عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
الرئيس البرازيلى الأسبق لولا دا سيلفا فى أول حوار لصحيفة عربية بعد خروجه من السجن : أُصارع لتبرئة اسمى من تهم كاذبة بعد نضال طويل من أجل بلادى
20 ديسمبر 2019
إبراهيم السخاوى



  • مصر والبرازيل دولتان كبيرتان تستحقان مقعدين دائمين بمجلس الأمن


  • كان للأمم المتحدة القوة لإقامة دولة إسرائيل وعليها استخدام القوة نفسها لإقامة الدولة الفلسطينية


  •  تعلمنا من التاريخ أنه حال غياب السياسة يأتى الأسوأ دائمًا


  • الزج بى فى السجون كان «مؤامرة» لمنعى من الترشح فى الانتخابات الماضية


  • عزل ديلما روسيف كان «مكيدة» من جماعات المصالح


  • لم أحسم موقفى من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.. وحزب العمال لديه قادة كثيرون يصلحون للحكم

     



 



 






لم يختر أن يكون أحد راقصى السامبا المدهشين، ولا لاعبا برازيليا فذا فى كرة القدم، كما جرت العادة فى هذه البلاد البعيدة، لكن اختاره الفقر، واختار هو أن يحارب هذا الفقر باغيا تحقيق السعادة والرخاء لشعب البرازيل..



بدأ لويس ايناسيو لولا دا سيلفا- الرئيس الخامس والثلاثين للبرازيل- حياته بائعا للفول السودانى وماسحا للأحذية فى شوارع ساو باولو ثم عامل تعدين، هذا العامل البسيط استثمر خبراته فى مشروعه الذى قام على » العدالة والتنمية وبناء الدولة والحرية والمساواة ». فبعد أن كانت البرازيل دولة ضعيفة اقتصاديا فإذا به يحولها فى غضون 8 سنوات إلى سادس أكبر اقتصاد فى العالم محققا معجزة شهد لها العالم. . إن نجاح عامل بدرجة رئيس أكبر دولة فى أمريكا الجنوبية لم يكن ليرضى به أرباب الراسمالية «الرثة » أو جماعات المصالح. لقد كان عقابا عنيفا لشعب البرازيل عندما تم التآمر على «لولا دا سيلفا» وادخاله السجن كى لا يعاود الكره ويترشح للانتخابات الرئاسية مجددا فى 2018 . خرج دا سيلفا من السجن على ذمة قضايا تتعلق بالفساد وكانت التهم الموجهة له حصوله على منزل من ثلاثة طوابق فى منتجع قريب من ساو باولو مقابل منح عقود لمجموعة للأشغال العامة،بالاضافة الى إعاقة تحقيق العدالة، وغسل الأموال، واستغلال النفوذ، لكنه نفى ذلك متهما خصومه بالكاذبين .



دا سيلفا كان ضحية حرب قانونية، كما يقول محاموه، وتم استخدام القانون ضده لأهداف سياسية، مشيرين إلى أنها طريقة شهيرة تستخدمها دائما الأنظمة الديكتاتورية عبر التاريخ.  



لويس إيناسيو لولا دا سيلفا  ( 74 عاما) ، تخطت شعبيته حدود بلاده ، فقد ترك للبرازيل اسما له وزنه فى دنيا النضال والسياسة . اختير شخصية العام فى 2009م من قبل صحيفة لوموند الفرنسية، وصنف فى السنة التالية حسب مجلة «تايم» الأمريكية الزعيم الأكثر تأثيرا فى العالم.  ، قدم دا سيلفا العديد من برامج الإصلاح الاجتماعى لحل مشكلة الفقر ، حيث استطاع خلال فترة حكمه 2002 - 2010 أن يحقق طفرة اقتصادية،من خلال تمويل البرامج الاجتماعية، وانتشل 13 مليون أسرة من الفقر ، بالإضافة إلى تحقيق فائض بالميزان التجاري، ومساعدة الأسواق المالية فى التخلى عن مخاوفها. علاوة على توسيع الدور الدولى لأكبر دولة فى أمريكا اللاتينية ، مستخدما دبلوماسية «التوازن الناعم» علاوة على الإنجاز الرياضى للوعى السياسى باستضافة بلاده لكأس العالم و الالميبياد، ورغم خروجه من السجن، إلا أنه قال سوف أحارب لإنقاذ سمعتى من القضايا التى مازالت عالقه حيث يرى أن براءته مازالت مؤجلة .. مستنكرا ما يحدث له بعد ما قدمه لبلاده من خدمات جليله.



