عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
علماء رهن الطلب!
13 مايو 2020
عبدالله عبد السلام


أوقع كورونا السياسيين فى فخ التبريرات. كل قرار يحتاج إلى حيثيات. فرض قيود صارمة على التحرك وإغلاق النشاط الاقتصادى جاء مصحوبا بدعم من العلماء. مع التوجه لتخفيف القيود والعودة التدريجية للحياة، هناك ضرورة لدعم علمي. هل دخل العلماء دائرة السياسة؟



تدرك الحكومات أن الاجراءات التى تنفذها تفتقد الرضا الشعبي، فالإنسان بطبيعته يكره القيود والحجز المنزلى وارتداء الكمامات، لذلك، كان لابد من رأى علمي(شرعي) يبرر الشدة الرسمية فى المواجهة. لسنوات عديدة، كما تقول الكاتبة البريطانية آندى شو، دفعت الحكومة البريطانية أكاديميين للتوصل إلى استنتاجات محددة تستخدمها لصالحها، فيما يتعلق بسبل معالجة بقضايا كالتغير المناخى بل والسمنة.



جرى تمويل دراسات لتوفير أدلة تستند إليها الحكومة لتبرير سياسة ما تحبذ تنفيذها. فى بداية كورونا، انحازت حكومة المحافظين لاستراتيجية مناعة القطيع، التى تعتمد على تعرض عدد كبير من الناس للفيروس لكى يكون المجتمع مناعة ضده، وعندما تعرضت لهجوم كاسح، بسبب الخسائر البشرية الهائلة المتوقعة، تخلت عنها وبحثت عن رأى علمى يدعم توجهها الجديد.



من النادر أن يخرج سياسى غربى لمخاطبة الناس، إلا وتجده يعتمد على رسوم بيانية ليقتنع الناس بأن حديثه علمي. باحثون طوروا برامج كمبيوتر بطلب من الحكومات لمساعدتها على إيصال رسالتها للجمهور. المشكلة أن العلماء لا يتفقون على رأى محدد، فهناك من نصح بمناعة القطيع، ومن عارضها، وهناك من يوصى بتخفيف الإجراءات ومن يرفض ذلك.



المفارقة أيضا، أن رئيس الوزراء جونسون،استخدم أدلة علمية لتأكيد سياسته فى بداية الوباء، ثم عاد واستخدم أدلة مضادة لتبرير سياسة مناقضة، لدرجة أن هناك من اقتبس عبارة الكاتب البريطانى جورج أورويل الشهيرة فى رواية 1984: الحرب هى السلام والحرية عبودية، ليصف ما يحدث. إنه المنطق واللامنطق فى آن واحد.



فى الماضي، كان السياسيون يلجأون لرجال دين وقانونيين لتبرير قراراتهم. فى زمن كورونا، أصبح العلماء فى مختبراتهم هم الأكثر طلبا. إنهم يمنحون الحكومات حصانة من النقد، ومبررا لاتخاذ قرارات غير شعبية. وهم أيضا سيدعمونها بالأدلة لو تراجعت عن هذه القرارات.