عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
إفريقيا مستقبل العالم
24 فبراير 2020
يوسف القعيد


يوم السبت الماضى عُقِدت فى القاهرة اجتماعات رؤساء المحاكم والمجالس الدستورية الإفريقية. ناقش المؤتمر حرية الصحافة. وآليات العمل الدستورى إفريقيا. المناسبة تاريخية لأنها تأتى بعد تسليم مصر رئاسة منظمة الوحدة الإفريقية إلى جنوب إفريقيا. بعد سنة تولى فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاستها. وقدمت مصر خلال رئاستها للمنظمة الإفريقية من الإنجازات ما لا يمكن حصره وتدوينه فى هذه المساحة. بل يحتاج لتجميع وتوثيق. لأنه سيصبح مع مرور الزمن صفحة مهمة ومضيئة فى تاريخ مصر وإفريقيا.



مؤتمر السبت الماضى أكدت قبل انعقاده المحكمة الدستورية العليا أن مصر قيادة وشعبا أوفت بكل وعودها تجاه القارة الإفريقية. وأن المحكمة قررت استثمار الإنجازات التى حققها الاتحاد الإفريقى فى دورته الثالثة والثلاثين. وهكذا انعقد فى القاهرة الاجتماع الرابع لرؤساء المحاكم والمجالس الدستورية والمحاكم العليا الإفريقية فى مصر فى المدة من 22 إلى 25 فبراير الحالى تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى. قالت الأخبار التى نشرت عن المؤتمر, رغم قلتها الشديدة، إن المؤتمر سيتناول محاور وأطرا جديدة للبحث والدرس تتماشى مع المستجدات التى شهدتها القارة الإفريقية. وكانت لها أصداء فى العالم وانعكاسات على العمل الإفريقى فى ميدان شديد الأهمية. ألا وهو ميدان العدل الذى هو أساس الملك. وفى التفاصيل أن نحو 35 دولة وأكثر من مائة قاض إفريقى يشاركون فى اجتماع القاهرة الرابع رفيع المستوى لرؤساء المحاكم والمجالس الدستورية والمحاكم العليا الإفريقية. هذا جزء من كل. ولكنه يؤكد لنا أن ارتباط مصر الإفريقى قدر ومصير. وأن اهتمامنا بإفريقيا لم يتوقف عند الفترات التى تولت مصر رئاسة منظمة الوحدة الإفريقية.== فما زالت فيها إفريقيا وستبقى وستظل المكان الذى تنتمى له مصر والقارة التى يسعد المصريون بأنهم جزء منها. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى هو الذى وجه بأن يكون اجتماع المحاكم الدستورية دورياً. نتيجة استشعاره أهمية الاجتماع فى تقوية العلاقات المصرية ـ الإفريقية على مستوى رؤساء المحاكم الدستورية. وما قامت به مصر وستقوم تجاه إفريقيا التزام يسعد به المصريون جميعاً. ويتفقون عليه. فإفريقيا ثانى أكبر قارات العالم من حيث المساحة. وعدد سكانها 1.3 مليار مواطن. وتبلغ نسبتهم نحو 16.8% من سكان العالم. أما مساحتها فتبلغ 30.2 مليون كيلو متر. وهى من أقدم قارات المعمورة. على مدى التاريخ الإنسانى.



إفريقيا تمتلك موارد طبيعية وبشرية لا تعد. وربما كان هذا السبب فى أن الدول الاستعمارية فى أزمنة الاستعمار كانت إفريقيا هدفا للمحتلين. سواء الإنجليز أو الفرنسيون أو غيرهما من الدول الأوروبية التى تصورت أن ما فى العالم من ثروات وكنوز ملك لها. ويمكنها الحصول عليه لمجرد احتلال أراضيها. وفترة الاحتلال يمكن القول ببساطة إنها فترة نهب منظم قام به المستعمرون حتى انتفضت القارة وطردت المحتلين، وبدأت تأخذ طريقها نحو الاعتماد على الذات. إن المكون الإفريقى يوشك أن يكون جزءا أصيلا ومهما من مكونات الشخصية المصرية وكل من توقفوا أمام قضية هويتنا اعتبروا أن إفريقيا واحدة من مكونات شخصيتنا على مدى التاريخ. وحتى العبارة التى جعلتها عنوانا لهذا المقال. لا أدعى أننى أنا الذى نحتها. بل هى عبارة قالها الدكتور جمال حمدان، فى خضم كتاباته الكثيرة عن إفريقيا. واعتباره أننا جزء منها وهى جزء منا.



