عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
الرياضة أخلاق وأمن وسلام مجتمعى
8 مارس 2020
أشرف محمود


شرفنى الكاتب الصحفى الكبير أستاذى عزت السعدنى بكتابة مقالين عن كتابى المصريون والرياضة.. الفلسفة والابتكار والممارسة، والذى تناولت فيه قصة المصريين مع الرياضة التى ارتبطوا بها قبل سبعة آلاف عام، وبرعوا فى ابتكار العديد من المسابقات التى تناسب الانسان وتقوى بدنه وتنشط فكره وتنعش وجدانه، ومصدر فخرى بما كتبه الاستاذ عزت السعدني، انه توقف أمام ماتضمنه الكتاب من معلومات عن الرياضة عند المصريين القدماء، وسأل ذوى الخبرة والاختصاص من علماء الآثار والمصريات وفى المقدمة منهم العلامة الدكتور زاهى حواس الذى أكد له ماجاء فى الكتاب من معلومات تؤكد بالأدلة العقلية وليست العاطفية أن المصريين هم أصل الرياضة واصل الاوليمبياد، وأنهم كانوا يمارسون الرياضة وفق طقوس خاصة وفق فلسفتهم التى تراها مهمة الى درجة التقديس، فهى أمن قومى وهى أخلاق وتقويم للسلوكيات والتعامل بين البشر، وهى ترفيه يجلب المتعة ويجدد النشاط ويعمل العقل فى التفكير الايجابي، فكانوا أصحاب السبق فى اهداء البشرية لعبات رياضية تلعب دورا مهما فى حياتهم، وكانت لهم الريادة فى كل مايخص الرياضة بدءا من ابتكار اللعبات ووضع طرق لعبها وقوانين تحكيمها وصولا الى انشاء المدن الرياضية التى تقام فيها المنافسات، كما كانت الحال ايام الملك امنحتب الثانى سابع ملوك الاسرة الثامنة عشرة عام 1411 قبل الميلاد، اذ قرر تحويل منطقة تدريب عسكرية فى وادى الغزال بأسيوط لتكون مدينة رياضية تحتضن المنافسات التى يشارك فيها الشعب كله، والعجيب أن المصرى القديم ادرك بفطرته ان الرياضة وسيلة للتسامح والتعاون والمساواة بين البشر.



وهنا ينبغى التوقف امام الشعار الذى أطلقه المصريون القدماء وسبقوا به شعار الدورات الأوليمبية الحديثة الذى اتخذه اليونانيون وهو الأسرع الأقوى الأعلي، ولايتوقف كثيرون ليسألوا من اين جاء اليونانيون بهذا الشعار؟، لأن الإجابة ستبهر الجميع وتؤكد من جديد عبقرية المصرى القديم الذى كان له السبق فى اطلاق شعار على دورته الرياضية التى كانت تقام سنويا فى وادى الغزال بأسيوط، وكان شعارها الثلاثي، المساواة واللياقة البدنية والامتياز، وتعنى المساواة بين البشر فكلهم سواء فى ميدان الرياضة، وهو ما لم يحاكيه اليونانيون فى دوراتهم لانها كانت مقصورة على الرجل دون المرأة والحر دون العبد، اما القوة البدنية فتحولت عند اليونانيين الى الاقوى والاسرع، وأخيرا الامتياز الذى يعنى الاعلى فى الشعار الحديث، ولا يخفى على أحد أن المصريين القدماء كانوا يسمحون للمقيمين فى مصر من اليونانيين الذين يتاجرون أو يتعلمون فى المعابد بالمشاركة فى الدورات الرياضة، ومنها تعلموا اللعبات وقوانينها، وقرروا محاكاتها فى بلدهم، ومن عجب أن المصريين شجعوا الأطفال على ممارسة الرياضة اذ كانت لهم منافسات تتفق مع أعمارهم، ايمانا منهم بأهمية ممارسة الرياضة لكل الاعمار وفى هذا فلسفة عرفها العالم فى العصر الحديث وتنفذها اتحادات الرياضة للجميع والثقافة الرياضية التى بات لها اتحادات دولية مثل اللعبات التنافسية، وكان من فلسفة المصريين فى ممارسة جميع افراد الشعب للرياضة انها وسيلة للدفاع عن الوطن وحماية حدوده، وبالتالى جاءت اهميتها باعتبارها امنا قوميا، ثم استخدمت وسيلة للتنقل من خلال السباحة التى نقلت الإنسان من البر الشرقى إلى الغربي، ومن خلال النيل تعرف على الصيد وعلى خيرات النيل من الأسماك فكانت الرياضة وسيلة لطلب الرزق، فزاد ارتباطهم بالرياضة التى رأوا فيها أنها وسيلة لبناء إنسان متكامل النمو ناضج الفكر مستقيم الخلق يبنى مجتمعا يعيش أفراده فى سلام، وهو مايلبى الأمن الداخلى للمجتمع، من هنا يمكن التوقف أمام ما اعتور الرياضة فى أيامنا هذه من سلبيات أظهرت وجها قبيحا نشب أظافره فى جسد الروح الرياضية فأدماها، وتحولت الى مصدر ازعاج للمجتمع، بعدما ضاعت القيم وتفشى التعصب الأعمى وانتشر فى جسد الرياضة، التى فقدت بريقها ومتعتها، ونفر عدد من متابعتها وتشجيع فرقها، وفروا الى فرق وملاعب أوروبا التى وجدوا فيها المتعة والأخلاق معا، وليس ماحدث فى مباراة بايرن ميونيخ وهوفنهايم الالمانيين ببعيد، إذ قدم الفريقان درسا قاسيا للمتعصبين الخارجين عن النص، عندما حولوا مباراتهم بعد هتافات مسيئة الى تقسيمة ودية وسط ذهول الجميع فعاد الجمهور الى رشده، وهنا فى مصر قدم لاعبو الكرة الطائرة بالاهلى والزمالك فى ختام البطولة العربية بالقاهرة درسا فى الأخلاق واحترام المنافس للجماهير ولاعبى الكرة من الفريقين الذين أساءوا للرياضة فى كأس السوبر بالإمارات، وجاء بيان رابطتين من جمهور الناديين لينددا معا بالخروج عن الروح الرياضة ويؤكدا التشجيع المثالى الذى يحترم المنافس، وهى أمور تعلى من شأن القيم النبيلة للرياضة وتنعكس على تعاملات البشر فى الحياة، فينعم المجتمع بالسلام والأمان والحب بين أفراده، وتلك هى رسالة الرياضة السامية التى ننشدها ودعا لها المصريون القدماء.