ونظرا لصدى اسمه ومشواره فكان لابد من حوار مع صانع معجزة البرازيل ،لأن استقصاء أثره واجب، وسماع إجاباته ملّح، وتقديرا لجريدة الأهرام العريقة ومعرفته الشخصية هو ومن حوله بى منذ كنت مراسلا للأهرام بالبرازيل وإصدارى كتابا عن تجربته .. وبعد عدة مرات من التواصل أرسل لى اجاباته على أسئلة هذا الحوار الشامل الذى يعد أول حوار لصحيفة عربية بعد خروجه من السجن ، حيث راح الرجل يتذكر ما كان وما قد يكون فى مشوار طويل قطعه وبلاده نحو العدالة والتحقق، وتناول فيه قضايا الحرية والنضال.. اليسار واليمين..وأداء حكومة الرئيس الجديد بولسونارو.. والمؤامرات والمكائد.. والعلاقة مع العالم العربى والقضية الفلسطينية وإفريقيا.. وترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة والتنسيق بين مصر والبرازيل حال إقرار الإصلاحات فى مجلس الأمن وغيرها من القضايا.. وإلى تفاصيل الحوار..



 



تم توجيه الاتهام لكم فى قضايا تتعلق بالفساد وحكم عليك بالسجن؟ هل تعتقد أنه كانت هناك مخاوف من تيار اليمين من ترشحك للانتخابات الرئاسية لعام 2018؟



إن ما حدث فى البرازيل يعنى عدم تقبلهم مطلقا فوز ديلما روسيف فى انتخابات عام 2014 ، وهو النصر الانتخابى الرابع على التوالى لحزب العمال. لم تقبل قطاعات المعارضة النتيجة وفعلت كل ما فى وسعها للإطاحة بالرئيسة ديلما فى عام 2016 ، بل وعزلها دون مبرر.  لم يكن انقلابهم على ديلما فى عام 2016 ، كى يسمحوا لى بالترشح والفوز بالانتخابات فى عام 2018. لذا كان عليهم منعى بطريقة ما من الترشح، خاصة أن اسمى تصدر جميع استطلاعات الرأي.  لقد أصبح من الواضح يوما بعد آخر أنه كانت هناك «مؤامرة» وسباق داخل أروقة القضاء ضدى وتوجيه اتهامات كاذبة لا أساس لها لإخراجى من السباق الانتخابي. بعدها صار القاضى الذى أداننى فيما بعد وزيرًا فى حكومة جاير بولسينارو، الذى فاز فى الانتخابات فقط لأننى لم اخضها أمامه.



هل تعتبر أن ما عزل ديلما روسيف يمثل مؤامرة من جماعات المصالح ؟



لقد كان انقلابا من نوع جديد، لم تُستخدم فيه الدبابات، ولكن كان هناك الدور المؤثر لبعض القطاعات الإعلامية والسياسية. بحسب النظام الرئاسى البرازيلى لابد من ارتكاب جريمة تتعلق بالمسئولية حتى تتم الإقالة. لكن الأمر لم يكن هكذا، لذا كان انقلابًا، ومكيدة من القطاعات المحافظة التى لم تتمكن من استعادة حكم البرازيل بالتصويت. 



 وما هو رأيك فى الرئيس الجديد جاير بولسونارو وأداء حكومته ؟



بولسونارو دائمًا  كان يقول عن نفسه إنه جاء لهدم الكثير من الأشياء فى البرازيل، وليس البناء. إنها ليست الحكومة التى تتحدث عن توفير الوظائف، وإيجاد الفرص، والحد من الفقر. لقد جاء بحكومة خاضعة تمامًا للأمريكيين وضد المصالح الوطنية. آمل أن يغير سلوكه ويتولى مسئولية الحكم لجميع البرازيليين، وخاصة الأكثر فقراً.  للأسف لم نر هذا، والشعب هو الذى يدفع الثمن.



