عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
العالم يعطس.. ومصر تتألم!
11 مارس 2020
هانى عسل


التفاؤل خيارنا الوحيد. ليس أمامنا سواه.



ما قيمة التفاؤل إذا لم يأت فى وقت شدة وكرب؟ وفى أحلك الظروف؟



للمرة الأولى، نجد أنفسنا، بصراحة، عاجزين عن التفاؤل، فالأوضاع من حولنا لا تسر عدوا ولا حبيبا، فالحاضر صعب، والقادم لا يبدو أفضل، والمخاطر غير طبيعية، ومواجهتها قاسية.



لا أعرف من أين نبدأ؟ هل نبدأ من الإرهاب، أم من المياه، أم من الاقتصاد؟



هاتوا لنا دولة واحدة فى العالم تواجه كل هذا الهم فى آن واحد؟



جنوبا، الجيرة «الهم» تهددنا بإغلاق «ماتور» العمارة.



غربا، الإرهاب يستجمع قواه، وسط صمت إقليمى ودولي، استعدادا للانقضاض عليك.



شرقا، دول تغلق أبوابها فى وجهك، وتتنمر عليك دون غيرك، بسبب، وبدون سبب أحيانا.



شمالا، كبير «أهل الشر»، وسلطان الشياطين، يبرطع ويعربد، فى سوريا، وفى المتوسط، وفى ليبيا، والعالم يتفرج عليه، ويتواطأ معه.



والعدو الأزلى والتقليدى والتاريخي، متربص على حدودك، وسيظل متربصا، وإن كان يفضل تصدير أذنابه وعملائه إليك.



الذعر من كورونا يقتل العالم، ويدمر الإنسان. نعم، الذعر، ولا أقول الفيروس نفسه، فالفيروس فى حد ذاته «كوفيد 91»، صغير وضعيف، وضحايا الأنفلونزا العادية سنويا أكبر منه كما يقول ترامب، ولكن المشكلة فى الخوف الزائد، والإجراءات الاحترازية المبالغ فيها، التى يتخذها الإنسان، فأصبح كمن يجدع أنفه، ليبعد ذبابة!



الاقتصاد العالمى فى طريق لانهيار غير مسبوق، البترول يهوي، والنقل الجوى يتضرر، والسياحة تصاب بالشلل، وحركة نقل البضائع تتقلص، ومناطق بالكامل تغلق فى الصين وإيطاليا، وشركات تتوقف عن الإنتاج، مدارس وجامعات تتوقف، مباريات وبطولات تتأجل أو تلغي، بورصات تنهار.



مصر متضررة من كل الجهات، سياحة مهددة، تحويلات من الخارج قد تتقلص، اضطراب فى حركة الملاحة والصادرات والواردات، نهاية بالحد من التجمعات البشرية التى تؤثر على كل شيء، بداية من وسائل المواصلات، ونهاية بالمطاعم والمقاهى والشيشة!



أى حياة تلك التى تصبح معها أى «نفس» أو «عطسة» مصدر خطر؟



سد «الخراب» الإثيوبى كابوس حقيقي، ومصر توشك على استنفاد كل الوسائل المتاحة الواحدة تلو الأخرى، إلى أن دخلنا مرحلة دبلوماسية شديدة الأهمية، تتضح تفاصيلها من خلال لقاء وزير خارجيتنا بالسفراء الأفارقة فى القاهرة، ثن جولته فى عدة دول عربية لبحث موضوع سد النهضة قبل أى قضية عربية أخري، مما يؤكد أن مصر بصدد اتخاذ إجراء ما أو خطوة بعينها تحتاج إلى دعم عربى وإفريقى صريح وقوى.



وفى ليبيا، الإرهابيون من سوريا وغيرها يحتشدون فى طرابلس تحت سمع وبصر المجتمع الدولى الذى كان السبب فيما وصلت إليه ليبيا اليوم، والبركة فى التغيير والديمقراطية والربيع، ومن يصدق هذه الشعارات من حزب «البلهاء» العرب.



وبمناسبة «البلهاء» والبلاهة، فإن أكثر ما يثير القلق واللا تفاؤل، والغثيان أيضا، هو الحالة التى وصل إليها شعب السوشيال ميديا فى بلادنا، وأقولها بكل صدق: إن مصر لن تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، طالما ظللنا نستخدم السوشيال ميديا بهذه الصورة التخريبية الغبية تحت ستار أننا «بنفهم» و«بنقول رأينا»، و«عاوزين الشفافية»!



على السوشيال ميديا، «اللاوعى» المصرى الذى حذر منه الرئيس يظهر فى أبشع صوره، وكأن كورونا عملاقة استوطنت القلوب والعقول والصدور.



استدعينا كورونا بإصرار غريب، لنحصل على إجازات، فجاء إلينا الفيروس يختال ضاحكا!



فتحنا معارك جانبية تافهة، من رمضان وشاكوش، إلى أهلى وزمالك، حتى توارت وراءها قضايانا الأهم.



استمرأنا الشتيمة والاستظراف والتنمر، فلم يعد لدينا مسئول اتخذ خطوة إلى الأمام إلا وتعرض للسخرية والتطاول.



أعجبتنا الشائعات، وكذبنا الحقائق، ووثقنا فى تسجيلات «الماميز» الكريهة، فصار لدينا رأى عام مشوش مشتت، لا يعول عليه إطلاقا، ولا يصلح لا لحرب ولا لسلم ولا لتنمية ولا لتطوير، ومستعد بصراحة للوقوف بجانب أعدائنا، بل ولا يمانع أن يبيع مصر وأهراماتها «مفروشة» لأعدائها، على رأى نجيب سرور، وما يحدث الآن بالضبط أن العالم من حولنا يعطس، ونحن من يتألم، ولا آفهم لماذا نبدو سعداء بهذا!



ومع كل ذلك، تفاءلوا، وبشروا، لأن من ينفرون «كثر»، ولا تنسوا أن الله، بكل تأكيد، أقوى من كل ما يهددنا، وأرحم ببلادنا منا!