عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
العراق: «ورقة انتقام» أمريكية ــ إيرانية
13 يناير 2020
000; 000;


انهي العراق عام 2019 بوضع داخلي متأجج بسبب المظاهرات الكبيرة المطالبة برفع مستويات المعيشة والحد من الفساد، وتحسين الخدمات العامة، ومحاسبة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان في العراق. لكن الأوضاع لا يبدو أنها ستتجه لانفراجة 2020. فالعراق لا شك سيكون «ساحة مواجهة» لتداعيات اغتيال سليماني والمهندس. وقد بدأت تلك التداعيات بالفعل باستهداف إيران لقواعد عسكرية أمريكية في العراق وتصويت البرلمان العراقي علي قرار يدعم طرد القوات الأمريكية وغيرها من القوات العسكرية الأجنبية من الأراضي العراقية. وموافقة البرلمان العراقي علي طلب الحكومة بإنهاء وجود كل القوات الأجنبية في البلاد يعكس مخاوف كثيرين في العراق من أن تزج الضربة الأمريكية بهم في حرب كبري بين قوتين أكبر من بلدهما يحتدم بينهما الخلاف منذ وقت طويل في العراق ومختلف أنحاء المنطقة. وأعتبر علي شمخاني، أمين المجلس الأعلي للأمن القومي الإيراني، أن تصويت البرلمان العراقي يعني أن الوجود العسكري الأمريكي في العراق «يعتبر احتلالا»، فيما قال قيس الخزعلي زعيم عصائب أهل الحق في العراق إن القوات الأمريكية ستعتبر «قوة محتلة إذا لم تغادر البلاد.»



لكن هناك تداعيات معقدة لطرد القوات الأمريكية من العراق من بينها «الانتقام الأمريكي». فقد هدد ترامب فوراً بفرض عقوبات علي العراق أعنف حتي من تلك المفروضة علي إيران إذا ما أقدمت بغداد علي إجبار الـخمسة آلاف جندي امريكي علي الرحيل. وقال ترامب إن أمريكا انفقت مليارات الدولارات علي القاعدة العسكرية الأمريكية في العراق وأن علي العراقيين «دفع تلك المليارات لواشنطن». وإضافة إلي التهديد الأمريكي بفرض عقوبات علي العراق وتدهور العلاقات السياسية بين بغداد وواشنطن، فإن أغلب الظن ان التوترات ستنعكس علي الوضع الأمني في العراق ووقف أي تنسيق فيما يتعلق بمحاربة «داعش» بين العراق وأمريكا وإيران. فرغم العداء المستمر منذ عقود بين طهران وواشنطن، حارب مقاتلون مدعومون من إيران إلي جانب القوات الأمريكية أثناء حرب العراق علي «داعش» بين عامي 2014 و2017.



كما سيؤدي التصعيد إلي استخدام ورقة «داعش» علي الساحة العراقية المعقدة. فهناك كثير من الأطراف التي لها مصلحة في «إطلاق داعش من القمقم» لمعاقبة العراق علي قرار إخراج القوات الأمريكية. أضف إلي ذلك مخاوف تأجيج الصراع الطائفي في العراق.



وستكشف الأيام والأسابيع المقبلة حجم تداعيات التصعيد الأمريكي -الإيراني علي الساحة العراقية وسط مخاوف كبيرة من العراقيين. ففي حالة تعرض القوات الأمريكية في العراق للطرد أو تم استهدافها سترد أمريكا بعقوبات قاسية، كما هدد ترامب، في بلد يعاني بالفعل أوضاعا اقتصادية وسياسية وأمنية صعبة تهدد بتحويله لـ«دولة فاشلة» خاصة إذا قررت واشنطن أنه إذا لم يكن لها وجود ونفوذ في العراق فإنه ستجعله «ساحة خراب» كي تقلب الطاولة علي طهران.