عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
معارضة أوروبية بلا أنياب لمخطط الضم الإسرائيلى
14 يوليو 2020
خالد الأصمعى


فى الوقت الذى أعلنت فيه فرنسا اعتراضها على ضم الأراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية إلى إسرائيل وطلب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نيتانياهو، فى محادثة هاتفية، التخلى عن اتخاذ أى إجراء لضم أراض فلسطينية معللا أن قرارا من هذا النوع سيكون مخالفا للقانون الدولى وسيقوض إمكانية تحقيق حل الدولتين الذى من شأنه إحلال سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين، تضمن البيان الذى أذاعه قصر الإليزيه أنه فى المكالمة الهاتفية نفسها، أكد ماكرون التزام فرنسا الثابت لأمن إسرائيل وتصميمها على العمل من أجل تخفيف التوترات فى الشرق الأوسط. كما أعرب عن تمسكه بعلاقات الصداقة والثقة التى تربط فرنسا وإسرائيل.



وفى الوقت نفسه، انتقد رئيس الوزراء البريطانى، بوريس جونسون مخطط الضم وحذر من تنفيذه، وذلك فى مقال نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، ولكنه أكد أيضا التزامه والتزام بريطانيا بأمن إسرائيل. وعلى خلاف ذلك جاء الموقف الروسى متسقا مع الحق الفلسطينى عندما أكد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على موقف روسيا المعارض لصفقة القرن ومخطط الضم، وتأييد بلاده لحق الشعب الفلسطينى فى تقرير المصير وحل الدولتين، وهو ما عبرت عنه وزارة الخارجية الروسية، التى حذرت على لسان المتحدثة الرسمية ماريا زاخاروفا، من العواقب الوخيمة لخطط إسرائيل فرض السيادة على أجزاء واسعة من الأراضى الفلسطينية المحتلة.



أمام هذه المواقف غير الحاسمة والتى تواجه بيد وتحابى بالأخرى، يصر نيتانياهو على تنفيذ مخططه ويضفى عليه الشرعية حيث يؤكد أن ضم أراضى الضفة يتماشى مع القانون الدولى مشيرا إلى أن الصيغ السابقة أدت إلى الفشل لمدة 53 عاما وتكرارها سيؤدى إلى مزيد من الفشل فى حين أن خطة الضم تقوم على أفكار جديدة تسمح بتقدم حقيقى واسرائيل مستعدة للتفاوض على السلام وعلى أساسه، والرفض الفلسطينى للتفاوض على هذه الخطة والخطط السابقة هو الذى يمنع التقدم «حسب زعمه».



رغم أن أوروبا لها ثقلها فى الموازين الدولية وهى قادرة على أن تقوم بأشياء عملية كثيرة وأن تكون بديلا يحل مكان الولايات المتحدة فيما يتعلق بدور الوساطة فى تحقيق عملية السلام، بما يتيح للاتحاد الأوروبى أن يلعب دورا أكبر من حيث الرفض والشجب لأن إسرائيل لا تفهم إلا لغة الإجراءات العقابية. لكن الموقف الرسمى لدول الاتحاد الأوروبى، رغم رفضه للخطوة الإسرائيلية بضم الضفة، لكنه لا يستطيع ان يعاقب إسرائيل إذا ما نفذت الضم. وفى رسالة نشرت فى عدة صحف وأرسلت إلى وزراء الخارجية الأوروبيين. وكان ١٠٨٠ نائبا أوروبيا قد أعربوا عن قلقهم العميق من السابقة التى سيخلقها هذا الأمر فى العلاقات الدولية مشيرين إلى أن مثل هذه الخطوة ستقضى على آفاق عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية وتهدد المعايير الأساسية التى تدير العلاقات الدولية وبينها ميثاق الأمم المتحدة. ولكن هذا لا يكفى لأن تكشف الحكومات الأوروبية عن أنيابها لإسرائيل. ويسعى الاتحاد الأوروبى إلى إقناع إسرائيل بالتراجع عن هذه الخطوة لكن أى عقوبات محتملة ستتطلب موافقة كل الدول الأعضاء الـ27. وهذا أمر بالغ الصعوبة



أكد الخبير والمحلل الإستراتيجى الروسى  فيتشيسلاف ماتوزوف، أن مخطط الضم الإسرائيلى لأجزاء واسعة من الأراضى الفلسطينية هو جزء من صفقة القرن، وأن مصيره الفشل، وأن ذلك يعتمد إلى حد كبير على استمرار صلابة الموقف الفلسطينى الرافض لهذا المخطط، وعلى الدعم الذى يلقاه هذا الموقف من أوساط واسعة عربيا ودوليا. جاء ذلك فى ندوة حوارية عبر الإنترنت، نظمها معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومى، تحدث فيها ماتوزوف عن مخاطر صفقة القرن بأنها تتعدى فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط لتصل إلى العالم بأسره بما فيه روسيا، حيث انها تحاول هندسة المنطقة على مقاس مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، معتبرا أن مصالح روسيا الإستراتيجية مهددة بسبب مخطط الضم.



وفى شرحه لخارطة الصراع فى منطقة الشرق الأوسط قال إن روسيا تستطيع أن تغير فى المعادلة، مؤكدا أن حل القضية الفلسطينية يحتاج لرعاية دولية واسعة وليس بمقدور أى قوة دولية فى العالم أن تتولى وحدها رعاية أى تسوية، الأمر الذى يحتاج لتوافق دولى واسع تشارك به روسيا كعضو فى الرباعية الدولية ودول أخرى فى العالم. 



ودعا الفلسطينيين والعرب إلى تعزيز صمود موقفهم الرافض لصفقة القرن ومخطط تصفية القضية الفلسطينية وتقسيم الأقطار العربية، مشيرا إلى أنه بإمكانهم الاعتماد على أصدقائهم الروس الذين تربطهم بهم علاقات صداقة ومحبة تاريخية. وأكد ماتوزوف ضرورة العمل من أجل بناء المؤسسات والجمعيات والأدوات الإعلامية اللازمة للتأثير فى روسيا وغيرها من البلدان لمواجهة ما تقوم به اللوبيات الصهيونية.