عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
‎سوركوف.. كاردينال روسيا الرمادى
16 مايو 2020
رحاب جودة خليفة


يشتهر بألقاب راسبوتين بوتين، أو الكاردينال الرمادى، أو سيد مسرح الدمى. إنه فلاديسلاف سوركوف الذى صعد نجمه إلى جانب الرئيس الروسى فلاديمير بوتين وأصبح شخصية محورية فى سماء السياسة الروسية. على الورق، هو المستشار الرئاسى السابق المسئول عن ملف شرق أوكرانيا. لكن نفوذه يمتد إلى أبعد من ذلك بكثير حتى بعد إقالته من منصبه مؤخرا.



‎صعد إلى السلطة مع بوتين فى عام ١٩٩٩ وكان نائبا لرئيس الوزراء حتى عام ٢٠١٣. وبصفته كبير الأيديولوجيين فى الكرملين، صاغ مصطلح «الديمقراطية السيادية» ـ الذى يتبناه بوتين ـ وهو نظام سياسى منفتح ظاهرياً يتلخص فى الحد من دور الأحزاب السياسية وتهميش الأحزاب الصغيرة. ومنذ أن أطلق فى إحدى مقالاته مصطلح «البوتينية»، باعتبارها اختراقا سياسيا عالميا، وطريقة فعالة للحكم حتى تحولت بالفعل إلى مبدأ سياسى. ‎وسوركوف فى الأصل رجل أعمال وسياسى روسى من أصول شيشانية من مواليد عام ١٩٦٤. وعندما كان شاباً خدم فى وكالة المخابرات العسكرية الروسية، التى اشتهرت بعملياتها السرية بما فى ذلك الاغتيالات والقرصنة. وكان من طاقم الحراسة لميخائيل خودورفسكى الذى كان أغنى رجل فى روسيا لكن سرعان ما انتصر عقله على عضلاته وأصبح مدير العلاقات العامة .وانتهى الأمر بخودورفسكى فى السجن بينما ساعد سوركوف فى إدارة حملة علاقات عامة ضد سيده السابق



‎وعين عام ١٩٩٩ نائبا لرئيس ديوان الرئاسة. وسرعان ما قفز إلى المناصب العليا ليتقرب من بوتين ويصبح مستشاره الأوحد ولسانه ويده اليمنى. وفى عام ٢٠١١، عين نائبا لرئيس الحكومة الروسية، والمسئول عن تحديث الاقتصاد. وفى عام ٢٠١٢ ، تولى أيضا رئاسة ديوان الحكومة فى حكومة مدفيديف.



‎وفى عام ،٢٠١٣ أعفى من تلك المناصب ليصبح مساعدا رئاسيا وكبير المنظرين العقائديين لبوتين ووراء الكثير من نجاحاته. وكما قال عنه زميل سابق: «إن الكثير من نجاحات بوتين تعود لسوركوف الذى توجد بين أصابعه الكثير من الخيوط التى يسيطر من خلالها على البنية السياسية، وهى بنية معقدة للغاية، ولا يعرف سواه المكان الصحيح لكل مكون: المعارضة، والأحزاب السياسية، والنواب، والمحافظون، وإطلاق أو إنهاء حركات سياسية أو منظمات مجتمع مدنى. وكانت واحدة من إسهاماته، حركة الشباب المؤيدة لبوتين والداعمة لسياسته بشدة واسمها «ناشى».



‎وأصبح أيضا المخطط الاستراتيجى فى الأزمة الأوكرانية بعد أن استبدل أساسا فى عام ٢٠١٤ بمساعد رئيس الإدارة الرئاسية ديمترى كوزاك بصفته كبير المفاوضين فى النزاع فى شرق أوكرانيا، عند بدء عملية السلام بين موسكو وكييف. وشهدت خططه تأييدا وعداء فى الوقت نفسه خاصة بعد أن أظهرت وثائق مسربة من الكرملين أن سوركوف أدار شبكة من النشطاء فى شرق منطقة دونباس حيث شن مقاتلون انفصاليون حربا ضد كييف بدعم من موسكو.



‎وفجأة، تم إعلان رحيل سوركوف من دوائر السلطة العليا فى نهاية يناير الماضى باعتبار أن الكرملين يرغب فى «إحداث تغيير» فى إدارة الأزمة الأوكرانية. لكن هل تكون هذه هى النهاية بكل بساطة لرجل بهذا الثقل والعقلية أم تم اعفاؤه كما حدث عام ٢٠١٣ ليعود فيما بعد بدور أكبر؟