عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
الشاهد الصامت
2 يوليو 2020
بريد;
بريد الاهرام


اهتز الرأى العام للجريمة النادرة الحدوث التى انتهت بمقتل الزوجة الشابة طالبة الجامعة بالدقهلية على يد عامل بتحريض من زوجها فاقد النخوة معدوم الرجولة بمواقعتها لكى يتهمها فى عفتها ثم مساومتها على التنازل عن حقوقها القانونية لرغبته فى الزواج من أخرى فى محاولة خبيثة للتلاعب بالقانون وحيلة شيطانية لتضليل العدالة، ولأن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله فقد استطاعت الأجهزة الأمنية فك رموز الجريمة فى وقت قياسى، ونتوقف عند الملاحظات الآتية:



أولا: يغيب عن كثيرين من المجرمين التطور الهائل فى أجهزة البحث الجنائى التى ترصد مسار الجريمة واصطياد مرتكبيها والتى تفوقت فيها أجهزتنا لدرجة أنها أصبحت قبلة للمتدربين من أنحاء العالم لخبراتها المتراكمة ونجاحاتها المتعددة فى فك ألغاز العديد من الجرائم المعقدة.



ثانيا: يلعب الطب الشرعى بمعامله الكيميائية دورا محوريا فى كشف الجرائم خاصة جرائم القتل، والتفرقة بين حالتى الخنق والشنق.



ثالثا: حققت كاميرات المراقبة طفرة هائلة فى المساعدة على كشف الجرائم برصدها الدقيق وصورتها الواضحة، وفى تلك الجريمة رصدت كاميرات المحال القريبة من مكان الجريمة المجرم وهو فى طريقه إلى تنفيذها بدقة بالغة، وننصح كل صاحب منشأة بتركيب هذه الكاميرات، وأقترح أن تكون من ضمن اشتراطات الحصول على تصريح، ولا يغيب عن الذهن الدور الوقائى للكاميرات فى منع الجريمة قبل وقوعها بسبب تردد المجرمين فى الإقدام عليها خشية رصدهم.



رابعا: إحكام الحلقة حول المجرم بالمشاركة المجتمعية بتطوع الشهود بالإدلاء بما لاحظوه من مقدمات للجريمة، وما سمعوه من أحاديث ترتبط بها وإجراءات أدت إليها، ففى هذه الجريمة بعد أن رصدت الكاميرات الجانى، وهو يرتدى ثوبا نسائيا يخفى شكله تم التواصل مع بائعى ذلك النوع من الملابس الذين قادوا الأجهزة الأمنية إلى الخيط الأول فى كشف الجريمة.



وتبقى مجموعة من النصائح التى يجب أن تكون ثقافة مجتمع فى حالة وقوع مثل هذه النوعية من الجرائم.. فما أن تقع الجريمة حتى يتحرك فريق أمنى بسرعة إلى مسرح الجريمة، ويتكون من ضابط ومساعديه ومصور جنائى وفريق إسعاف وخبير بصمات، وله دور أساسى في الفريق، فمسرح الجريمة هو المكان الذى مكث فيه الفاعل فترة من الوقت تمكن خلالها من ارتكاب جريمته، والمكان الذى يتم فيه العثور على بعض ظواهر الجريمة مثل جثة المجنى عليه، والأداة المستخدمة فى الجريمة، وفيه يترك الجانى الآثار التى تدل عليه، والتى قد تكون بصمات الأصابع، أو آثار الدماء، أو أى أنسجة بشرية، وهذه الآثار هى التى أنتجت مقولة (لا توجد جريمة كاملة)، ولذلك يجب عدم العبث بهذا المسرح حتى يستطيع الفريق الأمنى تحقيق أقصى استفادة من الآثار الموجودة به حتى لا يحدث طمس للأدلة من تغيير وضع الجثة، والتى يستدل منها عما إذا كانت الوفاة طبيعية أم جنائية أم انتحارا؟، أو تغيير حالة الأبواب والنوافذ ومصابيح الإضاءة لمعرفة طريقة دخول الجانى وكذلك عدم العبث بالملابس أو مسح آثار الدماء أو طمس البصمات حيث إن التطور العلمى وصل إلى درجة إسناد أى أثر من تلك الآثار إلى شخص محدد على سبيل القطع وليس الترجيح، ومن هنا قيل بحق إن مسرح الجريمة هو مستودع أسرارها، وإنه «الشاهد الصامت».



وجدان أحمد عزمى ـ المحامى