عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
طالب مصرى «شاهد عيان»: كيف نجحت كوريا الجنوبية فى احتواء «كوفيد ـ 19»؟
23 مارس 2020
000;


على الرغم من أن كوريا الجنوبية كانت من أولى الدول التى عانت من انتشار فيروس «كورونا» المتجدد، وعلى الرغم أيضا من أنها من الدول التى شهدت سقوط عدد ليس بقليل من المصابين والوفيات بسبب هذا الفيروس، فإنها فى الوقت نفسه كانت من أولى دول العالم التى تمكنت من احتواء هذا الفيروس القاتل، بعد الصين، ونجحت فى منع خروجه عن السيطرة.



ومن بين كثير من الطلاب المغتربين المصريين والعرب المقيمين فى كوريا الجنوبية، كان هناك شاهد عيان على التجربة الكورية مع كورونا، تعرف بنفسه، ومن خلال مشاهدات يومية، على الطريقة التى ساعدت الكوريين على تخطى هذه المحنة سريعا.



ويقول أحمد عمّار - وهو طالب مصرى تخرج فى كلية الألسن بجامعة عين شمس عام 2019 ويدرس الماجستير فى إدارة الأعمال حاليا فى جامعة سونج كيون كوان الكورية - إنه فى 8 شهر ديسمبر الماضى، بدأت قصته مع الفيروس، عندما عرف المصريون المقيمون فى كوريا، نبأ تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا المتجدد فى منطقة ووهان الصينية، حيث سادت حالة من الغموض بشأن هذا المرض الجديد من نوعه، والذى ينتمى لسلالة أمراض أخرى كانت منتشرة من قبل.



ويقول عمار ـ الذى تم التواصل معه عن طريق السفارة الكورية بالقاهرة ـ إنه «فى اليوم الأول من بداية العام الجديد 2020، بدأت حالة من الذعر فى الصين، وخاصة فى ووهان، حيث أمرت السلطات الصينية بغلق المدينة التى تحتضن سوقا لبيع المنتجات البحرية، التى يعتبرها البعض منشأ الوباء، ومن ثم بدأ الفيروس فى الانتشار»، إلى أن كانت لكوريا الجنوبية كما يقول عمار تجربة بارزة فى محاربة المرض، جعلتها تحظى بثناء العالم عليها لقدرتها على الحفاظ على سلامة شعبها والقاطنين بأرضها من حدوث فاجعة لو كان المرض قد انتشر أكثر من ذلك وخرج عن حدود السيطرة.



ويضيف أنه «فى 20 يناير الماضى، تم تسجيل أول حالة إصابة بفيروس «كوفيد ـ 19» لأحد الأشخاص القادمين من ووهان، وفى يوم 19 فبراير، سجلت كوريا أول حالة إصابة جماعية بالفيروس فى مدينة دايجو، وكانت لهذه الحالات صلة بكنيسة شين تشون جي».



إلا أن كوريا كدولة وكمجتمع وكشعب، اتبعت، وفقا لعمار، سلسلة من الخطوات للتخفيف من حدة انتشار المرض، حددها فى ست خطوات رئيسية: فأولا، تم تنظيم حملات توعية للمواطنين فى الأماكن العامة والمواصلات، فأصبح ممكنا أن تجد إعلانات وتسجيلات صوتية فى مترو الأنفاق والأوتوبيسات للتوعية بالخطوات التى يحب اتباعها للوقاية من العدوى، .وثانيا: تم توفير كمامات ومعقمات اليدين بالمجان فى الأوتوبيسات ومحطات المترو، خاصة وأنه لم يكن هناك أمام الكوريين بديل عن الذهاب للعمل وممارسة الحياة اليومية.



وثالثا: وبعد انتشار الفيروس بأعداد كبيرة فى وقت قصير، اتخذت معظم الجامعات قرارات بغلق الصالات الرياضية والكافتيريات والمكتبات للحد من فرص تجمع الأفراد، بالإضافة إلى تأجيل الدراسة وتقديم محاضرات إلكترونية بدلا من الدروس التقليدية.



أما رابعا، فقد بدأت الجامعات فى إرسال رسائل عبر الهواتف والبريد الإلكترونى لتوعية الطلاب العائدين من الخارج على الالتزام بالحجر التطوعى، كما وفرت دعما ماديا للطلبة الملتحقين بالجامعة والعائدين من خارج البلاد،، وخامسا، وكما يروى عمار على لسانه «أنا، كطالب أسكن فى السكن الجامعى الخاص بالجامعة، كنت أتلقى بصفة دورية رسائل توعية بضرورة ارتداء الكمامات عند الخروج من الغرف، كما كنت أخضع لفحص على درجة حرارتى بصورة دورية».



أما سادسا وأخيرا، فقد اعتبر عمار أن الحكومة الكورية تبنت نظاما جديدا لشراء الكمامات المدعمة من الصيدليات، حيث أصبح يحق لكل مواطن كورى أو شخص أجنبى مقيم فى كوريا ولديه تأمين صحى شراء كمامتين فى الأسبوع للفرد الواحد، فى إطار جهود الدولة لتوفير أعداد من الكمامات للمواطنين والحد من الغلاء المصحوب بظاهرة العرض والطلب، وكذلك تقليلًا للاصطفاف أمام الصيدليات لشراء الكمامات، ولهذا، قسمت الدولة مواطنيها إلى فئات حسب آخر رقم فى عام ميلادهم، فمثلًا: الشخص الذى ينتهى الرقم الأخير من عام ميلاده برقم 2 أو 7 يمكنهم شراء الكمامة يوم الثلاثاء بإظهار البطاقة الشخصية أو بطاقة تسجيل الأجانب - بالنسبة للأجانب المقيمين فى كوريا - وكان سعر الكمامة 1500 وون، أى ما يعادل 20 جنيها تقريبا.



وعن سياسة الرصد تحديدا، يقول إن «كوريا هى أحد البلدان التى تبنت سياسة قوية للتقصى السريع والدقيق للأفراد المصابين، أو هؤلاء ممن كان لديهم اتصال مباشر أو غير مباشر بالمريض للحد من سرعة انتشار المرض، وتفحص الحكومة يوميا ما بين 15 إلى 25 ألف شخص لتقديم بيانات سليمة ودقيقة عن مسار العدوى والأماكن الموبوءة، بحيث يتمكن الأفراد من تفادى عواقب انتشار الفيروس.