عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
سُعَار القوة ومصل المقاومة
18 أبريل 2020
د.هبة عبد العزيز


بعد حرب الاستقلال عام 1783م نشأت الولايات المتحدة الأمريكية من 13 ولاية وأربعة ملايين نسمة، وفى غضون 150 عاما أصبحت القوة العظمى فى العالم بعد أن اشترت لويزيانا من فرنسا واستولت على فلوريدا من اسبانيا وضمت تكساس من المكسيك، وخارت القوى الأوروبية أمام هذا العملاق الجديد ، وتحولت ألمانيا واليابان وبعدهما الصين الى عملاق اقتصادى وقزم سياسي، بينما انطلقت أمريكا لفرض سياستها وكأن بينها وبين العالم «يوجد تار بايت» فغدت تحقق الانتصارات العسكرية وتخرب الدول بطريقة يشوبها حالة من السعار أو جنون القوة والعظمة، ولكن العالم المصرى الجليل جمال حمدان صاحب موسوعة شخصية مصر والذى لقى مصرعه 17 ابريل 1993م كان مستشرفا عبقريا فلم تكن علوم الجغرافيا والأنثربولوجيا هما حدود فكره، ففى بداية التسعينيات توقع الانهيار الأمريكى اقتصاديا وسياسيا بعد رحلة الصعود اللامتناهي، ولم يكن الأمر مدهشا بعدها حين ولدت العملة الموحدة, اليورو, من رحم الاتحاد الأوروبى ثم خروج التنين الأصفر من سور الصين العظيم، أما الآن وبعد تفشى ظاهرة الفيروس اللعين كوفيد 19 أو ما يطلق عليه «كورونا»، أصيبت بلاد العم سام بحالة من الترنح ، وتحول رئيسها ترامب الى شخص أرعن مصاب بـالبارانويا فقد عوّل فشله فى ادارة الأزمة على منظمة الصحة العالمية وأنها تقاعست عن تقديم المعلومات الكافية بهذا الصدد وأنه طالب ادارته بقطع المساعدات المالية للمنظمة، بعدما كان يسخر مع بداية الأزمة من الفكرة ذاتها ، وارتفعت أعداد المصابين والموتى بشكل ضخم مضافا إليه ارتفاع البطالة الأمريكية، بينما أشرفت الصين واليابان على تجاوز الأزمة، وظل ترامب يخرج على شعبه يوميا إما صارخا أو ساخرا وهو أشعث الرأس أغبر الوجه تنتفخ عروقه من فرط العجرفة البيضاء، ووسط هذا الصراع العالمى اتخذت مصر خطواتها بطريقة ممنهجة ومدروسة على الرغم من الصعوبات والعراقيل الموروثة كالجهل والفقر والمرض والزحام والأسواق العشوائية وعمال اليومية ، ونسأل المولى عزوجل أن يثبت خطاها على الطريق الصحيح حتى نتخلص من هذه الأزمة الملعونة.



ويبدو أن هذا النجاح من قبل الإدارة المصرية قد أثار حنق العديد من الدول فراح البعض يروج الأكاذيب ويشكك فى المعلومات والإجراءات بينما قرر المجلس العالمى الأعلى للإرهاب أن يستأنف نشاطه مستهدفا مصر، مستغلين انشغال الحكومة فى السيطرة على كورونا وضحاياها وبعثوا فرقة إرهابية توغلت فى حى الأميرية وهى منطقة شعبية مكتظة بالمواطنين، مما وضع رجال الأمن والشرطة فى مأزق حفاظا على أرواح الأبرياء وبعد كر وفر استطاعت قواتنا المصرية أن تصفى هذه العناصر الدموية ولكن الثمن كان باهظا فقد راح شهداء عظماء فداء لتراب هذه الأرض وكأنهم يقدمون المصل اللازم لمقاومة الواقع الشرس ومجابهة الأعداء وهو ما أبكانا جميعا بعدما تابعنا على شاشة التليفزيون بثا مباشرا من موقع الحدث وكأننا نشاهد فيلم أكشن.. فما بالنا بأسر الشهداء وأطفالهم! ما هو حال أم أو أب فقد ابنه بعدما صار رجلا من أطهر الرجال ثم راح برصاص الغدر، وما حال طفل سيواجه المستقبل دون عموده الفقرى وسنده؟ رحمة الله على شهداء مصر الغاليين وربنا يصبر ذويهم ويعوضهم خيرا. وتبقى النتيجة الصاخبة الآن أن الخريطة العالمية وتقسيمات القوة سوف تختلف تماما بعد تخطى هذه الجائحة، وأؤيد رأى أستاذنا جمال حمدان بأن السعار الأمريكى للسيطرة على العالم سيكون مقتلها فى النهاية وهكذا هى جغرافيا الحياة والأفكار من يولد بلا هوية ويعيش على دماء البشرية تذروه الرياح الفيروسية وتلفظه الإنسانية.