عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
«كورونا».. وتصاعد الأزمات فى الإقليم
18 يونيو 2020
◀ د. جمال زهران


في الوقت الذي تشتد وتتصاعد أزمة فيروس كورونا، بعد أن نخطت أعداد الإصابات (8) ملايين، وبلغت الوفيات نحو نصف مليون، ومتوسط الاستشفاء نحو (40%) في المتوسط، في ذات الوقت الذي تشتد وتتفجر أزمات الإقليم، وهو أمر يدعو إلي العجب!. فأمريكا, طبقًا لما هو معلن حتي يوم الثلاثاء الماضي, هي أكبر دولة تعاني وباء كورونا، حيث تجاوزت الإصابات 2 مليون مواطن، وتجاوز عدد الوفيات (120) ألفًا، ونسبة الاستشفاء (30%)، تليها الآن البرازيل حيث يقترب عدد المصابين من المليون حالة، وعدد الوفيات تجاوز الـ (40) ألف شخص إلا أن بريطانيا تحتل المركز الثالث في عدد الوفيات رغم تجاوزها الـ (40) ألفًا، وعدد الإصابات نحو نصف مليون! ثم أوروبا بدرجات متقاربة، حيث إن أكبر الدول: (إيطاليا فرنسا إسبانيا ألمانيا) وغيرها. علي الرغم من ذلك، فإنه من المفترض الانشغال بهذه الأوضاع في الداخل، للقضاء علي الفيروس بأولوية كبيرة، إلا أنه يلاحظ تركيز بعض الدول في هذا الشأن، بينما هناك دول مازالت تمارس هواياتها في خلق وتصعيد وتعقيد الأزمات، في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.



وقد لوحظ أن الإقليم الذي يحظي بأعلي درجة من الأزمات وعدم الاستقرار، هو الإقليم العربي والشرق أوسطي، بالمقارنة بأي إقليم في العالم شرقًا وغربًا، أو شمالاً وجنوبًا. وقد هدأت الأمور بعض الشيء في بداية أزمة كورونا، إلا أنه سرعان ما عاد مرة أخري مع تراجع الانتشار الأفقي والمواجهة الشاملة للفيروس خصوصًا في أوروبا وآسيا، إلا أن الفيروس يتلاعب بالمنطقة العربية والشرق أوسطية، وكأن القدر يعاند هذا الإقليم الذي يشهد تصاعدًا في كورونا، مع تصاعد في عدم الاستقرار، وتصعيد في أزماته. فها هي أمريكا تدعم إسرائيل، بعد التصديق علي حكومة نيتانياهو، لحفزها علي الضم والإسراع به وتجسيد مشروع خطة ترامب في الواقع العملي، وفي المواجهة تصاعد الموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية بقيادة أبو مازن بقرارها بإلغاء جميع الاتفاقيات بدءا من أوسلو، مع الكيان الإسرائيلي، لتشهد الأيام المقبلة تصعيدًا مستمرًا. كما يلاحظ التدخل السافر لأمريكا بإصدار ترامب قرار قيصر ضد سوريا ولبنان، تنفيذًا لقانون الكونجرس الذي صدر في عام 2019م، والإسراع بالتدخل عبر الأدوات الناعمة لتدمير اقتصاد الدولتين، من خلال تشجيع عملائها علي التعجيل بانهيار اقتصادهما، وتصدير حالة الحرب الأهلية كبديل آخر للفشل الأمريكي باستخدام الآلة العسكرية. وقد لاحظنا انهيار العملة الوطنية (الليرة السورية واللبنانية)، خلال الأسابيع الأخيرة، فوق ما هو متصور، وبغير أساس واقعي!.



وفي ذات الوقت، شجعت أمريكا، تركيا علي التدخل الواسع في الأزمة الليبية ودعم ومساندة حكومة السراج في الغرب علي خلفية الاعتراف الدولي بها، الأمر الذي أسهم في دعم قوة ونفوذ وانتشار هذه الحكومة وتقهقر وتراجع الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر إلي الشرق الليبي في بنغازي، بعد أن كادت قوات هذا الجيش تسيطر علي طرابلس وإنهاء الأزمة. ومن ثم أصبحت مصر في حالة استنفار بعد هذا التدخل، الأمر الذي دفعها لإعلان مبادرة سلمية لحل الأزمة الليبية. كما تم تفجير وتصعيد أزمة سد النهضة، عبر الدعم الواسع من أطراف إقليمية ودولية، لأثيوبيا في مواجهة مصر والسودان. فضلاً عن استمرار الأزمة اليمنية. بالإضافة إلي استمرار الأزمة الإيرانية وبرنامجها النووي، واستمرار العقوبات الأمريكية إلي حد تهديد أي دولة في العالم تتعامل مع إيران كسرًا للعقوبات، سيكون شمول العقوبات الأمريكية لها. وقد تمخض عن ذلك كرد فعل لهذه العقوبات، أن بادلت إيران التهديد بمثله وترجمت ذلك بإصرارها علي وصول ناقلات النفط الخمس إلي فنزويلا لتسقط التهديدات الأمريكية، وتم تفادي المواجهات! ويجري حاليًا توصيل المساعدات الإيرانية للبنان وسوريا، مع مساعدات عسكرية واقتصادية روسية لسوريا، كاسرة بذلك الحصار الأمريكي وعقوبات أمريكا الاقتصادية!.



وختامًا فإنه بدلاً من أن تكون أزمة كورونا، لها تداعيات إيجابية باستقرار الأزمات إلي أن تنتهي هذه الأزمة الكورونية، إلا أن الإقليم العربي والشرق أوسطي دائمًا ما يكون ضد طبيعة الأشياء والقواعد، حيث استعادت الأزمات نشاطها وتصاعدها، وهو أمر لا يحمد عقباه خلال الشهور المقبلة.