عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
ماذا نفعل للآخرين؟
27 يونيو 2020
د. أحمد عاطف دره


تطرح أزمة كورونا العالمية السؤال الخالد الذى طالما طرحه الانسان على نفسه منذ بداية الخليقة وهو: هل هناك مسئولية على كل منا تجاه الآخرين؟ انه جرس تنبيه لنا لنتذكر الحكمة الشهيرة التى تقول : ما استحق من يعيش من عاش لنفسه فقط. ومن المؤكد ان اغلب الديانات والمعتقدات والثقافات تحث على قيمة التضامن والمساعدة، وعلى تضحية الانسان من أجل الاخرين. ورغم ان الأنانية هى الملمح الاكبر لبنو الانسان منذ بداية الخليقة، الا اننا نقول بملء افواهنا ان من اقاموا الحضارات وانشأوا الدول وطوروها هم الذين عاشوا للآخرين ولم يعيشوا لأنفسهم اوللمقربين منهم فقط.



ماذا عسانا ان نفعل فى عالم اليوم اللاهث والصاخب والمشتت للعزائم؟ هل لابد ان نكون انبياء او مصلحين او زعماء او فنانين او علماء لكى نستطيع ان نعطى للدنيا كل الخير؟ كيف يمكننا التعايش فى سلام مع أنفسنا ومع الآخرين؟. كلنا اخوة. وكعربون رئيسى لهذه الاخوة لابد ان نعطى الآخرين أى شىء وكل شىء، حتى لو كانت ابتسامة عذبة وروحا ضاحكة تبسط الامور. وهناك الكثير من الامور البسيطة لكنها نافعة، مثل تعليم الآخرين أى مهارة او تسهيل مصلحة لهم وغيرها. ولابد ان نفشى السلام، فكل من حولنا له قصته مع الدنيا وتحدياته وآلامه الصغيرة او الكبيرة. بدلا من ان نتباعد ونفترق ونغضب.



ولان لا أحد يستمع لاحد عامة. فلنبادر نحن لنكون آذانا صاغية للآخرين، فنعطف على بعضنا البعض مثلما يفعل الله معنا، ونرفق ونسامح بعضنا البعض اقتداء بخالق الكون الذى قال انه جل جلاله يغفر الذنوب جميعا. ويجب ايضا ان نحافظ على كرامة بعضنا البعض. او كما يقول البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية الان، وهم من اعظم الصالحين فى هذا الزمان: كن رسولا للاذن واستمع للناس. استمع الى صوت الفقراء. والى صوت المرضى. واجعل من كل ذلك اسلوب حياة. تعنى الحياة ضمنيا ان نوسخ اقدامنا فى طرق الحياة المليئة بالاتربة.من المؤلم ان يعتقد اغلب الناس ان قلة فقط هى التى تحتاج ان تغسل اقدامها.



لابد ان تدرك ان جراح وآلام اى انسان ايا كانت هى ايضا آلام. يريدنا الله جميعا ان نغسل اقدامنا ونعود الى المائدة. مائدة ممتدة لكل البشر«.ان التبرع والتطوع والعمل الخالى من المكسب المالى هم اساس حياة الانسان ككائن راق كرمه الله. فلابد إذن ان نساعد الآخرين على قدر ما نستطيع على توفير الاساسيات الثلاث لحياتهم: السقف أى المنزل للحفاظ على قيمة وجود أسر فى الكون. فمهما كانت هناك صعوبات فى اى عائلة، سيتم التغلب عليها بالحب. خاصة فى هذا التوقيت الذى اصبحت به أغلب الثقافات والانظمة خاصة فى الغرب لا تخلق بيئة مشجعة على تكوين الاسر، مهما تشدقت بالمساعدات المالية او الاجتماعية التى تقدمها. لكن انظر الى الثقافة السائدة عالميا الان، فهى تنعى دائما فشل منظومة الاسرة وتشجع على الحياة خارجها. فيصبح البشر فرادى هائمين يسهل السيطرة عليهم ويفقدون البطارية المعنوية التى تربطهم بالحياة.



ولابد ايضا ان نساعد الآخرين على العمل باعتباره أنبل شىء يمتلكه الانسان. او كما يقال ان العمل هو ان تحاكى فعل الله فى الخلق بيديك. لقد اثبتت كل النظم الاقتصادية فى الغرب فشلها فى تحقيق العدالة الاجتماعية سواء كانت اشتراكية أو رأسمالية او اقتصاد السوق او العولمة أوغيرها. ألم يجىء الوقت اذن للبحث عن أنظمة جديدة لا تجعل كل ثروات الكون فى ايدى قلة. لا احد منا جزيرة منعزلة. فلابد اذن ان نبنى الحياة معا من دون إقصاء اى شخص وان يسير التقدم العلمى بشكل متواز مع المساواة والدمج الاجتماعى وان نجاهد لكى يصبح البشر اكثر تناغما.



من الافضل لنا ان ننتبه كذلك لنتخلص من أمراض النفس فى هذا الزمان. فالنفس معرضة ايضا للإغراءات والعطب . ومن أمراضها ظن البعض انهم خالدون او محصنون او لاغنى عنهم إطلاقا. نفوس لا تنتقد ذاتها و تنفق عمرها فى التنافس والغرور والاكتناز. والانسان كائن مبعوث فى رحلة قصيرة. لماذا يملأ جل عمره اذن بتكدس سلع مادية لا يحتاجها؟ هل لانها ستشعره بالأمان؟ ويترك الآخرين يعيشون على الفتات ماداموا خارج إطاره. وآفة كل زمن هى المجموعات المغلقة التى تتحيز لاعضائها وتسلب الآخرين كل حق.



ومن أمراض النفوس أيضا التشاؤم والأكاذيب. ومن مصلحتنا أن نتخلص من كل ذلك لنستريح ونسعد. فلن ينقص رزق أى احد اذا ساعد الآخرين، فالله يحبنا كلنا. والرباط الاساسى بيننا كبشر هو محبة الله لنا.