عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
على وجه اليقين
29 مارس 2020
بريد;


يمر العالم كله فى أزمة وباء كورونا بمرحلة غير مسبوقة من «عدم اليقين»، حيث لا يعرف أحد على وجه الدقة ما الذى حدث أو ما الذى يحدث ولا ماذا سيحدث، ولا من أين جاء فيروس «كورونا» ولا متى سيختفى، وكيف ينتشر، وتنتقل عدواه، ولا ما هو العلاج ولا كيف يشفى الناس منه، وما هو مقياس التقدم العلمى ولا مقياس تخلفه، ولماذا ينتشر الفيروس فى بعض الدول حتى العظمى منها انتشار النار فى الهشيم وينجو بعضها الأقل تطورا بأقل الخسائر.. ولا يعرف أحد أيضا إن كانت التكنولوجيا بكل طفراتها وحمى العولمة قد ساعدت إيجابا أو سلبا فى تفشى الوباء الخطير، وما هى الأولويات فى مواجهة الفيروس الخطير.. هل يترك الأمر بدون إجراءات احترازية لبناء مناعة طبيعية مزعومة على حساب كبار السن والمحافظة على النمو الاقتصادي؟.. أم تتخذ كل الاجراءات لحماية الجميع وليذهب الاقتصاد إلى الجحيم؟.. لم يعد يعرف أحد على وجه اليقين هل العلم فقط طريق للنجاة كما يروج البعض، أم الإيمان بالله، أم الإثنان معا؟. 


إنها أجواء لم تمر بها البشرية من قبل على هذا النطاق الذى يشمل كل العالم فى ذات اللحظة، وهى أجواء تطرح من الأسئلة على الجميع أكثر مما تقدم من إجابات.


صحيح أن فكرة الإيمان نفسها تقوم على نفس الفكرة.. أى  الشك وطرح الأسئلة وصولًا لليقين عند المترددين نظرًا لأننا لم نر الله، ولم تر الأجيال المتعاقبة منذ ١٤٠٠ سنة الرسول الكريم.. لكنها قد تكون فرصة البشرية كلها للخروج من مرحلة عدم اليقين هذه إلى الإيمان المطلق بخالق الكون ومسيره، فإن عجز العقل عن استيعاب ما يحدث، فلابد للقلب والروح أن تمتلئ بفيض الإيمان الغيبى بالله وقدرته التى لا يحدها شىء فى الأرض ولا فى السماء، وعندما يمتلئ القلب والروح بالإيمان بالخالق.. أعتقد أن شرور الارض والإنسان المتكبر الذى ظن انه قادر عليها ستختفى إلى غير رجعة، وسيعود الإنسان إلى إنسانيته التى فطره الله عليها، وستعود المعاملات والعبادات إلى دستور السماء وكتبه السماوية التى هجرناها عمليًا أو نكاد، وسيعود التعليم إلى أصوله التربوية قبل تطبيقاته التكنولوجية، وسيعود البشر إلى كونهم بشرا متراحمين متحابين ومتكافلين لا مكان فى قلوبهم لغل أو حقد أو شرور أو حسد، ولن يكون العالم وقتها فى حاجة إلى القنابل النووية أو الحروب البيولوجية أو الهجمات الاستعمارية، وإنما فقط سيكون فى حاجة للإيمان بقوله عز وجل فى سورة الحجرات «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ  إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)»، صدق الله العظيم


 


د. أحمد الجيوشى