هل هناك خوف حال استمرار الحكومات اليمينية فى الحكم أن تقضى على المكتسبات الاجتماعية للفقراء والعمال التى تحققت خلال فترة حكمكم للبرازيل ؟



لقد حُرم الشعب البرازيلى من الكثير من الحقوق وشهدنا انتكاسات مع تزايد معدلات الفقر والبؤس وعدم المساواة بين الأغنياء والفقراء وتزايد عدد الأطفال الذين يتسولون فى الطرقات. لا يمكن النظر إلى الفقراء فى أى دولة على أنهم مشكلة. إن الحل ينطوى فى أن تسعى البلدان لتضمين الفقراء فى برامجها الاقتصادية، وإتاحة فرص التعليم وتوفير السكن والعمل. هكذا نمت البرازيل وعاشت أفضل فتراتها، حين نهضت الحكومات بالاقتصاد من خلال الشمولية الاجتماعية.



وفقا لبعض أعضاء حزب العمال النافذين ، لعبت الولايات المتحدة دورا فيما حدث فى البرازيل، ما هو رأيك؟



إنه ليس مجرد رأي، بل هناك أدلة ملموسة على أن وزارة العدل الأمريكية ساعدت المدعين البرازيليين بصورة غير قانونية. مع الأسف، كان من الممكن للولايات المتحدة أن تعمل بشكل مثمر أكثر فى أمريكا اللاتينية. لقد أقامت حكومتى علاقات جيدة مع الأمريكيين، لكن على الأمريكان أن يفهموا أن أمريكا اللاتينية النامية ذات سيادة وأن الديمقراطية الحقيقة تعمل لمصلحة الجميع.



برأيك بعد هذا الكم الكبير من الأخطاء التى ارتكبت..هل يحتاج اليسار وفى القلب منه حزب العمال إلى اتباع استراتيجية جديدة؟



أعتقد أننا جميعا دائما نتعلم ونصحح ونطور من أنفسنا فى هذه الحياة. لقد ناضلنا قليلا من أجل أخطائنا، وكثيرا بسبب نجاحاتنا. انظر ماذا فعلوا كى يطيحوا بحزب العمال: لقد أطاحوا بالرئيسة ديلما روسيف دون سبب.  كما اعتقلوا وأبعدوا من المنافسة المرشح الذى تصدر إلى حد بعيد صناديق الاقتراع ، وهو أنا، وعلى الرغم من ذلك جاء فرناندو حداد ليحل محلى ليحصل على 47 مليون صوت، وعليه ذهب إلى الجولة الثانية وكان سيفوز فى الانتخابات. لقد اداروا حملة مخزية من الأكاذيب ضده عبر وسائل التواصل الاجتماعى لانتخاب شخص آخر، أى بولسونارو، الذى قدم نفسه على أنه «حديث» على السياسة فى حين أنه كان فى الكونجرس لمدة 28 عامًا



وهو الذى كان يدعى أنه يكره السياسة،والآن وضع جميع أبنائه فى مهن سياسية. لقد أضروا بالاقتصاد ووضعوا سلسلة من السياسات العامة للقضاء على حزب العمال. وقد تحمل حزب العمال كل ذلك بصورة سلمية، مؤمنًا دائمًا بالديمقراطية، ويعمل دائمًا من خلال الحوار. إن ما نحتاج إليه حيال هذا السيناريو هو فتح قنوات للحوار مع الشعب، والاصرار على توضيح أن هذا الانقلاب لم يكن لإخراج حزب العمال من السلطة،  بل لتجريد العمال والهنود والنساء والسود من حقوقهم. إن الانقلاب لم يكن ضد حزب العمال، بل كان ضد البرازيل.



