عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
إدارة العالم بنظرية «الفوضى»
27 أبريل 2020
بريد;


فى نوفمبر ٢٠١٩ وقبل أسابيع قليلة من الدخول فى عاصفة وباء كورونا التى تعصف بالعالم على نحو غير مسبوق، أطلقت كونداليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا فى عهد جورج بوش الابن فى مؤتمر عقد بأبوظبى فى ١١ نوفمبر ٢٠١٩ تحذيرا شديدا مفاده أن «النظام العالمى فى حالة خطرة وتجتاحه الفوضى»، وقالت رايس فى مداخلتها بالمؤتمر: «إن الترتيبات العالمية التى قادتها وأرستها أمريكا وحلفاؤها بعد الحرب العالمية الثانية سنة ١٩٤٥ تتعرض منذ عدة سنوات لحالة من الخطر والفوضوية، وهناك ثلاثة تحديات علينا العمل عليها لحماية هذه الترتيبات العالمية التى ترسخت منذ ٧٥ عاما، الأول: تحديات الحفاظ على السلم العالمى وحمايته من المخاطر التى تهدده وأبرزها الارهاب، والثانى: تهديدات الأمن «السيبراني» لشبكة المعلومات الدولية، وتحديات تنافس القوى الكبرى على زعامة العالم وخاصة بين أمريكا وروسيا والصين القادمة بقوة، وعلى الولايات المتحدة أن تدير ملف علاقاتها المعقد للغاية وتنافسها مع الصين بكثير من العناية والاهتمام، والثالث: التهديدات للنظام العالمى (القائم على العولمة والتجارة الحرة والليبرالية) وأخطرها التوجهات الآخذة فى التزايد حاليا نحو العودة إلى «الاشتراكية ـ الشيوعية» والانكفاء داخل الأوطان تمردا على العولمة والاجراءات «الحمائية والانعزالية».



وتضيف رايس «أن هناك امتعاضا عالميا من تأثير العولمة السلبى على مقدرات شعوب بعينها وهذا ما تبثه بعض الدول لشعوبها ليل نهار»، وتقول أيضا: «لا أخفيكم القول ان هناك بالفعل من تضرر من منظومة العولمة التجارية والاقتصادية والثقافية، وعلينا ان نعترف بذلك»، وتلخص رايس رأيها فى النهاية بقولها: «إننا إذا اردنا للنظام العالمى أن يخرج سالما من هذه المخاطر الثلاثة التى تهدد مستقبله بشدة، فعلى الحكومات أن تقدم لشعوبها تعليما أفضل، وأن توظف التكنولوجيا لخدمته على نحو أفضل مما هو حادث حاليا».



وعطفا على ما قالته كونداليزا رايس، أضيف هنا ما قاله باحث المستقبليات «برونو ماريون» فى مدونته وهو متخصص فى علم «ادارة الفوضي»: إن العالم تجتاحه ثلاثة تحديات رئيسية هى: الزيادة الرهيبة فى عدد سكان الأرض، والتسارع الرهيب وطى مراحل التطور التقنى، والتعدد الرهيب لأدوات التواصل الاجتماعى والانتقال حتى إن العالم أصبح قرية صغيرة، ويضيف ماريون: إن عالما بهذه السمات بات حجم الفوضى فيه شاسعا ورهيبا بحيث لا يمكن وضع خطوط واضحة لأى خصائص حاكمة لأى شىء، وبالتالى لا يمكن تنظيمه بالأساليب التقليدية المستقرة، وإنما يجب تنظيمه وفق علم «ادارة الفوضي»!، وهو نفس ما بشرت به كونداليزا رايس منذ عقود وتشتكى منه اليوم!



وفى الحقيقة ينتابنى شعور متزايد بأن فيروس «كورونا» كان نتاجا طبيعيا لهذه الحالة «الفوضوية» التى فصلت لها كونداليزا رايس منذ عقدين من الزمان، ويبدو أيضا أنه لن يكون آخر منتجات تلك الفوضى العالمية «الخلاقة»!!.



ترى لو تأخر مؤتمر نوفمبر ٢٠١٩ إلى اليوم بعد أن جرت فى النهر كل دماء وفوضى الـ «كورونا»، فماذا كان عسى كوندليزا رايس أن تقول؟، أو عسى السيد ماريون أن يتنبأ لمستقبل هذا العالم المضطرب بشدة؟.



 



د. أحمد الجيوشى