عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
سليم المصرى بطل كتاب للأطفال عن كورونا
13 يوليو 2020
د.آمال عويضة


فى غمرة انشغال البالغين فى مكافحة جائحة «كوفيد 19» ومتابعة تأثيراتها على مختلف الأصعدة، اهتمت هيئات الأمم المتحدة ببراعم المستقبل، حيث أنتجت العديد من المواد التفاعلية لتخفيف آثار انتشار فيروس كورونا المستجد، والتى كان من بينها كتاب ملون للأطفال مصمم للقراءة بصحبة البالغين من أفراد الأسرة أو معلمين أو مقدمى الرعاية لشرح كل ما يتعلق بالجائحة العالمية وكيف يمكن للأطفال التعامل والتصالح معها ومحاربة الفيروس، وذلك عن طريق حوار بين الطفلة سارة وأمها، وذلك فى أربعين لغة تحت عنوان «بطلتى أنتِ» You are my hero، والذى كتبته ورسمته هيلين باتوك خريجة مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية وصاحبة مبادرة «كتابنا» ومقرها لندن، التى أطلقتها فى 2014 مع أخريات بعد تعلمها العربية فى لبنان، وتهتم بكتابة ورسم القصص لأطفال الشرق الأوسط ممن يعانون مشكلات تتعلق بالنزوح والخروج من أوطانهم.



تعاونت نحو 50 منظمة إنسانية فى إنتاج الكتاب بما فى ذلك منظمتا الصحة العالمية والأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، ومفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، والاتحاد الدولى لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر ومنظمة إنقاذ الطفولة، وذلك فى إطار مشروع للمجموعة المرجعية للجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات والمعنية بالصحة العقلية والدعم النفسى الاجتماعى فى حالات الطوارئ، وهو تعاون فريد بين وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية والوكالات الدولية للصحة النفسية والدعم النفسى والاجتماعى فى حالات الطوارئ.



يحرص سياق الكتاب المكون من 22 صفحة على تمثيل أطفال العالم بتوازن ورهافة ملحوظة، حيث تتحرك الطفلة سارة السمراء دون تحديد لجنسيتها مع صديقها الكائن الأسطورى آريو الذى يطير بها حتى يصل إلى أهرامات الجيزة، وتلتقى بأطفال يلعبون ومنهم سليم المصرى الذى يتبادل معها المعلومات حول كيفية قيام صغار السن بحماية أنفسهم وأسرهم وأصدقائهم من الفيروسات، وكيفية التعامل مع مشاعرهم فى مواجهة واقع جديد سريع التغير. كما يقدم نصائحه مثل الحرص على مسافة تباعد لا تقل عن متر مع أى شخص وغسل اليدين والتلويح بهما للتحية بديلًا عن المصافحة، ثم ينضم سليم إلى الركب العابر للقارات وتتوالى المواقف فى لقاءات مع ساشا الطفلة المعاقة ثم ليلى فى مخيم اللاجئين وكيم الآسيوى.