كان لديك فلسفة خاصة فى العمل الاجتماعي، ما هى الاستراتيجية التى تبنيتها ؟ وكيف أثر ذلك على الفقراء؟



كان هدفى فى الحكومة بسيطًا للغاية:وهو ضمان حصول جميع البرازيليين على 3 وجبات فى اليوم ، وعدم تجويع أى شخص، بحيث لا يمكن للبلاد أن تقر بأن لديها أطفالا جوعي. بالديمقراطية ونضوج الشعب البرازيلى يصير هذا ممكنا، ومن ثم نضمن حق كل فرد فى الحصول على التعليم، والمسكن، والعمل اللائق، والسيارة. التأكد من شراء ما ينتجه المزارعون، وضمان وجبة جيدة للأطفال فى المدرسة. عندما يكون لدى الأفراد فرصة لحياة أفضل، فإنهم يغتنمونها.



البرازيل بلد غنى وشعب فقير.. كيف ترى هذه العبارة؟



هذا هو إثم عدم المساواة. عانت البلاد من العبودية أكثر من 3 قرون . من الناحية التاريخية كان الحكم على ثلث عدد السكان. لذا كان شعار حكومتى هو البرازيل بلد الجميع وهى أرض الفرص . لأننى حكمت للجميع، مع إيلاء اهتمام خاص للفقراء ، أولئك الذين هم فى أمس الحاجة إلى المساعدة. ستكون البرازيل أكثر ثراءً وأعظم إذا أعطت الفرصة للجميع مرة أخرى ، وأعطت شبابهم فرصة كاملة للدراسة وتطوير إمكاناتهم.



لقد ألهمت تجربتك التنموية فى البرازيل العديد من البلدان حول العالم.. هل تعتقد أنه يمكن تكرارها ؟ وما هى نصيحتك فى هذا الصدد؟



أعتقد أن لكل دولة واقعها وخصوصيتها، لا توجد صيغة ما تصلح لكل مكان. ما أؤكد عليه دائمًا هو أنه يتعين على البلدان أن تدرج حاجة الفقراء فى ميزانيتها. يمثل الجيش جزءا من ميزانية البلاد، وأيضا موظفى الخدمة المدنية، ودعم الاستثمارات، ولكن الفقير غائب عن المشهد، فهو لا يشارك فى اجتماعات الحكومة، وأنه فى العموم لا يشارك فى التظاهرات لأنه لا يمثل جزءا من القطاعات المنظمة فى المجتمع. . وعندما تنشئ برنامجًا مثل «الاعانة العائلية»، الذى يضع أموالا فى أيدى أمهات الأطفال الفقراء ، مقابل ذهاب أطفالهم إلى المدرسة ، وليس لفتح حسابً مصرفيً فى الخارج والمضاربة بذلك المال، بل لشراء الطعام والملبس الذى تحتاجه، واللوازم المدرسية للأطفال وغيره، يؤدى ذلك إلى تحفيز حركة التجارة والمزيد من الوظائف و الطلب من المصانع. هذه هى الطريقة التى تحرك الاقتصاد. 



من الناحية السياسية والاقتصادية، ما هى أهمية حصول بلاد السامبا على الحق فى تنظيم الحدثين الأكثر أهمية فى مجال الرياضة «كأس العالم والأوليمبياد»؟



عندما تركت المنصب الرئاسى فى عام 2010 ، كانت البرازيل تجمع بين النمو الاقتصادى والاندماج الاجتماعى وخلق فرص العمل والديمقراطية. هذا جذب انتباه العالم بصورة إيجابية للبرازيل. وأظهرت الاستطلاعات أن الشعب البرازيلى هو الأكثر تفاؤلاً فى العالم. وضعتنا توقعات جميع التقديرات الاقتصادية فى مكانة خامس أكبر اقتصاد فى العالم، بعد ألمانيا واليابان والصين والولايات المتحدة. هذه هى إمكاناتنا. وأعتقد أن إمكانات البلاد ما زالت كما هي. فقط ثق بنفسك، استثمر فى الناس بدلاً من استغلالهم.



