالوضع الأمني، ضمن ما يمكن تسميته بتصفية حساب مع حزب الله، بعد ثبوت تهمة التخطيط والتنفيذ لعملية اغتيال رفيق الحريرى فى عام 2005، فإنه بذلك سيمتلك الورقة القوية الرابحة التى تجعله رجل المرحلة فى الوطن الجريح.



لاشك أن لبنان سيكون مختلفا، فى اليوم التالى لصدور الحكم، لأن كل الأوراق قد كشفت، وتحددت مسئولية الاغتيال فى جهة بذاتها، ولكن هل ستتعاون حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب - التى أغلقت بوجهها كل أبواب المجتمع الدولى بسبب عدم تلبيتها لدعوة القيام بحزمة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية - مع حكم المحكمة الدولية الخاصة، الذى يبدو أنه سيدفع باتجاه المزيد من زيادة الضغوط على مكوّن سياسى معين - «حزب الله» - وإن كانت المحكمة أعلنت فى أكثر من مناسبة، أن «حكمها موجه لأفراد وليس لحزب أو فئة لبنانية معينة»، والمؤكد فى هذا الصدد أن موقف السلطة الحاكمة، لن يكون إلى جانب الحكم الصادر، بل سيساير حزب الله كما حصل فى استحقاقات سابقة، وقد تكتفى السلطة بالإعلان أن الحكم ليس نهائياً وأنه حكم أولي، وأنه يتعين انتظارصدور حكم الاستئناف .