عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
‎إبداعات.. واكتشافات.. داخل «الحجر الصحى»
11 أبريل 2020
كتب ــ شريف سمير
شكسبير


لاتتوقف مواجهة الأزمة عند مجرد الحماية أو الوقاية. فالأكثر أهمية وإلحاحا هو التخلص من العبء النفسى الناتج عن مخاطر تلك المحنة والاستعداد لتجاوزها بواسطة مخزون إبداعى جديد وذلك ما خلص إليه مفكرون وعباقرة القرن السادس عشر عندما اجتاح العالم وباء الطاعون.



وتصدر القائمة التاريخية الكاتب المسرحى الإنجليزى وليام شكسبير، الذى أبدع فى عدد من مسرحياته الأعظم مثل «الملك لير» و «ماكبث» و»أنطونيو وكليوباترا» خلال الفترات المتعددة التى شهدت فيها بريطانيا ضربات وبائية، ومنها ما كان من الصمت المطبق الذى خيم على لندن بعد إغلاقها نتيجة تفشى الطاعون أوائل القرن السابع عشر، ليحصد ٣٠ ألف روح حينذاك. فى هذه الفترة، فقد شكسبير، وظيفته الأساسية، إذا كان ممثلا ومساهما فى فرقة مسرحية. وبفعل الوباء، تحول شكسبير إلى الاهتمام بنظم الشعر بعد أن تراجعت صناعة المسرح. أما الكاتب المسرحى توماس ناش، فقد هرب إلى الريف الإنجليزى فى نهايات القرن السادس عشر لتجنب العدوي. فخط خلال هذه الفترة مسرحيتى «وصية الصيف الأخيرة» و«العهد».



فيما سطر المؤلف الإيطالى جيوفانى بوكاتشيو مجموعة روايات تعرف بـ «الكوميديا البشرية» أثناء فترة حجره لإصابته بالطاعون. وذات المحنة صنعت من الكاتب الروسى وأبو القصة القصيرة أنطون تشيكوف اسما من ذهب، بعد أن رفض الاستسلام لوباء الكوليرا فى روسيا، وكتب خلال السنوات السبع العجاف بين عامى ١٨٩٢ و ١٨٩٩ بعضًا من أشهر قصصه القصيرة، مثل «جناح رقم ٦» و«الراهب الأسود» دون أن يفرط فى دوره المهنى والإنسانى كطبيب ممارس فى إغاثة وإنقاذ الفلاحين من براثن المجاعة وتوابع الكوليرا.



وعندما أصيب الرسام إدفارت مونك بمرض الإنفلونزا الإسبانية فى بداية عام ١٩١٩، كان يعيش فى النرويج، وأصر على مقاومة المرض وواصل فنه الرفيع بأشهر لوحاته بعنوان «الصرخة». وفى معمل العلم، اصطدم عالم الرياضيات المعجزة إسحاق نيوتن فى عنفوان شبابه بموجة عنيفة من الطاعون الدُملى عام ١٦٦٥ وانتشر المرض، وتم إلغاء الفصول الدراسية فى جامعة كامبريدج، ليعود نيوتن إلى منزل عائلته لمواصلة دراسته. ويُسخِّر ذكاءه وأفكاره لإنتاج أهم أطروحاته فى عالم حساب التفاضل والتكامل وصولا إلى تطوير نظرياته حول البصريات وأبرز اكتشافاته عن الجاذبية الأرضية والتى استلهمها من شجرة تفاح خارج نافذته وجميعها خرج من رحم «الحجر الصحى» .