فى المقهى الثقافى دارت حوارات ندوة «الأدب والإثنوجرافيا»عن أعمال الأديب الراحل يحيى الطاهر عبد الله خاصةً كتاباته عن الكرنك القديم، استهلها الدكتور خالد طايع بـ «قِراءَة لِنقوُشٍ على جُدرَان الكَرنك» تناول فيها موروثات الجنوب فى إبداع يحيى الطاهر .
مؤكداً أنه كان لبيئة الجنوب حضور كبير فى عالم يحيى الأدبي، حيث اقترب الكاتب منها اقتراباً شديداً وعبر عنها متمثلة فى « قرية الكرنك القديم » التى كانت متكررة الحضور فى أعماله لتشكل عالما نابضا حيّا. ولعل أول ما يستوقف النظر حرص يحيى الطاهر على تقديم قرية الكرنك القديم فى ظل وحدة قصصية تُظِل مفردات عالمها، فثمة ثوابت مرشوقة على مدار أعماله نلاحظها كلما وجدنا أنفسنا إزاء عالم هذه القرية، وتمتد هذه الثوابت لتشمل: المفردات المكانية، والشخصياتِ التى يتكرر حضورها فى أكثر من عمل.
بل إن هذه الثوابت التى توجد وحدة العالم القصصى تطول تصورات أهل القرية ومعتقداتهم وأحلامهم، والأمر يتعدي- هنا- مجرد الأحلام والطموحات المشتركة بين أبناء المجتمع الواحد إلى نوع من اتساق الرؤية ووحدة التصورات المُنبئة عن دور المكان والزمان فى صياغة نماذج بشرية تبدو- فى ظل مجتمعها- أقرب إلى التكرار والنمطية إلى الحد الذى لا يلغى خصوصيتها تماما.
وقال إن المتأمل لعالم القرية فى أعمال الطاهر يلاحظ ولعه بالتقاط التفاصيل الصغيرة التى يفوح منها عبق هذا العالم والتى لا يمكن أن يقف عليها- لخصوصيتها فى بيئتها - إلا كاتب منتمٍ لهذا العالم مغرم به، ومن ثم فإن مثل هذا المبدع لا يمكن أن يدير ظهره لتفاصيلَ أشد خصوصية يزخر بها هذا العالم.
وقسم موروثات البيئة الجنوبية فى أعمال يحيى الطاهر إلى ثلاثة أنماط تعبر عن موروثات البيئة الضاغطة وأهمها: قوانين العِرض والشرف، وسطوة الثأر، العصبية القبلية وأسطورة النسب.
ووصف الناقد الأدبى د. رضا عطية كتابات الطاهر عبد الله بأنها تمثل حياة المهمشين والنازحين من بيئات مهمشة إلى المدن الكبرى وقد أثر ذلك فى اللغة التى كان يكتب بها أدبه، كما كان الطاهر يمثل أيديولوجيات هؤلاء المهمشين فى مواجهة الصرامة الاجتماعية والقسوة فى نظام الأسرة فى مقابل تمردهم على النسق الاجتماعي.
وكشف عن أن الطاهر كان يحفظ قصصه لأن الجمل كانت مصاغة بعناية شديدة وطابع حاد للشخصيات ووصفه بأنه شاعر القصة.
واعتبر المهندس ملاك فرحات أن الطاهر عبد الله قاص فريد استطاع أن يطوع التراث الشعبى الموغل فى أعماق المصريين فى قصصه، وكتب بلغة جديدة تستلهم هذا التراث الشعبى من قلب صعيد مصر.