من المشكلات الرئيسية لمن يتأمل جدل الحريات مقابل الأفكار العنصرية بأمريكا، مسألة إعداد الطفل لتقبل فكرة التعايش بمجتمع يحكم عليه أولا، أحيانا على أساس لون بشرته. ومحاولة توجيهه نفسيا وفكريا، بحيث لا يسمح لهذه الأحكام بتشويه نطرته لذاته ولموروثه العرقي.
وفى محاولة جادة لتجاوز هذه المشكلة، خرجت سلسلة من الكتابات الموجهة للطفل من أجل محاولة إزالة ما قد يعلق به وبعقله من ترسيبات سلبية لأفكار مجتمع يتأرجح بعنف ما بين مفاهيم الحرية والمواطنة وما بين أفكار التفرقة والتفوق الأبيض.
فكان من أبرز ما ضمته مكتبة الطفل الأمريكية، «حب الشعر» للكاتب ماثيو أيه. تشيري، والذى يساعد القارئ الصغير على تجاوز النظرية العنصرية السلبية للشعر المموج غير الانسيابي، من خلال حبكة لطيفة يحاول خلالها الأب إقناع ابنته الصغيرة بأن تحب نفسها وشعرها الطبيعى ولا تتأثر بالفكرة الاجتماعية التى تساوى ما بين الجمال وما بين الشعر الخالى من التموج.
ويحلق كتاب « قيادات صغيرة: نساء شجاعات فى تاريخ السود» لمؤلفه فاشتى هاريسون فى الفلك نفسه، وإن كان بشكل أكثر عمقا مستهدفا الأطفال واليافعين. ويتناول قصص 40 شخصية مؤثرة بمختلف المجالات، واللاتى تعد من أيقونات تاريخ السود بأمريكا مثل أليس بول، الكيميائية الرائدة وصاحبة «علاج بول»، الذى تم استخدامه بفاعلية فى بداية القرن العشرين لمداواة مرضى الجذام، وعالمة الرياضيات كاثرين جونسون، التى كانت إنجازاتها فى مجال الميكانيكا المدارية سببا رئيسيا فى نجاح أول الرحلات الفضائية الأمريكية. والشاعرة مايا أنجيلو، وصانعة الأفلام جولى داش.
أما « بشرة مثل بشرتي»، للكاتبة لاتشيا أم. بيري،، فيعد الثانى من نوعه بعد كتاب « شعر مثل شعري»، ويحتفى بفكرة التنوع بين الأطفال ويحارب ممارسات التنمر التى تستهدف سمات الشكل الخارجى التى غالبا ما تحتكم لمعايير عنصرية. ولا يقتصر تركيزه على فكرة تقبل الآخر، ولكن أيضا تقبل واحترام وحب المرء لذاته وعدم الاحتكام إلى النظرة السائدة والتى قد يكون مصدرها أفكار خاطئة حول تحديد ما هو «جميل» وما هو «قبيح»، و ما هو «مقبول» و ما هو «مرفوض».
وفى « الجميع مرحب بهم» للكاتب ألكسندر بينفولد، هناك تتبع ليوم دراسى يضم الجميع، ما بين أصحاب البشرة السمراء أو غيرهم من أصحاب البشرة البيضاء وما بين صغيرات مرتديات الحجاب وما بين صغيرات من خلفيات دينية مختلفة. الجميع يستمتع بوقته ويتعلم من بعضه البعض وعن بعضه البعض.
تلك مجرد أمثلة على تيار قوى ومتنوع من الكتابات الموجهة للصغار أو اليافعين، تتناول قضايا التنوع والاحترام وتقدير الاختلاف، والأهم أنها تساند فكرة تقدير الطفل لذاته وللثراء الذى يحققه اختلافه عن الآخرين. ولكن يبدو أن الأمر يحتاج أكثر من ذلك قليلا.
وعربياً؛ يبرز كتاب «العنصرية كما أشرحها لابنتي» للكاتب الطاهر بن جلون والذى ترجمته دار الساقى عن الفرنسية، ولد هذا الكتاب نتاج تساؤلات وجهتها له ابنته ذات السنوات العشر عن العنصرية. فيحاول بن جلون الإجابة عن تساؤلات ابنته وغيرها من الشباب، وكذلك مساعدة البالغين على إيجاد إجابات مقنعة على الأسئلة التى يوجهها لهم أولادهم. وذلك عبر مناقشة قضايا العنصرية والاختلاف والاندماج الاجتماعى من عدة جوانب فكرية وفلسفية واجتماعية بأسلوب مبسط دون تسطيح، وإن كان يركز على المجتمع الفرنسى وما يتضمنه من مهاجرين ولاجئين وتعامل الفرنسيين معهم.