يستهدف الكتاب الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 11 عامًا، وقد تم الاستعانة بعينة منهم فى خلال المراحل الأولى من المشروع، حيث شارك نحو 1700 طفل وآباء وأمهات ومعلمون ومقدمو رعاية ومشرفون من جميع أنحاء العالم لإضافة ملحوظاتهم التى اعتنى بها فريق المشروع للتأكد من رجع الصدى الإيجابى لدى الأطفال من خلفيات وقارات مختلفة، صدر الكتاب عن اللجنة الدائمة المشتركة بين وكالات الأمم المتحدة التابع لوكالة تنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) التى تعمل فى إطار مجموعة وكالات الأمم المتحدة الإنمائية منذ ديسمبر 1991، لخدمة وكالات المنظمة ذاتها والمنظمات غير الحكومية العاملة فى المجال الإنسانى بهدف تعزيز استجابة الأمم المتحدة وشركائها لحالات الطوارئ المعقدة والكوارث الطبيعية عن طريق التنسيق وتوحيد جهود الجهات الإنسانية الفاعلة لضمان استجابة متماسكة عن طريق التخطيط ووضع السياسات وإطلاق النداءات الموحدة لتقديم المساعدة الإنسانية الضرورية واللازمة لإنقاذ الأرواح وحماية البشر. تم دعم المشروع من قبل خبراء عالميين وإقليميين وقطريين من الوكالات الأعضاء، بالإضافة إلى الآباء ومقدمى الرعاية والمدرسين والأطفال فى 104 دول. تم توزيع دراسة استقصائية عالمية باللغات العربية والإنجليزية والإيطالية والفرنسية والإسبانية لتقييم الصحة النفسية للأطفال والاحتياجات النفسية والاجتماعية خلال تفشى كوفيد 19 ليتم تطوير عدد من المواضيع التى تم تناولها من خلال القصة باستخدام نتائج المسح، وقد خرج الكتاب فى نسخته الأولى بالإنجليزية مصحوبًا بالترجمة إلى اللغات الرئيسية وعلى رأسها العربية والصينية والفرنسية والروسية والإسبانية، وذلك قبل أن تتم ترجمته إلى عشرات اللغات من بينها الأمازيغية والأمهرية والألبانية والأرمنية وإتاحته ككتاب مقروء وصوتى عبر شبكة الإنترنت مجانًا .



وفور إصدار الكتاب، خرجت تعليقات الشركاء المتعاونين لترويجه، حيث كتب د. تيدروس أدهانوم جيبريسوس مدير عام منظمة الصحة العالمية: «لقد أظهرت لنا حالات الطوارئ الإنسانية السابقة مدى أهمية معالجة مخاوف وقلق صغار السن عندما تنقلب الحياة التى يعرفونها رأسا على عقب. نأمل أن يساعدهم هذا الكتاب المصور الذى يأخذ الأطفال فى رحلة عبر المناطق الزمنية والقارات على فهم ما يمكنهم فعله بصورة إيجابية والحفاظ على سلامتهم فى أثناء تفشى الفيروسات عمومًا».



وقالت هنرييتا فور، مديرة اليونيسف التنفيذية: «فى جميع أنحاء العالم، انقلبت حياة الأطفال بالكامل، حيث واجه معظمهم تجربة الحياة فى بلدان بها شكل من أشكال تقييد الحركة أو الإغلاق المحدود. يساعد هذا الكتاب الرائع الأطفال على فهم هذا المشهد الجديد والتنقل فيه ومعرفة كيف يمكنهم اتخاذ إجراءات صغيرة ليصبحوا أبطالًا فى حيواتهم الخاص».



بينما أكد فيليبو جراندى مفوض الأمم المتحدة السامى لشئون اللاجئين أهمية الكتاب قائلًا: «هذا مصدر مهم للمعرفة للأطفال فى جميع أنحاء العالم يتضمن فى صميمه رسالة واضحة على ضرورة التعايش والاندماج، إذ أن هذه الجائحة لا يمكن التغلب عليها إلا إذا تضامن الجميع للوقاية منها والتعايش معها فى الوقت نفسه، بمن فى ذلك اللاجئون والمشردون وعديمو الجنسية حيث لا أحد محميا ما لم تكن الحماية لنا جميعًا «.



وثمنت أودرى أزولاى، مدير عام اليونسكو فى كلمتها دور الفن بقولها: «إن مشاركة الحقائق والمعلومات الموثوقة أمر حيوى فى تلك الفترة، وعلينا أن نشيد بدور الإبداع وشغف الفنانين والكتاب والناشرين الذين يجدون طرقًا مقنعة لترجمة وصياغة القصص والأعمال الفنية حتى يتمكنوا من الوصول بيسر إلى الأطفال والأسر وتوجيههم، على الرغم من صعوبة المرحلة، ولذا تفخر اليونسكو بدعم هذه المبادرة كمثال على مساهمة المبدعين فى تحقيق رفاهية الجميع ودعم قدرتهم على الصمود».