عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
«صفقات ترامب».. وأوراق الليكود الرابحة
29 فبراير 2020
‎محمد عبد القادر


«فرصة كبيرة لن تعوض بالنسبة لإسرائيل»، هكذا عبر بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى المنتهية ولايته عن نظرته الخاصة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، خاصة بعد اعترافه بالقدس وسيادة إسرائيل على الجولان وحتى خطته الجديدة للسلام، والتى ساهمت جميعها فى منح نيتانياهو لقب «الأطول» بقاء فى السلطة، وتعزز فرصه فى ضمان تحقيق فوز أصبح معتادا.



فمنذ وصوله إلى السلطة فى يناير 2017، لم يخف ترامب تأييده لصديقه نيتانياهو، والذى دائما ما وصفه بـ»الرجل الذكى والقوى»، مؤكدا على توافقهما فى العديد من القضايا، خاصة الملف النووى الإيرانى وعملية السلام مع الفلسطينيين، لتتحول صور لقاءاتهما معا إلى لافتات دعائية ضخمة فى شوارع إسرائيل، لتعزيز قوة «بيبى» وحزبه «الليكود» أمام منافسيه بالانتخابات، بعد قدرته على انتزاع كل ما يريد من ساكن البيت الأبيض، ومن ثم نجاحه فى تحقيق وتنفيذ خطط حكومته اليمينية المتطرفة.



ولم ينتظر ترامب طويلا منح نيتانياهو أولى هداياه، حيث أعلن نهاية 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، فى مخالفة صريحة لما استقرت عليه السياسة الأمريكية تجاه عملية السلام، ونسف لوصف «الشريك النزيه»، بعد انحيازه الكامل لسياسات حكومة الاحتلال برئاسة نيتانياهو، الذى أشاد بالقرار ورحب به كـ»حدث تاريخي»، مؤكدا أن أى اتفاق سلام مع الفلسطينيين يجب أن يتضمن أن القدس عاصمة لإسرائيل. وفى تأكيد جديد على استمرار الدعم وتوافق المواقف، قرر ترامب فى مايو 2018 الانسحاب من الاتفاق النووى مع إيران أو ما سمى بـ»صفقة إيران» فى 2015، ليستعيد «نيتانياهو» صوته المسموع داخل البيت الأبيض، بعدما وصفته وسائل الإعلام الإسرائيلية بـ»الضعيف»، وأنه «لم يعد كلامه مسموعا» من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، الذى طالما اعتاد نيتانياهو انتقاده بسبب توقيعه الاتفاق.



كما أعطى قرار ترامب دفعة قوية لـ»بيبى» فى مواجهة الأزمة السياسية فى إسرائيل بعد حل «الكنيست» ديسمبر 2018، من ثم التوجه إلى انتخابات برلمانية مبكرة مطلع أبريل 2019، تلك التى استبقها الرئيس الأمريكى أيضا بقرار آخر جديد يصب فى مصلحة صديقه ويقوى صورته أمام منافسيه، حيث توقيعه أواخر مارس الماضى على الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، ليهدى بعدها قلم الاعتراف إلى نيتانياهو الواقف إلى جواره، والذى قام بدوره بإطلاق اسم الرئيس الأمريكى على مستوطنة إسرائيلية جديدة بالجولان.



ورغم فشل قرارات ترامب فى ضمان تحقيق نيتانياهو للأغلبية البرلمانية وتشكيل الحكومة الجديدة، لكنها ساهمت فى تقوية مركزه وبقاءه فى صدارة المشهد السياسى، رغم مختلف اتهامات الفساد التى طالته، من ثم كان قرار التوجه إلى انتخابات ثانية فى 17سبتمبر الماضى، والتى استبقها الرئيس الأمريكى مجددا بإعلان تفعيل معاهدة للدفاع المشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ليطلق «بيبى» العنان مجددا لأحلامه التوسعية، بإطلاق وعد ضم أراضى غور الأردن ومستوطنات الضفة الغربية إلى إسرائيل إذا ما أعيد انتخابه رئيسا للوزراء.



ومع إخفاق نيتانياهو للمرة الثانية فى تشكيل حكومة جديدة، واتخاذ قرار التوجه إلى انتخابات ثالثة، كان الرئيس ترامب حاضرا وبقوة هذه المرة أيضا، حيث قرر منح صديقه هدية سياسية كبيرة أخرى، ذلك من خلال الإعلان رسميا عن خطته للسلام أواخر يناير الماضى، أو ما وصفتها صحيفة» الجيروزاليم بوست» الإسرائيلية بـ»هدية القرن»، تلك التى أشارت إلى نقطة أخرى بعيدا عن تفاصيل الخطة نفسها، وهى استجابة ترامب إلى رغبة نيتانياهو فى دعوة بينى جانتس زعيم تحالف»أزرق- أبيض» ومنافسه الرئيسى بالانتخابات، إلى البيت الأبيض.



وأكدت الصحيفة أن استجابة ترامب لرغبة نيتانياهو ساهمت فى تعزيز صورة «بيبى» كـ»قائد حقيقى»، وليس مجرد «زعيما يمارس ألعابا سياسية صغيرة، عندما يتعلق الأمر بمسائل ذات أهمية إستراتيجية كبيرة، ذلك مثل خطة ترامب للسلام». وأوضحت أن «نيتانياهو يدرك أن فرص اليمين فى تحقيق الفوز بالأغلبية (61مقعدا) فى الانتخابات المقبلة ليست قوية، من ثم تبقى فرصته الوحيدة لضمان تشكيل حكومة جديدة عن طريق موافقة جانتس تشكيل حكومة وحدة. وبعيدا عن استباق نتائج انتخابات بعد غد، تبقى الحقيقة الواضحة أن وجود ترامب فى البيت الأبيض كان بمثابة ورقة نيتانياهو الرابحة دوما، والتى نجح فى استغلالها جيدا لصالحه لتحقيق سياسات حكومته، من ثم الحفاظ على قاعدته الجماهيرية داخل حزبه، إلى جانب استمرار دعم كتلته اليمينية الانتخابية، مما ضمن له تفوقه دوما فى مواجهة خصومه ومنافسيه، إلى جانب بقاءه كصاحب أقوى الحظوظ فى تشكيل الحكومة الجديدة المقبلة.