عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
الرحلة القديمة
22 مايو 2020
بريد الجمعة;


ليس مستبعدا وسط المجتمع المفتوح الذى نعيش فيه والأفلام والقصص التى تروج للرومانسية والحب أن تكون أى فتاة قد عاشت قصة حب عفيفة لم تتعد الخطوط الحمراء, وارتبطت عاطفيا بابن الجيران, ولكن القدر جعلها مثلا تلتحق بالجامعة بينما هو لم يكمل تعليمه فذهب كل منهما فى طريق مختلف.



فهل نحكم على هذه الفتاة بأنها صاحبة ماض أسود, لمجرد أنها ارتبطت بابن الجيران على أساس الزواج ولم يكن لهما نصيب معا؟.. بالتأكيد لكل منا سواء شابا أو فتاة قصة حب لم تكتمل, ومن غير المعقول أن نعتبرها ماضيا مشينا، فنخفيها ونحكم على صاحبة التجربة بأنها غير شريفة وليس مستحبا الزواج منها، ثم لماذا لا يحاسب كل طرف الآخر منذ لحظة الارتباط به رسميا؟ وما كان فى الماضى بالتأكيد ذهب ولن يعود.. لقد كانت لى صديقة متحررة نوعا ما وكانت فى أثناء دراستها الجامعية تقيم علاقات متعددة دون أن تتعدى الخطوط الحمراء وكانت ملابسها أقرب للعرى, وعاشت العديد من قصص الحب العفيفة التى لم تكتمل, لأن الشباب كانوا يفهمون نمط حياتها بطريقة خاطئة, وكانت لهم أغراض دنيئة منها، لكنها لم تلق لهم بالا، ومضت فى طريقها الذى رسمته لنفسها, وبعد التخرج ارتدت الحجاب والتزمت المنزل، وأصبحت ملابسها محتشمة، وتركت شقاوة الجامعة إلى غير رجعة، وغيّرت حياتها تماما وأصبحت إنسانة أخرى, وأعجب بها أحد الشباب فى مناسبة اجتماعية، وتقدم للزواج منها، وبعد أشهر معدودة ذهبت لزيارة عائلتها ومعها زوجها وقررا المبيت فى غرفتها القديمة فى بيت عائلتها, فاستغل زوجها الفرصة وأخذ يعبث بمحتويات الغرفة وأغراضها المهملة فوق الدواليب التى لا تعلم هى نفسها عنها شيئا, فوجد العديد من الصور التى تجمعها بشباب فى الجامعة وصورا لرحلاتها مع طلبة كانت قد ارتبطت بهم عاطفيا, وأقسمت لى بأنها كانت تظن أن تلك الصور قد ضاعت وتم التخلص منها لأنها نسيت تلك الفترة تماما بكل ما فيها واعتبرتها «فترة طيش» لا أكثر, وأنها أصبحت شخصية جديدة تماما، ولكن زوجها لم يتفهم ذلك واعتبر أنها خدعته بمظهرها الذى يوحى بالالتزام ووضع الصور أمام عائلتها، وألقى عليها يمين الطلاق فى وجود والديها, وثار ثورة عارمة بدعوى أنه تم النصب عليه من عائلة صديقتي!



يا الله: لماذا يفتش البعض فى الماضى الذى عفا عليه الزمن وغطاه التراب واندثر تماما؟ ولماذا لا يبدأ الشاب أو الفتاة حياة جديدة, وما المانع أن تكون الفتاة قد أخطأت خطأ عابرا ثم تابت؟..



إننى أذكر كل شاب ينبش فى الماضى بأننا لسنا ملائكة، فالشباب يعيشون قصصا وتكون لهم صداقات بدافع الحب أو الارتباط, ويجب أن يلتمس كل طرف العذر للآخر، وفى النهاية أذكّر الجميع بأن الله يقبل التوبة من كل البشر.



 



ولكاتبة هذه الرسالة أقول:



 



فى مسألة العلاقات العاطفية توجد فى حياة الإنسان مرحلتان مهمتان: الأولي: مرحلة المراهقة, وفيها يطلق الشاب العنان لنفسه فيفعل ما يحلو له, من تعارف على الفتيات, ومحاولة الاقتراب منهن, وإذا لم يجد من يوجهه فقد تصل به الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، والثانية: مرحلة النضج حيث يكون أكثر اتزانا, وتتغير نظرته إلى الحياة, ويختار شريكة حياته بعقلانية, ووفقا للقواعد الدينية والأخلاقية, وعادات وتقاليد المجتمع الذى يعيش فيه, وما يقال عن الشاب ينطبق على الفتاة, وهكذا نجد أننا محكومون بقواعد لا يمكن أن نحيد عنها, أو نرضى بديلا لها.



والخطوط الحمراء التى تتحدثين عنها، تقصدين بها العلاقات المحرمة لكننى أراها فى كل تصرف يفتح باب الشيطان, ويدفع المرأة أو الرجل إلى ارتكاب الخطيئة الكبرى, فاللمم أو اللمسات التى يراها البعض أشياء عابرة, هى بداية الكارثة على الفتاة والشاب على حد سواء, فمن ينساق وراء أهوائه سوف يقع حتما فى المحظور إن عاجلا أو آجلا.



وإذا سلمنا بهذه الحقيقة فإن ما ينبغى على الفتاة أن تفعله هو أن تلتزم حدود «التعامل الأخوى», ولا تتعدى علاقات الزمالة العادية مع أى شاب, وكذلك هو يجب ألا تمتد علاقاته بزميلاته إلى خارج أسوار الجامعة, أو مقر العمل.



أما من ناحية العلاقات العاطفية فقد يرتبط شاب بفتاة لفترة من الوقت ويكتشفان بعدها عدم وجود تقارب بينهما, فيضطران إلى فسخ الخطبة ويذهب كل منهما إلى حال سبيله, وفى هذه الحالة لا غبار على الفتاة إذا كانت قد التقطت لها عدة صور مع خطيبها السابق ما دامت صورا عادية.



والأفضل دائما هو أن تشير الزوجة فى حديثها مع زوجها إلى علاقات الزمالة والشلة خلال فترة الدراسة الجامعية, حتى لا يفاجأ بما لا يتوقعه فتتسرب الشكوك إلى نفسه, والمؤكد أنه عاش مواقف مماثلة, وهى أمور بسيطة لا تستدعى أن نتوقف عندها, ويكون تعاملنا معها بهذا التهور الذى أوصل العلاقة بين صديقتك وزوجها إلى حد الطلاق.



وفى كل الأحوال فإن التوبة الصادقة والالتزام الدينى يمثلان أساسا متينا لحياة مستقرة, وهنا أقول إن الزوج والزوجة يجب أن يحكم كل منهما على تصرفات الآخر منذ لحظة الارتباط حيث لا يكون مسموحا لكليهما بأى تجاوزات, ويكونان لبعضهما بمثابة كتاب مفتوح, وتكون تصرفاتهما بمنتهى الشفافية, وبهذه الطريقة تتحقق الثقة المتبادلة بينهما.



وأنصح زوج صديقتك بأن يعيدها إلى عصمته, فالطلاق ليس هو الحل, وقد يفتح عليه باب الندم على فقده زوجة أحبته وارتبطت به وفضلته على كل من عرفتهم خلال الفترة التى سبقت طلبه يدها, وأسأل الله لهما حياة مستقرة ولك التوفيق والسداد.