دستور مصر 2014، ومن يعد ليقرأه ويجب علينا مداومة قراءته. فالجملة الأولى من ديباجة هذا الدستور تقول: مصر هبة النيل للمصريين، وهبة المصريين للإنسانية. ثم يقرر حقائق شديدة الأهمية أن مصر رأس إفريقيا الذى يطل على البحر الأبيض المتوسط. ومصر أيضاً هى مصب أهم أنهارها جميعا. بل ربما كان من أهم أنهار الدنيا، وهو نهر النيل الذى أقام صلات بين البشر الذين يمر من بينهم ابتداء من المنبع. وانتهاء عند المصب. ونشأت منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963، واستمرت بهذا المسمى إلى عام 2002، إلى أن تحولت للمسمى الجديد: الاتحاد الإفريقى، وبقيت فى كليهما فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وترأست مصر منظمة الوحدة الإفريقية أعوام 1964 إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، و1990، و1994 خلال حقبة الرئيس الأسبق مبارك. وتميزت رئاسة مصر للمنظمة الإفريقية الأولى بالمسمى الجديد، وأصبحت مصر الدولة السادسة عشرة التى تولت رئاسة المنظمة بمسماها الجديد، وثالث دولة عربية بعد ليبيا وموريتانيا. يستطيع غيرى أن يمسك بعلامات مهمة لما قدمته مصر للقارة خلال سنة توليها لها. ولا يمكن نسيان دور الزعيم التاريخى جمال عبد الناصر فى تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية. وجعلها واحدة من ثوابت الدنيا. لكن رئاسة مصر فى 2019 لمنظمة الوحدة الإفريقية كانت سببا مباشرا وجوهرياً للحضور المهم للقضايا الإفريقية فى كل المنتديات العالمية. بل إن الصحف العالمية «وليست المصرية» هى التى قالت بالحرف الواحد إن ما تحقق للقارة فى عام الرئاسة المصرية لم يسبق أن تحقق لها فى عشرات السنين.



خلال السنة طرحت مصر مبادرة إسكات البنادق. وأيضا وصلت إلى المشروع الطموح الذى كان يستعصى حتى على الخيال الإنسانى. ألا وهو طريق القاهرة كيب تاون. الذى سيجعل المصريين لأول مرة لا يلهثون جريا وراء الحلم الأوروبى. ولا ينظرون إلى الشمال. بل يفكرون فى الرحيل إلى الجنوب. خاصة أنه وحسب التخطيطات التى تمت لن يكون طريقا للانتقال من خلاله فقط. بل سيصاحبه ربط كهربائى وشبكة من الطرق المهمة التى تربط شمال القارة بجنوبها. وتوحد بين من يعيشون فيها بصورة لم تحدث لهم من قبل. مبادرة إسكات البنادق طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال رئاسة مصر المنظمة الإفريقية فى أديس أبابا. وقامت على آلية محددة لإنهاء النزاعات والحروب بإفريقيا. وهدفها هو التوصل لاتفاقيات نهائية مع أطراف النزاعات. كذلك مساعدة المتضررين من مثل هذه النزاعات التى ربما كانت مصدرة لنا من أطراف خارجية. ووقع الأفارقة فى الفخ. وآن الأوان ليدركوا حجم المصالح الكبرى عندما نتحد ونتلاقى ونتآخى إفريقياً. والأهم من كل هذا نتكامل.