طفل اسمه «جمال» لم يتم الخامسة من عمره، أبوه بائع أنابيب وأمه ربة منزل ومحل إقامته قرية الأحمدية بمركز شربين بمحافظة الدقهلية، مات فجأة بين يدى أمه، الأمر يبدو طبيعيا إذا كان الطفل قد أصيب بمرض ما، لكن الذى حدث أن جمال مات بعد اثنى عشر يوما من وفاة شقيقته الصغيرة «ريماس» ذات الأعوام الثلاثة!.
يمكن أيضا تقبل ذلك مع تعميق الشعور بالحزن لحال الأبوين لاسيما الأم التى لابد أن قلبها مزقه الألم، أما عقلها فقليل إذا ما أصابه الجنون لفقد الطفلين تباعا.
زاد من الحزن على الطفلين أن حياة والديهما غير مستقرة والأم تبيت على طلب الطلاق ولأن أهل القرى تسرى بينهم الأسرار كالأنين فى هزيع الليل، سرعان ما انكشف سر الجريمة.. وفاة الطفلين وقعت قبل شهر وبضعة أيام ولكن ما تم تدبيره فى الظلام ظهر فى عز النهار الهمس فى القرية كان يتجه نحو ما لا يمكن تصور حدوثه، لكنه حدث بالفعل، فقد تسربت أنباء عن قيام الأم المدعوة لمياء بشراء دواء لعلاج أمراض القلب من إحدى الصيدليات وأعطته لطفليها وهى تعلم من خلال خبرتها مع بعض المرضى من أهل بيتها أن زيادة الجرعة من هذا الدواء تؤدى إلى الموت المحقق، ثم إنه سيبدو موتا طبيعيا ولن يشك فيها أحد أبدا.
لماذا فعلت هذا يا لمياء؟!
هكذا كان سؤال ضابط فريق البحث الذى أمر به اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام بعد بلاغ الأب «سامي» متهما زوجته لمياء بقتل الطفلين بالدواء.. كان يمكن أن تنكر وكان لديها فرصة لكسب تعاطف الناس بادعاء الظلم حتى يبت تقرير الطب الشرعى بعد قرار النيابة باستخراج جثتى الشقيقين، لكنها قصرت المسافات على نفسها وعلى المحققين من الشرطة والنيابة وعلى القلوب المتلهفة لكشف الحقيقة واعترفت بتفاصيل كل شيء بإصرار عجيب ــ نعم قتلتهما كرها فى أبيهما لأحصل على الطلاق وأصيبه بالحسرة لتعلقه بهما.
ــ هل أصيبت لمياء بالجنون؟!
فمثل هذه الأفعال لا تتأتى إلا من مجانين، لكن المحيطين بها يعرفون أنها ليست مجنونة وإن كانت تبدو حانقة، كارهة، رافضة لكل شيء، تحمل حقدا بدون أى مبرر تجاه الكثيرين، لكن كل هذا السواد لم يصل إلى الجنون الفعلى وإلا صار كل المجرمين مجانين.
الزوج لم يكد يصدق ما سمعه فى البداية، كان يئن تحت وطأة ألم لا تطيقه الجبال، لكنه عثر على أربعة أشرطة لحبوب الدواء الذى كانت زوجته تعطيه للطفلين على أنه دواء معتاد ولم يلتفت أحد لنوعيته أو ساوره الشك بأنها تعمل على قتل طفليها.. ماتت ريماس وبعدها جمال فى قرية بشربين ومضى الأمر لأيام ولم يشك أحد حتى كشف الجريمة قبل 3 أيام فقط، وقبل كشف جريمة لمياء وقعت أحداث جريمة مشابهة لكن فى مصر الجديدة وبالتحديد فى حى النزهة، إنها جريمة تحدثت عنها الصحف ومواقع الإنترنت فى أواخر نوفمبر الماضى عن «ياسمين» الصيدلانية التى قتلت طفلتها «كاميليا» بقطرات من دواء مخدر نكاية فى طليقها رجل الأعمال حتى لا يأخذ منها الطفلة لأنها زهقت من حياتها حسب اعترافاتها أمام النيابة كما أنها تشكو من اضطرابات نفسية وعصبية!.. شهر نوفمبر الماضى شهد أيضا قيام أم تدعى سها بترك طفليها «شادي» (3 سنوات) و»يزن» (3 شهور) على بسطة سلم بسبب خلافات مع زوجها المطرب الشعبى المتزوج من ثلاث أخريات!.. ولا ننسى الأسبوع قبل الماضي.. جريمة رشا زوجة «محمد طبيب الأسنان وأم ولديه التوءمين «مازن» و»عمر» اللذين لم يزد عمرهما على 18 شهرا، والعجيب أنهما جاءا بعد معاناة لعمليات الحقن المجهري، لتحقيق حلم الزوجين فى الأبوة والأمومة ولكنهما لم يحققا الأمل فى قبول عائلة الأب لزواجه وهو الطبيب، ممن تكبره بتسع سنوات، فقررا الانفصال والتخلص من الرضيعين، فارتدت الأم النقاب وعبرت النيل من روض الفرج بالقاهرة إلى بشتيل بشمال الجيزة لتسلم طفليها إلى حضانة بشارع الأربعين وتهرب دون أن تترك بياناتها أو ما يدل عليها وكادت تفلت لولا توصل مباحث الجيزة بإشراف اللواء محمود السبيلى مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة إليها ومع ذلك رفضت مع زوجها تسلم الطفلين وقالت لجهات التحقيق: «ربوهم أنتم بمعرفتكم».
الأطفال شادى ويزن ومازن وعمر الذين ألقوا بأيدى آبائهم فى عرض الطريق فأفلتوا من الموت، هل تراهم أسعد حظا من جمال وريماس وكاميليا من سبقهما من الأطفال إلى الموت بأيدى أمهاتهم فى لحظة جنون أو رغبة إجرامية؟!.. أم أن حظهم أكثر تعاسة لما سوف يواجههم من مصير مجهول بعيدا عن آباء تخلصوا منهم بمنتهى الوعى دون أى شعور بمسئولية أو تأنيب من ضمير؟!.