عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
مياه النيل والتعاون المشترك
1 أبريل 2020
د. حمدى هاشم


يعود ميلاد نهر النيل إلى تحركات القشرة الأرضية قبل (30) مليون سنة، والنشاط البركانى الذى تشكلت عنه مرتفعات الحبشة بمنطقة القرن الإفريقي، نافورة المياه فى شرقى إفريقيا، ولا تزال معظم مياه النهر تتدفق عبر منطقة جيولوجية مستقرة، دون المنطقة العليا المتقاطعة مع صفيحتى البحرين الأحمر والميت، والمحاطة بفوالق وصدوع كثيرة. تلزم الأماكن مواقعها الجغرافية والفلكية، ولا تنفك من دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس، ومن التغير اليومى والفصلي، والتباين فى عناصر الطقس والمناخ والبيئة، والمقدرات من الطاقة الشمسية ومياه الأنهار وغير ذلك، علاوة على التغيرات المناخية للكوكب بين برودة ودفء، وانعكاس ذلك على الإنسان من كل النواحى الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتطبيقية. الأمر الذى يخالف أحادية الحكومة الإثيوبية فى السيادة الإقليمية تجاه التحكم فى مياه الأمطار الطبيعية وليدة الغلاف الجوى للأرض، ببناء سلسلة من السدود ومنها سد النهضة، على الأخذ بفقه منبع المجرى المائى وليس حوض النهر، مصدر وحدة المصالح المشتركة بين دول الحوض. وليست ظروف مناخ الأمطار فى حوض النيل واحدة، بدلالة التفاوت والاختلاف الكبير فى التساقط السنوى بين منابع النيل الأزرق (إثيوبيا) ومنابع النيل الأبيض (أوغندا). ولا تؤول ملكية مياه النيل لدولة بعينها دون الأخري، حيث تتوزع ملكية المياه بين دول الحوض التى يخترقها هذا النهر الدولي، ويقوم السودان ومصر على مجراه المجمع، فالأولى دولة الممر والثانية دولة المصب. وتتهيأ فرص هطول الأمطار فى فصل الصيف لالتقاء تيارات الكتل الهوائية القادمة من المحيطين الأطلنطى والهندي، حيث تشكل الهضبة الحبشية سقف إفريقيا لارتفاعها وامتدادها على مساحة واسعة، تمثل نحو ثلث مساحة إثيوبيا، والتى تنقسم لأجزاء شمالية غربية (وفيها بحيرة تانا منبع النيل الأزرق) وجنوبية شرقية يفصل بينها الأخدود الإثيوبى الرئيسى متكرر التعرض للزلازل والانهيارات الصخرية. ويحمل اختيار موقع سد النهضة (داخل منطقة غير مستقرة جيولوجياً) كثيراً من الشكوك، وتزداد احتمالات انهياره, ولذلك لا يوجد ما يبرر قيام إثيوبيا بأسر كميات ضخمة من تلك المياه العائدة لمصر والسودان.



وتعد وثيقة الاستغلال الرشيد لموارد حوض نهر النيجر بين الدول المشتركة فيه (1963)، مرجعية فى تجنيب المنظور السطحى والأنانى وترسيخ منظور دولى محكوم بقوانين الطبيعة، وبمفاهيم التعاون الدولي، وليس بالمفاهيم الضيقة للسيادة الإقليمية لكل دولة. علاوة على التوافق مع مكونات الدورة الهيدرولوجية للأمطار الطبيعية، التى تدخل الغلاف الجوى للأرض وترتطم بالجبال والتلال لتتدفق وتواصل سريانها على سطح وباطن الأرض، وتتشكل فى صورة مجار مائية تنتهى بالاتجاه نحو مصباتها. وعلى ذلك يتأسس مفهوم السيادة الإقليمية المقيدة فى مجال الانتفاع المشترك بمياه النهر الدولي، وتحقيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية أملاً فى الوصول إلى رفاهة كل شعوب دول الحوض.