عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
الـ «سى آى إيه».. والوجه القبيح لأمريكا
18 يناير 2020
‎  محمد عز الدين
> ‎ كينيدى > ‎ كاسترو


تتمتع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «سى آى إيه» بسجل رفيع المستوى فى إقصاء خصوم الولايات المتحدة الحقيقيين أو المحتملين بأى وسيلة كانت، وتصل درجة الاحتراف فيه إلى حد وصفه بـ «أقذر سجل» حديث فى العالم الخفى للقتل والخطف والتخلص من الرؤساء والمسئولين والثوار والقادة حول العالم. 



ولعل العمليات الأكثر شهرة فى الوكالة هى تلك التى استهدفت الرئيس الكوبى الراحل فيديل كاسترو، وتراوحت محاولات اغتياله من إطلاق الرصاص والقنابل والمتفجرات، واستخدام القناصة، وقائمة من عمليات خفية وسرية ومؤامرات خيالية تستحق أن تكون جزءاً من أفلام السينما، ومنها استخدام السيجار المتفجر  وتسميم الأطعمة والأدوات المغطاة بالسم، حيث يقال ان محاولات اغتياله بلغت ٦٣٨ محاولة، ومعظمها من تدبير و «السي.آي.إيه»، ولكن على الرغم من أن هذه المحاولات باءت بالفشل. فقد نجحت المخابرات الأمريكية منذ عام ١٩٤٥ فى اغتيال سلسلة من القادة والمسئولين فى أماكن أخرى حول العالم، إما بشكل مباشر كما حدث مؤخراً بتقديم معلومات سهلت اغتيال قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى، قاسم سليمانى، بعد مراقبة لفترة طويلة، أو فى كثير من الأحيان بالإستعانة بعسكريين محليين متعاطفين أو مجرمين محليين أو المنشقين والمعارضين. ونظرًا للقائمة الطويلة من تورط الولايات المتحدة فى الانقلابات والاغتيالات فى جميع أنحاء العالم -اضطرت الوكالة إلى الحد من عمليات القتل هذه بعد أن كشف تحقيق أجراه مجلس الشيوخ الأمريكى فى السبعينيات عن حجم عملياتها.



وبعد التحقيق، وقّع الرئيس جيرالد فورد عام ١٩٧٦ أمرا تنفيذيا يمنع أى موظف فى الحكومة من الاشتراك فى الاغتيالات السياسية أو التآمر فيها. 



 وعلى الرغم من ذلك، لم تتخل الولايات المتحدة تمامًا عن استراتيجية الاغتيالات، حيث قامت ببساطة بتغيير المصطلحات من الاغتيال إلى «القتل المستهدف»، ومن القصف الجوى إلى «هجمات الطائرات بدون طيار» على القادة الإرهابيين المحتملين، ومن بين محاولات القصف الجوى للقادة معمر القذافى فى ليبيا عام ١٩٨٦، وسلوبودان ميلوسوفيتش فى صربيا عام ١٩٩٩ والرئيس العراقى صدام حسين عام ٢٠٠٣.  كما تضم قائمة الاغتيالات المستهدفة التى كشف عنها مؤخراً، أول رئيس وزراء للكونغو باتريس لومومبا، والذى أعتبرته الولايات المتحدة قريباً جدًا من روسيا. ففى عام ١٩٦٠، أرسلت المخابرات الأمريكية عالمًا لاغتياله بفيروس قاتل، على الرغم من أن هذا لم يعد ضروريًا بعدما تم الإطاحة به من منصبه عام ١٩٦٠ بوسائل أخرى.  ومن بين الزعماء الآخرين المستهدفين بالاغتيال فى الستينيات الديكتاتور الدومينيكى رافائيل تروجيلو، ورئيس إندونيسيا سوكارنو.  وفى عام ١٩٧٣، ساعدت المخابرات فى تنظيم الإطاحة برئيس تشيلى سلفادور أليندى، وكانت المهمة شيقة وسهلة للغاية: لقد مات فى يوم الانقلاب!. وفيما يخص الأحاديث المتجددة عن اغتيال الرئيس الأمريكى جون كينيدى، رصدت مجلة «بوليتيكو» الأمريكية شهادة عضو سابق بلجنة التحقيق فى وفاة كينيدى، أكد فيها أن المتهم «لى هارفي» مجرد كبش فداء ولا تربطه علاقة بالقضية!. واستعرض المحامى الأمريكى جاك دافي، فى كتابه «رجل من ٢٠٦٣»، العديد من نظريات المؤامرة حول اغتيال كينيدى، جاء من بينها وجود دوافع لدى الـ «سى آى أيه» للتخلص من كينيدى، حيث لم ترض عنه لأسباب بينها طريقة تعامله مع قضية فيدل كاسترو فى كوبا والحرب الباردة مع روسيا.



وجاء بالكتاب: «أرادت وكالة المخابرات المركزية أن يتخلص كينيدى من كاسترو، الأمر الذى لم يفعله الرئيس، كما كان كينيدى يستعد قبل وفاته لسحب القوات الأمريكية من جنوب فيتنام، لكن المخابرات المركزية كانت تعارض ذلك، وهكذا فإن الوكالة تملك عدة أسباب للقضاء على كينيدي!» كما أن دور «سى آى أيه» كان جلياً فى قتل الإرهابى رقم واحد فى العالم قبل عدة سنوات مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، على الرغم من مشاركة مخابرات ٤ دول فى الإعداد للاغتيال الذى نفذته وحدة «دلتا» القتالية بالقوات الخاصة الأمريكية فى عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، فيما تباهى دونالد ترامب بقتل أبو بكر البغدادى زعيم تنظيم داعش الإرهابى أيضاً اعتماداً على معلومات وكالة المخابرات المركزية، وكلا من جثتى الإرهابيين الكبار تم التخلص منها فى البحر كالعادة لابعاد اى محاولات لنبش أى أسرار لا ترغب « سى آى أيه» بكشفها.  ويبدو أن نغمة التخلص من الإرهابيين الذين ضم ترامب إليهم صيده الثمين -سليمانى - هو نغمة رائجة وصالحة ليس فقط للتباهى الدولى بل والتخلص من الضغوط السياسية والداخلية وترهيب معسكرات معادية وتحجيم أخرى لصالح أمريكا بمساعدة «سى آى إيه»..