فنزويلا.. «قنبلة موقوتة»!
بعد أن دمر الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائى ثلاجتها القديمة، باتت تيريزا تشترى طعاما لا يحتاج إلى الحفظ، وحتى عندما يتوافر لديها القليل من المال لشراء بعض قطع اللحم، تلجأ السيدة الفنزويلية إلى تقنية قديمة وهى حفظها بالملح، إنه عبء جديد يضاف إلى مرض ابنتها الذى يكلفها نحو 70 دولارا فى الشهر بالكاد تستطيع تدبير نصفه، هكذا كانت حياة المعلمة فى إحدى مدارس العاصمة الفنزويلية كاراكاس، وذلك قبل أن يضرب الفيروس التاجى البلاد.
إن قصة تيريزا وبلدها متطرفة فى نواح كثيرة، فقد اتخذت حكومة الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو إجراءات سريعة بعد دخول كورونا أراضيها، وهو ما يفسر انخفاض عدد الحالات حتى الآن، ولكن ذلك لا يعنى أن فنزويلا بعيدة عن حافة الخطر، فالخبراء يحذرون من أنه على الرغم من بطء انتشار الفيروس، الذى يرجع فى فى جزء كبير منه إلى عزلة فنزويلا، إلا أن الأعداد قد ترتفع بسرعة عالية بما يكفى لاختبار النظام الصحى المتدهور أصلا فى البلاد.
قبل الوباء، كان الفنزويليون يموتون بالفعل بسبب أمراض يمكن علاجها مثل الحصبة والدفتيريا والسل والملاريا بمعدلات تنذر بالخطر، وذلك بسبب التدهور الشديد لنظام الرعاية الصحية. فالمستشفيات تفتقر إلى أبسط متطلبات البقاء، كالكهرباء والأسّرة وأجهزة التنفس الاصطناعى ومعدات الحماية الشخصية. ومع نقص المياه الجارية يغسل الأطباء أيديهم من المياه المتساقطة من مكيف الهواء ويحضر المرضى المياه الخاصة بهم للشرب وتنظيف المراحيض، تبدو احتمالات التصدى للفيروس التاجى ضئيلة للغاية! لا يعد انهيار النظام الصحى كابوس فنزويلا الوحيد فمنذ أن بدأ الانهيار الاقتصادى فى البلاد عام 2013، فر ما لا يقل عن 4.5 مليون من مواطنيها إلى الخارج. والآن ومع ندرة الوظائف فى تلك البلدان بسبب الوباء، يسعى الآلاف من العمال المهاجرين إلى العودة إلى ديارهم، وهو ما يرفع خطر انتشار الفيروس بنسبة كبيرة. الوباء العالمى قضى أيضا على ما تبقى من الاقتصاد، وأدى انهيار أسعار النفط العالمية إلى القضاء على شريان الحياة الاقتصادى المتبقى الرئيسى لفنزويلا. وبرغم ظهور مادورو ونوابه على التليفزيون الحكومى كل ليلة لتقديم تحديث لكل حالة جديدة وإعلان شحنات مساعدات وإمدادات طبية من الدول الحليفة، بالإضافة إلى وعد بمليون اختبار من الصين، لا يزال الفنزويليون المتشككون لا يثقون فى ادعاءات الحكومة ويرون أن البلاد باتت أشبه بـ«قنبلة موقوتة».