تخيل أنك تستطيع التنقل فى دقائق معدودة بين شمال مصر وجنوبها لتزور مواقع أثرية وتتجول فى ساحاتها، وتخيل أنك بضغطة واحدة ستنتقل بين المعابد والمقابر لتراها بتفاصيلها الدقيقة. وأنك حقا ستدخل إلى مقبرة بتاح حتب بسقارة وبعدها بدقيقة واحدة ستهبط إلى مقبرة حور محب فى وادى الملوك أو تتجول وسط معبد كلابشة فى أسوان.
سلمى الدرديري، فتاة ثلاثينية استطاعت أن تحول هذا الخيال إلى واقع وتتيحه «أون لاين» لكل من يرغب فى زيارة ٨ مناطق أثرية مصرية من أى مكان فى العالم. بدأت سلمى العمل على فكرتها فى عام ٢٠١٢، وانطلقت الفكرة واقعا فعليا فى عام ٢٠١٥، بعد تخرجها فى كلية الفنون الجميلة قسم العمارة وحصولها على منحة من وزارة الاتصالات، اتجهت سلمى إلى مجال التصوير و»الأنيميشن».
وخلال زيارتها لمدينتى الأقصر وأسوان، قررت أن تستخدم ما تعلمته بخصوص تقنية التصوير المعروفة بـ»٣٦٠درجة» فى تصوير تلك المناطق الأثرية وأطلقت موقعا مجانيا تحت عنوان أخاذ، هو «وصف مصر».
تقول سلمى: «بدأت هذا المشروع بحماس شديد وانبهار فنحن نملك تراثا بديعا، ربما لا يملك الكثيرون فرصة لرؤيته عن قرب، وبتقنية ٣٦٠ درجة تكون رؤية المواقع الأثرية مختلفة تماما عن الصور الفوتوغرافية وحتى الفيديو». وتضيف: «فهذه التقنية تتيح للزائر التحرك كيفما يشاء وتوفر الكثير من التفاصيل الدقيقة، فضلا عن كونها وسيلة رقمية حديثة للترويج للمواقع السياحية».
وربما كانت تلك التفاصيل الدقيقة هى ما جعلت العديد من المتخصصين فى علوم المصريات فى مقدمة رواد موقع «وصف مصر»، وهى أيضا ما دفع أحد برامج الأمم المتحدة المهتمة بحفظ التراث فى العصر الرقمى لدعوة سلمى لعرض تجربتها خلال لقاء مع متخصصين دوليين. وخلال أزمة كورونا الراهنة، زاد الإقبال على «وصف مصر». فتقول سلمى: «شهد الموقع إقبالا رائعا مؤخرا، وبخاصة من دول أمريكا الجنوبية، فبلغ عدد الزوار نحو ٦٥ ألف زائر خلال أبريل الماضي، بينما سجلت جولة داخل مقبرة رمسيس السادس أكثر من مليون مشاهدة وأصبح موقع وصف مصر واحدا من المواقع التى يوصى بزيارتها فى أثناء فترات العزل الإجبارى لأغراض صحية».
ومع هذا الإقبال الكبير تخطط سلمى لتطوير موقعها المجاني، والترويج لزيارة مصر بصورة رقمية متطورة.