عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
الأوبئة.. تاريخ من «الرعب»
1 فبراير 2020
‎ مها صلاح الدين


ما أشبه الليلة بالبارحة.. فصراع الصين مع سلالة جديدة من الفيروسات «الغامضة» مثل كورونا، لا يعد سابقة فى تاريخ الصين، التى اعتادت كل بضعة سنوات على مواجهة أشكال متحورة من فيروسات فتاكة، تظهر بشكل مفاجئ فى أحد مدنها ، لتتحول سريعا إلى وباء عالمى.



فتاريخ الصين حافل بالعديد من الأمثلة فى هذا الصدد، ولعل الأقرب للأذهان متلازمة الالتهاب التنفسى الحاد التى عرفت اختصارا باسم «سارس» ، إذ ظهر المرض للمرة الأولى فى إقليم جوانجدونج جنوب الصين عام ٢٠٠٢، ليصيب نحو ٨ آلاف شخص، وخلف ٨٠٠ قتيل، قبل أن يتمكن العلماء من احتوائه أواخر عام ٢٠٠٣. بعد سارس، كان فيروس إنفلونزا الطيور الشهير «إتش ٥ إن ١»، الذى ظهر للمرة الأولى عام ٢٠٠٣ بمزارع دجاج بمقاطعة هونج كونج الصينية أيضا، قبل انتقاله إلى البشر، متسببا فى وفاة نحو ٤٠٠ شخص حول العالم، لتعلن حينها منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ الصحية العامة، وليتحور الفيروس فيما بعد لما عرف بإنفلونزا الخنازير، الذى تسبب فى وفاة ١٨ ألف شخص.



ولا يقتصر تاريخ الصين مع الأوبئة على العقدين الماضيين، بل بدأ الأمر معها قبل ذلك بكثير، وتحديدا مع اندلاع الإنفلونزا الأسيوية عام ١٩٥٧ ، إذ كانت الصين بؤرة الوباء، الذى اجتاح العالم على نوبتين حاديتن، مخلفا نحو ٤ ملايين قتيل، قبل أن يتم احتوائه أوائل عام ١٩٥٨.



من الأوبئة الشهيرة أيضا، ما عرف عالميا باسم إنفلونزا هونج كونج، الذى ظهر للمرة الأولى بالمقاطعة الصينية قبل ٥٠ عاما، أوائل عام ١٩٦٨، لينتقل سريعا إلى كل دول العالم تقريبا، مخلفا وراءه قرابة مليونى قتيل. وكان الفيروس الفتاك حينها يعد من الفيروسات شديدة العدوى، إذ تسبب فى غضون إسبوعين فقط من تاريخه إصابة ٥٠٠ ألف شخص، بما يعادل ١٥٪ من سكان هونج كونج. وبالرغم من كل تلك الأوبئة والذعر العالمى الذى يبدأ من الصين عادة، يرفض العلماء والمحللون ذلك الربط بين الصين والأوبئة، مؤكدين أن العالم شهد تفشيا لأوبئة أخرى فى مناطق متعددة، لم تكن الصين مصدرها، مثل فيروس زيكا الذى خرج من أمريكا الجنوبية، وإيبولا الذى بدأ من إفريقيا، وحتى الإنفلونزا الإسبانية التى ظهرت فى أوروبا أولا. ونوهوا إلى أن الصين شهدت انخفاضا كبيرا فى انتشار الأمراض المعدية منذ أوائل ستينيات القرن الماضى، وهو إنجاز تحقق عبر التدخلات الصحية واسعة النطاق، وبرامج التطعيم الكبيرة للسكان. ونجحت البلاد فى القضاء على ١١ مرضا معديا، بما فى ذلك الجدرى أوائل الستينيات، قبل ١٩ عاما من استئصاله عالميا. ويرجح المراقبون أن وضع الصين الفريد، كمركز اقتصادى عالمى يشهد حركة هائلة للمسافرين وللبضائع، هو ما يعزز فرص انتشار الأمراض من خلالها.