عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
‎البداية الصحيحة
2 فبراير 2020
بريد;


‎عندما يثور السؤال: هل فى العمر بقية لتصحيح أخطاء الماضى وتحقيق أحلام المستقبل؟، فإن الإجابة هى: «ولم لا، وقد خلق الله الإنسان، وهو يجهل مستقبله ليظل دائما متفائلا برحمته تعالى، وواثقا من حسن تدبيره وإدارته مجريات حياته كلها، وهناك سؤال آخر: لماذا نحن دائما لا نبدأ من حيث انتهى الآخرون؟، ولماذا يصر كل منا على خوض التجربة بنفسه متجاهلا كل وسائل النصح والإرشاد الذى يوجهه إليه من مر بالتجربة من قبل؟، ولماذا نكبد أنفسنا عناء تجربة نتيجتها محسومة، بل نحرص على أن نرتحل حتى وإن علمنا أن الرحلة شاقة، والطريق طويل، ربما ينفد منا فيه ما أدخرناه من جهد وطاقة آخذا معه عددا لا بأس به من سنوات العمر ليتركنا فى النهاية أمام مفترق يصعب فيه الاختيار، ويستحيل فيه الرجوع؟.. إننى أرى صورا ومواقف تبدو وكأنها أصبحت نمط حياة.. أراها يوميا فى رفض الأبناء نصائح آبائهم والاستفادة من تجاربهم فى الحياة، وفى زوج عنيد يرفض نصيحة زوجته المحبة التى ترى العالم من حوله بعين مختلفة تستشفها من فرط حبها أسرتها وحرصها على إسعادها، وطالما كانت فطرتها صحيحة ونظرتها صائبة، والزوجة المتجبرة قاسية القلب التى تقدم زوجها وأولادها قربانا لتحقيق رغباتها ونزواتها ضاربة بذلك عرض الحائط بقدسية الحياة الزوجية، ومستهينة بكل ما أعطاها الله من نعم ربما حرمت منها من هى أفضل وأتقى منها ولكنه اختبار من الله وهى متجاهلة فى ذلك تجارب من كن مثلها ولاقين أشد أنواع العقاب.. أما على الصعيد العام فدائما ما نجد بعضا ممن يتولون إدارة أو رئاسة أحد الأماكن الصغيرة أو الكبيرة، والذين تغلبت عليهم أنفسهم فصوّرت لهم أنهم الأحسن والأفضل، ودفعهم التعالي والكبر إلى إنكار كل إنجاز، وتهميش أى نجاح لم يكن لهم دور فيه لتنتهي بهم الحال إلى إلقاء جهود كل من سبقوهم إلى سلة المهملات لتذهب أدراج الرياح آخذة فى طريقها كل ما استنفدته من إمكانيات وموارد مادية أو بشرية، بدلا من أن يسترشدوا بها لتحقيق مزيد من النجاح، وتلافى مزيد من الأخطاء مما يوفر الوقت والجهد وما أحوجنا لذلك.



‎وينازعنى السؤال: لماذا نحن هكذا؟، وإلى متى سنظل نكرر أخطاء الماضى؟ بل أننا نجملها ونزينها لتبدو فى أبهى صورها وكأننا نخشي مواجهتها لكى لا تذكرنا بالفشل والإخفاق، وما العيب أن نعترف أننا يوما قد ضللنا الطريق وعلينا استعادته، فليصالح كل منا نفسه معترفا بأخطائه وليخرجها من بروازها الأنيق ليهوى بها إلى مكان سحيق لا تعود منه أبدا ولنفتح قلوبنا وعقولنا لاستيعاب الحاضر برونقه وجماله وحتى مشكلاته وعثراته فهو يوم جديد منحنا الله تعالى إياه مع فرصة أخرى للحياة فلنستجب ولنبدأ ولكنها ليست كأى بداية فلنبدأ من حيث انتهى الآخرون.



‎ماجدة سالم