ماهو تصوركم لموجة اليمين المتطرف فى العالم؟



تقول الكاتبة الموزمبيقية ميا كوتو إنه فى أوقات الرعب نختار الوحوش لحمايتنا. أعتقد أن هذا يفسر الكثير من الوضع الحالي. بعد أزمة عام 2008 ، لم يتعاف العالم بالكامل من تلك المرحلة، وسادت حالة من انعدام الأمن ، فكان على البلدان أن تعزل نفسها. أنهت التكنولوجيا على العديد من الوظائف. وتجردت الإنسانية الحقيقية مع الهاتف المحمول. تعانى الكثير من البلدان من ممارسة حقها فى السياسة والحوار. إن السياسة، بكل صعوباتها، هى الطريقة الوحيدة التى يمكن للناس من خلالها فهم بعضهم البعض. يعلمنا التاريخ أنه حال غياب السياسة، يأتى ما هو الأسوأ دائمًا. 



كيف ترى محاولات اليمين للإطاحة بتجارب الاستقلال الوطنى فى أمريكا اللاتينية؟



لكل دولة فى أمريكا اللاتينية تاريخها وخصوصيتها، لكننا نتقاسم الكثير من المشكلات ونعيش فى نفس البقعة الجغرافية من العالم. لقد تجرعنا جميعا مرارة الاستغلال الاستعماري، والديكتاتوريات، كانت هناك فترة ما، عندما كنت أنا وكيرشنر فى الأرجنتين وشافيز  فى فنزويلا كرؤساء،  كانت فترة خاصة جدًا من التكامل والديمقراطية والاحترام المتبادل بين الرؤساء، حتى أولئك الذين كانت لديهم اختلافات أيديولوجية كبرى فيما بينهم. أقمت علاقات جيدة مع جوستافو أوريبى وسيباستيان بينيرا، الرؤساء الأكثر محافظة ، أنشأنا معًا الأوناسور. لكن للأسف، دفعت النخب المحلية دول المنطقة كى تدير ظهرها لبعضها البعض. تعتقد حكومة بولسونارو أنها سوف تنال شيئًا من الولايات المتحدة من خلال إذلال نفسها لترامب. لن يحدث هذا، لكننى أثق بالديمقراطية وأن الشعب سوف يقيم عواقب عودة الليبرالية الجديدة فى المنطقة ويختار حكامًا أفضل. 



يتذكر العالم العربى مواقفكم الشجاعة تجاه القضية الفلسطينية ..هل تعتقد أن هناك أملاً لإقامة دولة فلسطينية مستقلة؟



إن موقف البرازيل، حتى قدوم بولسونارو، كان دائمًا مع حل الدولتين، وكما كان للأمم المتحدة القوة لإقامة دولة إسرائيل، فعليها أن تستخدم نفس هذه القوة لإقامة الدولة الفلسطينية. يؤسفنى أن هذا قد تغير. أعتقد أن كلا الشعبين لا يريد الحرب، لا الإسرائيلى ولا الفلسطيني. هناك مصالح القلة القوية، ومصالح لآخرين من خارج المنطقة فى استمرار الصراع. دائما ما تريد الشعوب السلام. يعيش العرب واليهود فى البرازيل بطريقة متناغمة. وأرى أنه ما لم نضع كل المصالح على الطاولة ذاتها حيث يشارك الجميع فى الحوار، لن يتحقق السلام. لكننى متفائل بطبيعتي، وآمل أن أعيش حتى أرى إحلال السلام فى المنطقة. 



