عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
كورونا.. وهوس التنمر ضد الصينيين
4 فبراير 2020
‎ نهى محمد مجاهد


حملات تنمر سخيفة قادت إلى انتشار ظاهرة «الخوف من الأجانب» والتنمرالذى بات يستهدف الصينيين بعد أن أثار تفشى فيروس كورونا وانتشاره فى أكثر من 20 دولة آسيوية وأوروبية حالة من الذعر والفزع فى العالم، فبدت الصين وكأنها دولة أشباح يحذر الجميع الاقتراب منها، وبدأ كثيرون يتعاملون مع الصينيين وكأنهم مرضى ينقلون العدوى فى حالة الاقتراب منهم والتعامل معهم! الأمر الذى دفع دول العالم لاتخاذ تدابير وقائية وإجراءات احترازية وصلت فعليا إلى حد التنميط الذى غذى مشاعر الكراهية ضد الأجانب ليعيد إلى الأذهان نفس الأجواء العنصرية التى اجتاحت العالم مع انتشار وباء سارس عام 2003.



وفى الوقت الذى كانت تطالب فيه دول العالم بضرورة القضاء على أى شكل من أشكال التنمر، ارتكبت دول أوروبية وآسيوية هذه الجريمة الشنعاء ضد الشعب الصينى سواء كان لفظيا أونفسيا أو عبر مواقع التواصل الاجتماعى بدافع الخوف من انتشار الفيروس القاتل. وكشفت وسائل الإعلام الإيطالية والبريطانية والأمريكية عن كثير من الحالات التى تعرض فيها السائحون الصينيون حول العالم للاعتداء اللفظى أو علامات الاستياء التى تبدو على وجوه من حولهم فى وسائل النقل العام والخاص فى حالة عدم ارتدائهم الأقنعة الواقية.



ورصدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فى تقرير لها عددا من المواقف المسيئة التى تعرض لها الصينيون أو من يحملون ملامح آسيوية. ففى إيطاليا أجبر فتى صينى يبلغ من العمر 13عاما على الخروج من إحدى مباريات كرة القدم بسبب الإهانات التى تعرض لها بسبب جنسيته. وفى المجر، وضع أصحاب المحلات الفيتناميين لافتات على واجهات محلاتهم تقول «لسنا صينيين. «وفى اليابان، تصدر هاشتاج» «الصينيين لا تأتوا إلى اليابان» قائمة الأكثر تداولا على موقع «تويتر»، هذا بالإضافة إلى الشتائم والتلاسن بالألفاظ عبر وسائل التواصل الاجتماعى واصفين الصينيين بعديمى الشعور و«القذارة». وفى سنغافورة وكوريا الجنوبية، وقع عشرات الآلاف من المواطنين على عريضة تدعو حكوماتهم لحظر دخول الصينيين إلى البلاد. وفى هونج كونج وفيتنام، نشر رجال الأعمال لافتات أعربوا فيها عن عدم ترحيبهم بوجود أى عملاء صينيين. أما فى أستراليا، فقد أعربت الجالية الصينية عن استيائها الشديد ازاء صورة لباندا تضع قناعا أحمر نشرتها صحيفة «ذا هيرالد صن» فى تقرير بعنوان «فيروس الصين» لباندا ، فيما اعتبرته الجالية الصينية البالغ عددها 46 ألف شخص «تمييزا عنصريا غير مقبول». وفى العاصمة التايلاندية بانكوك، امتنع المواطنون عن دخول مراكز التسوق التى تشتهر باقبال السائحين الصينيون عليها. وفى فرنسا، حذرت صحيفة «كورييه بيكارد» الفرنسية فى عنوان عبر غلافها الخارجى تقول فيه «إنذار أصفر»،وهو ما وصفه الصينيون بـ«العنصرية».



وفى إحدى ضواحى تورونتو بكندا، طالب أولياء الأمور بعدم السماح لأبناء الجالية الصينية بدخول المدراس إلا بعد مرور 17 يوما. وفى ماليزيا والفلبين وروسيا وفيتنام، أوقفت الحكومات مؤقتا إصدار أى تأشيرات للمسافرين الصينيين.



وعلى الجانب الآخر، ظهرت بعض المواقف الإنسانية المتعاطفة مع محنة الصينيين الحالية، ففى أحد مطاعم السوشى فى اليابان والتى يمثل الصينيون نسبة 90% من عملائها، أكدت صاحبة المطعم أنه رغم انتشار كورونا فى الصين فإن المطعم ما زال يفتح أبوابه أمام الصينيين بينما تضع إجراءات لحماية الموظفين بارتدائهم أقنعة واقية.



وفى مواجهة هوس الخوف من الأجانب والتنمر ضد الصينيين، تباينت آراء المحللين حول هذه الظاهرة فأكدت كريستى جوفيلا، أستاذ مساعد بمركز الدراسات الآسيوية فى جامعة هاواى، أن بعض مشاعر الكراهية والخوف من الأجانب و الموجهة حاليا ضد الصينيين أساسها خلافات وتوترات سياسية واقتصادية أوسع مع الصين وتتفاقم بشكل أكبر مع مخاوف انتقال العدوى مما أدى فى النهاية إلى عزلة الصين دوليا فألغت معظم خطوط الطيران الجوية فى آسيا وأوروبا رحلاتها للصين ولاسيما مدينة ووهان ، بؤرة الوباء، مع فرض سلسلة من التدابير الطبية اللازمة وتشديد الرقابة فى المطارات تحسبا لدخول الفيروس ، فى الوقت الذى تنصح فيه المؤتمرات الدولية بعدم مشاركة أو حضورالوفود الصينية . فى حين رأت كارين إيجلستون ،مدير برنامج السياسة الصحية بمركز أبحاث شورينستانين بجامعة ستانفورد ،أنه بالطبع لا بد أن يكون هناك رد فعل طبيعى من جانب دول العالم لتجنب الإصابة بالفيروس ولاسيما إذا لم يكن هناك علاج معروف له ، مشيرة إلى أن كثيرا من المعلومات التى تداولتها مواقع التواصل ترقى إلى حد الأخبار الكاذبة.ففى كوريا الجنوبية نشر فيديو على «يوتيوب» يزعم تسرب الفيروس من منشأة أسلحة كيميائية . وفى أستراليا ، حذر خبر مزيف على «انستجرام» من تلوث المواد الغذائية فى محلات سيدنى .