 كيف ترى التعاون فيما بين بلدان الجنوب، بالنظر إلى أنكم أول من طالب بآليات التعاون مع افريقيا والعالم العربي؟



أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن نستكشف كل العلاقات الممكنة بين بلادنا . ففى عام 2009 ، فى مجموعة العشرين G20، ناقشنا أن حل الأزمة الاقتصادية يتمثل فى تعزيز النمو والاندماج الاجتماعى للفقراء فى إفريقيا وآسيا، وهو ما يعزز النمو العالمي. لكن بدلاً من ذلك، تحولت الدول يصورة متزايدة لتنبى سياسة الحمائية. لقد كانت منطقتنا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا مشروطة فى القرون الأخيرة بعدم النظر إلى بعضها البعض، بل تصويب أعيننا على أوروبا ثم إلى الولايات المتحدة. جاء صعود الصين ونمو الهند ليفتح الفرص أمامنا. فهناك الكثير من القواسم المشتركة بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية ، بحيث يمكنهما مشاركة العديد من الحلول والفرص، ليس فقط مع المواد الخام ، ولكن أيضًا مع المنتجات الصناعية. لدينا المحيط الأطلسى الذى يمكن أن يكون طريقًا كبيرًا بين الساحل الغربى لأفريقيا وساحل أمريكا الجنوبية ، وكل تكنولوجيا الزراعة الأستوائية التى أتقنتها البرازيل. وتعد البرازيل هى ثانى أكبر بلد أسود فى العالم، كما أن هناك مجتمعا عربيا ضخما فى البلاد. فمثلا فى السنوات العشر الأولى من حكم حزب العمال، نمت التجارة بين البرازيل والدول العربية بنسبة 300 %. من الممكن إيجاد عالم آخر أكثر عدالة وتنوعاً خال من الفقر والجوع. أنا لا أدعى هذا من منطلق رأي، بل أعلم أنه من الممكن، من خلال معايشة حية للتجربة. لقد كنت رئيساً للبرازيل لمدة ثمانى سنوات وأرى ما الذى يمكن أن تفعله الحكومات عندما تتحمل مسئولية مكافحة الفقر، وما الذى يمكن أن تفعله الدول عندما تقرر العمل معًا من أجل السلام والتنمية.



وسط هيمنة الكبار على السياسة والاقتصاد هل تعتقد أن العالم الآن فى حاجة إلى إحداث إصلاحات فى مجلس الأمن؟



العالم بالفعل بحاجة إلى إصلاح كبير لطريقة إدارته، فلا يمكن للعالم الحفاظ على نفس بنية نهاية الحرب العالمية الثانية، كما لا يمكن استبدالها بشيء مباح. من الضرورى إدراك صعود الصين والهند، أى البلدان التى يزيد عدد سكانها على مليار نسمة. وتحتاج إفريقيا وأمريكا اللاتينية إلى عضوية مجلس الأمن.  لدينا تحديات عالمية: تغير المناخ ، الهجرة ، مكافحة الفقر. يتعين على الدول التعاون مع بعضها البعض لحل هذه المشكلات. كلنا نتشارك فى نفس الكوكب.



إذا حدث تفكير جاد فى إجراء إصلاحات بمجلس الأمن وتم توسيع دائرة الدول دائمة العضوية.. فهل يمكن للبرازيل ومصر التنسيق معا فى هذا السياق؟



نعم ..أعتقد أنه من الضرورى أن يكون لدولة فى إفريقيا مثل مصر وفى أمريكا اللاتينية، مثل البرازيل، تواجد «كعضوان دائمان»، لأنهما يعرفان منطقتهما أكثر من غيرهما.



أخيرا .. هل تفكر فى خوض الانتخابات الرئاسية القادمة ... إذا سارت الأمور بشكل طبيعي؟



لا يزال هناك 3 سنوات متبقية للانتخابات المقبلة.. أنا الآن أُصارع من أجل تبرئة  نفسي.. فلا يمكننى تقبل أنه بعد عقود من النضال من أجل مصلحة البرازيل، يأتى مجموعة من الكاذبين ويوصمون اسمى دون دليل.



لقد كنت رئيسا للبرازيل مرتين، وأُفضل أن تظهر أسماء جديدة، وحزب العمال لديه مرشحون جيدون.  لقد كان لفرناندو حداد صوت معبر فى الانتخابات الأخيرة. لكن فى السياسه لا يمكننا أن نقول «لن يحدث » لأن الترشح ليس قرارا شخصيا، وإنما يمثل قطاعات وآمال المجتمع البرازيلي.. وانا دائما أحترم قرار الشعب البرازيلى  .